الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الضرة مُرة .. ولو كانت جرّة»!

«الضرة مُرة .. ولو كانت جرّة»!
18 يوليو 2010 21:13
«تزوج رجل من فتاة أحبها وأحبته، ودام زواجهما لا يعكره غير صفو عدم إنجاب الزوجة بعد عدة سنوات من الزواج، ولأنها تحبه وتعلم شغفه بالإنجاب، ألحت عليه ذات يوم وقالت له: «لمـاذا لا تتزوج ثانية يا زوجي العزيز، ليس لديّ مانع في ذلك، هذا حقك، وربما تنجب لك الزوجة الجديدة أبناء يحملون اسمك ويحيون ذكرك». قال الزوج: « نعم.. ولكنني أتجنب الغيرة والمشاكل التي يمكن أن تحدث بينكما بكل تأكيد»! فقالت الزوجة:» كلا يا زوجي العزيز..أنا أحبك، وأتمنى أن أرى لك ولداً أحمله وأحبه، وسوف أراعيها ولن تحدث أية مشاكل بيننا، وأنا لا أريد أن أخسرك». وبعد إلحاح متكرر من الزوجة، وافق الزوج وأبلغها أنه سيسافر ويتزوج من مدينة أخرى، وسوف يبقى معها لفترة حتى تحمل وليتجنب أية مشاكل محتملة بينهما. وبعد فترة مناسبة عاد الزوج إلى بيته خلسة مصطحباً «جرة «كبيرة من الفخار على هيئة امرأة، وقد ألبسها ثياب امرأة، وغطاها بعباءة، وخصص لها حجرة، وسمح لزوجته أن تراها من بعيد وهي نائمة، وخرج لها وقال لها: « ها أنا قد حققت نصيحتك يا زوجتي العزيزة، وتزوجت من هذه الفتاة النائمة، دعيها الليلة تنام لترتاح من عناء السفر، وغداً أقدمك إليها، وفي الصباح خرج إلى عمله بعد أن أغلق غرفة الزوجة الجديدة، وعندما عاد من عمله وجد زوجته تبكي، فسألها عن سبب البكاء، فقالت له:» إن امرأتك الجديدة سبتني، وأهانتني إهانة مريرة، ولن أتحمل أو أصبر على ذلك»! تعجب الزوج في نفسه، وهم غاضباً وقال:» لا أرضى بإهانتك زوجتي العزيزة، وسترين بعينيك ماذا أفعل بها.. وأمسك عصاه الغليظة، وضرب «الضرة» الفخارية على رأسها وجانبيها، فتهشمت، واكتشفت الزوجة الحقيقة، وذهلت من المفاجأة، واستحت من ادعائها. فسألها الزوج:» قد أدبتها.. هل أنت راضية ؟ فأجابته:» لا تلومني يازوجي الحبيب .. فالضرة مُرة ولو كانت جرة»..! ..لا نعلم مدى واقعية هذه القصة، إنما هي حكاية نقلتها كتب التراث الشعبي في تفسير وتحليل للمثل الشعبي المذكور» الضرة مُرة ولو كانت جرة»! إنما هي بلاشك تحمل في طياتها دلالات ومعاني نفسية وسيكولوجية واجتماعية عديدة، وتشير إلى حقيقة الخلاف الأزلي، وكنه المشاعر التي تئن منها المرأة إن تزوج زوجها من أخرى، مهما كانت الأسباب، وباتت موضوعاً حاضراً في الأدبيات والكتابات والمعالجات السينمائية والدرامية العربية. لكن إلى أي مدى يسبب الزواج الثاني للزوج من أضرار نفسية على الزوجة الأولى؟ تقول زوجة تزوج رجلها بأخرى في ذهول:» أحسست دون مقدمات بأنني لا شيء ..إحساس لم أشعر به من قبل..أشعر أنني أصبحت لاشيء.. كأنني لم أولد ولم أعش ولم أتزوج ولم أنجب! الفراغ يعنون حياتي..لا أعرف كيف أتعامل مع زوجي بعدما حدث؟». ف.ن.س.»موظفة» عمرها 33 سنة، وأم لطفلتين، تقول:» لم ألحظ أي تغيير في سلوك زوجي، ولم أتوقع ما حدث، لم يتغير معي! ولم أفكر للحظة أن أصبح زوجته القديمة بعد زواج استمر تسع سنوات.ماذا أقول لابنتي وهي في عامها السابع، إنها لن تفهم شيئا، هل أستطيع أن أتكيف مع الوضع الجديد؟ أشك في ذلك! شعوري بالحرج يمتد إلى عائلتي وأقربائي ومعارفي وجيراني، لم أتخيل يوماً أن أواجههم بنفس مكسورة، إنني عاجزة عن تقديم أية مبررات، إسألوه ، من المؤكد لديه الجواب». زوجة أخرى كتبت إلى»الاتحاد»، تقول:»...لقد سقطت في فخ «الزوجة الثانية» ولا أعرف كيف؟ لقد أحببته منذ النظرة الأولى في لحظات اندفاع وطيش، ولم أستطع مقاومة سيل العواطف الجياشة التي غمرني وحاصرني بها رغم علمي أنه متزوج، .. تخلى عني مادياً تقريباً منذ أول أيام زواجنا.. ثم بدأ بالتدريج في التخلي عنى في كل شيء والتمرد على كل شيء، حتى إنه بعد إنجاب ابنتنا الأولى بأقل من شهر طلب مني أن ننفصل لأنه لا يستطيع الاستمرار، ولا يستطيع تحمل أي مسؤولية إضافية، فهو يكتفي بأسرته الأولى والتزامه تجاهها، فكرت في كيفية مواجهة أسرتي والناس من حولي..ليس لديه سوى حجج واهية، وأعذار أعرف أنها غير صحيحة.. وحاولت خلالها إنشاء جسور معقولة من الصلة مع أهله رغم رفضه. ووافق حتى أنني تعرفت على زوجته الأولى وأولاده وقضينا بعض الأوقات سوياً وهو الأمر الذي لم أستطع الاستمرار فيه..أصبحت ناقمة عليه على كل الهوان الذي سقاني إياه طيلة ست سنوات هي عمر زواجنا، وأصبحت كارهة لنفسي .. وبت أؤنب نفسي وأزجرها باستمرار على قبولي أن أكون زوجة ثانية. فليس وضعي ولا مستواي الاجتماعي يسمح بذلك لقد حقرت من شأني بارتباطي به، وأجهزت على البقية الباقية في نفسي باستمراري معه وفشلي في تركه». حب التملك وتفسر الاستشارية الأسرية في العين إنعام المنصوري ما يحدث للمرأة من مشاكل نفسية واضطرابات بسبب زواج رجلها من أخرى، وتقول:» علينا أن نتناول الأمر من خلال فهمنا لطبيعة المرأة سيكولوجيا، ومن خلال تاريخ وسيرة وطبيعة العلاقة الزوجية بين الزوجين قبل الزواج الثاني، دون أن نهمل الأسباب الحقيقية له، ومدى مسؤولية الزوجة الأولى تحديداً، وشخصية الزوجين، وثقافتهما، ووضعهما الأسري والاجتماعي والاقتصادي، فالمرأة إنسانة، ولها مالها من مشاعر وأحاسيس، ومن المؤكد أنها محبة للتملك، لذا نرى المرأة التي يتزوج عليها زوجها تتعرض لصدمة نفسية قوية لأن حب التملك لديها أقوى من الرجل. فالزوج يمثل كل شيء بالنسبة لها، الأسرة والأولاد والاستقرار، وعندما تدخل امرأة أخرى حياتها تشعر الزوجة بأنها ستفقد كل هذه الأشياء، وبالتالي يكون رد فعلها قويا، وقد تنهار أو تؤذي نفسها، بيد أن رد الفعل هذا يختلف من امرأة إلى أخرى حسب درجة النضج العاطفي والاجتماعي والنفسي، فهناك سيدات حكيمات وغير متسرعات يتقبلن الأمر بشكل تلقائي ومن دون أدنى مشكلة، حتى تستمر الحياة بشكل عادي ما دمن لا يستطعن تغييره، وهناك من لا تتقبل الفكرة أساسا ويكون لها تصرف مختلف. غير أن الرجل يتحمل قدرا من المسؤولية فيما قد يحصل لزوجته، إذا ما فكر في الارتباط بأخرى دون علمها». تضارب مشاعر تقول الإعلامية عائشة الدوري:» علينا أن ندرك مدى حساسية هذا الموضوع بالنسبة للزوجة كأنثى، وعلى الزوج الذي يقدم على الزواج الثاني أن يختار التوقيت المناسب لإخبارها وإقناعها به بشكل تدريجي ومرن، وأن يتجنب الصدمة، فهي في الأساس زوجته وأم أطفاله، وعليه ألا يتعمد إيذاءها نفسياً بحجة أنه يمارس حقا شرعيا، ومهما قيل ويقال فإن المرأة لا يمكن أن تتقبل شريكة لها في شريك حياتها الذي عقدت عليه الآمال، ونسجت حوله الكثير من الأحلام. وتوجت نفسها ملكة على عرشه، وبالتالي لا يمكن أن تغير غالبية نساء العالم أن الزواج الثاني أنانية من الرجل وظلم، لا سيما إذا لم تكن له أسباب شرعية. وعادة ما ينتاب الزوجة الثانية الشعور بالذنب تجاه الزوجة الأولى، وترفض فكرة التواصل معها، وتعاني من ظلم المجتمع لها ووصفها بالمستغلة، في وقت تعاني من ميل الزوج إلى زوجته الأولى. كما تتفق النساء غالباً على أن الزوجة الثانية، تثير الحفيظة والاشمئزاز، كما يسود تباين بين الناس في النظرة إلى الزوجة الثانية، فمنهم من يراها «ظالمة» كونها سلبت رجلا من زوجته الأولى، والبعض الآخر يعتبرها «مظلومة» لأنها تزوجت من رجل ليس لها وحدها. وبين النظرتين تكمن فكرة حب الملكية والسيطرة، وهذا أمر يختلف عن الخصوصية، كما أننا نلاحظ بين النظرتين تغييبا لدور الرجل في خيار الزوجة الثانية، بينما هو المعني بقضية التعدد أكثر من المرأة». اضطراب الضرة تفسر الدكتورة موزة المالكي، أستاذ علم النفس الإكلينيكي بجامعة الدوحة هذه الحالات، وتقول:»إننا نسمع ونقرأ ونرى يومياً مثل هذه القصص، وهي مسألة طبيعية وقديمة قدم البشرية، وقد عالجت الشريعة هذه الظاهرة، واشترطت عامل»العدل» لزواج المتزوج من ثانية، لكن بغض النظر عن الأمور الشرعية والاجتماعية، هناك الجانب النفسي الذي لا يلتفت إليه كثيرون رغم أهميته، فعادة يصيب الزوجة الأولى عدد من الاضطرابات النفسية، في مقدمتها ما يعرف طبياً باضطراب «الضرة»، وهي حالة شائعة في مجتمعاتنا العربية بحكم عاداتها وتقاليدها وثقافتها، وان كان معظم هذه الحالات لا تصل إلى العيادة النفسية، فلكل شخصية نقاط ضعفها ونقاط قوتها، فمنها ما يتحمل الصدمات والضغوط ويستطيع أن يقدم تنازلات، وكثيرون غير ذلك تماماً، ومن النساء من يستطعن التكيف والتوافق مع الحالة الجديدة والتعايش معها، والعكس صحيح تماماً، ونرى ردة فعلهن تتسم بالحدة والرفض.ونرى نسبة كبيرة من النساء يلجأن إلى طلب الطلاق، وكثيرات من يقعن فريسة الغضب وتنتابهن ردود الفعل الهستيرية، أو يهيمن عليهن الاكتئاب والحزن والانسحاب من المجتمع. فالزوجة تفجع في البداية عندما تعرف الخبر، وفي البداية تتسم ردة فعلها بالرفض والتمرد، والغضب والرغبة في الانتقام، أو طلب الطلاق بصورة انفعالية، وتأكيد الاكتفاء الذاتي والاستغناء عن الزوج وعدم حاجتها له.ثم تبدأ بتصديق الأمر واستيعاب ما حدث، ويترافق هذا مع مراجعات وجدانية ولوم قاسية، وإحساس بالذنب لعدم قدرتها على اكتشاف الأخطاء وتصحيحها. وتبدأ محاولات دائبة للتكيف مع وضعها الجديد. لكن هذا يتوقف على قدرتها على كسب متعاطفين معها، ومدى نجاحها في تخطي الحدث إلى إقامة تواصل مستجد مع الزوج. وحقيقة موقفها الفعلي بين الرفض ومشاعر الغيرة وموقفها الانفعالي من الزوج. وهذا هو السبب في تردد المرأة وحيرتها وعجزها عن اتخاذ القرارات الصائبة». وتضيف الدكتورة المالكي: « عادة ما تأخذ الاضطرابات النفسية المصاحبة لوضعية الضرة أشكال التجسيدات من تقلصات المعدة، وخفقان القلب، والصداع، والدوار وطنين الأذن، واضطرابات الأكل.. الخ ، أو تنتابها نوبة هستيرية، ومخاوف غير مبررة، وقلق وهلع أحياناً، ووساوس مرضية، أو تتسم سلوكياتها بالعدوانية والغضب والرغبة في الانتقام أو الاكتئاب، أو الشعور بالاضطهاد، والميل إلى إيذاء الذات أو الآخرين، وهذه الأعراض تتفاوت من شخصية لأخرى بالطبع». اكتشفي عيوبك تنصح الدكتورة المالكي الزوجة الأولى التي يتزوج زوجها من أخرى، أن تحاول تجنب المشاكل أو المتاعب المحتملة أو تقليل آثارها السلبية، وتقول مخاطبة الزوجة: «قفي مع نفسك، وحاولي أن تكتشفي إهمالك في حق نفسك أو في حق زوجك، وابحثي عن الأسباب التي قد تكون سبباً مباشراً في زواجه، وتحري أخطاءك في حق الآخرين. وقوّي صلتك بالله، وارضي بنصيبك، وحاولي أن تكوني متسامحة، وقادرة على الاحتمال. واكبحي جماح حزنك، وابتعدي عن الناس الذين يثيرون شجونك وهمومك ويحركون أحزانك ويذكرونك بالماضي جاعلين منك ضحيةً لا حول لها ولا قوة. وحاولي أن تجددي هيئتك، واهتمامك بنفسك، واهتمي مزيداً بأطفالك، وزوجك، وحاولي أن تشعريه بأنك تثقين في نفسك قدر الإمكان، وأنك قادرة على تجاوز أي آلام ، وثقي بأن الغد سيحمل لك ما هو أفضل دائماً».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©