الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التبديل.. وقفة مع النفس!

18 يوليو 2010 21:14
حين يستثيرك إنسان ما أو يحدث موقف معين يستفزك ويحبطك ويؤذيك نفسياً، يتولد بداخلك شعور عميق بالغضب والثورة، وهذا الغضب دائماً ما يكون موجهاً إلى هذا الكائن أو الشيء المتسبب في الإيذاء، لكن إذا كان هذا الشيء غير محسوس أو ملموس بحيث لا تجد شيئاً مادياً توجه ثورتك إليه، أو كان شخصاً ذا مركز أو مكانة تحول دون قدرتك على التعبير عما يجيش في صدرك تجاهه، يظل غضبك حبيساً بداخلك، كنار متأججة تزيد من شعورك بالتوتر والعصبية وعدم الاستقرار إلى أن تجد لها منفذاً آخر للتعبير عنها. فيلجأ هؤلاء إلى البحث عن بديل يصبون فيه هذا الغضب، وبعضهم يتجه إلى تحطيم الأشياء أو تكسير الأواني، والبعض الآخر يتخير شخصاً بريئاً ممن حوله ويتعامل معه كبديل لهذا الشخص أو الشيء الذي أثاره، فيصب عليه جام غضبه، ولكي يعطي لسلوكه هذا بعض الشرعية، يلجأ إلى اختلاق المشاكل معه، ودائماً ما يستبق ذلك بإعداد نفسه ذهنياً ونفسياً للنقمة عليه وتوجيه الثورة إليه، فيسترجع بعض الخلافات القديمة بينهما، ويسترجع من الذاكرة بعض المواقف التي نسيها الزمن والتي أثارت فيه وقتها مشاعر الألم والإحباط، ويتناسى تماماً كل ايجابياته ولا يرى فيه إلا السلبيات، حتى وإن كانت ضئيلة، ويبدأ في إطالة التفكير فيها حتى يشعر بالغضب يتنامى متسارعاً بداخله تجاهه، وانسحاب كم الغضب المتواجد بداخله من المسبب للمشكلة إلى البديل. كل هذا يتم في العقل الباطن دون وعي منه، وفي فترة بسيطة ولكنه يؤدي في النهاية إلى ثورة حقيقية موجهة إلى هذا الشخص البديل. وهكذا تتنامى الثورة بداخلنا على من نحب حين يصيبنا الإحباط في حياتنا العامة، وكثيراً ما يعتذر الزوج لزوجته بعد أن يعود لصوابه وتهدأ ثورته، لكن من المؤكد أن مثل هذه المواقف حتى وإن تسامحت الزوجة ومر الأمر بسلام، لابد أنه يترك أثراً ما في نفسها يحتاج لفترة غير قصيرة حتى تعود الأمور إلى ما كانت عليه. لهذا نجد أن تكرار مثل تلك المواقف يسبب غصة دائمة في نفس الزوجة ويؤثر بشدة على مشاعر المودة والتآلف التي كان ينبغي أن تحتفظ بها ناحية زوجها، وهذا يفسر إلى حد كبير كثرة الخلافات التي تدب بين بعض الأزواج حينما تتزايد المشاكل الخارجية أو يضيق بهم الحال وتقسو عليهم ظروف الحياة، فبدلاً من أن يتكاتف الاثنان ويساند كل منهما الآخر إلى أن تمر المشكلة في سلام، يتخذ كل منهما من الآخر مجالاً للتنفيس عن الغضب المتأجج بداخله، مما يؤدي إلى اتساع هوة الخلاف بينهما وتعقيد أكثر للمشكلة. لعل هذا الفهم يعيننا على تخفيف حدة التوتر والمشاكل والضغوط التي نواجهها كل يوم. أتمنى. المحرر | khourshied.harfoush@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©