الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«الطلياني».. رحلة في حياة طالب يساري

«الطلياني».. رحلة في حياة طالب يساري
7 مايو 2015 00:58
أبوظبي (الاتحاد) شكري المبخوت مؤلف رواية الطلياني من مواليد تونس عام 1962. حاصل على دكتوراه الدولة في الآداب من كلية الآداب بمنوبة ويعمل رئيساً لجامعة منوبة. عضو في العديد من هيئات تحرير مجلات محكمة منها مجلة «إيلا» التي يصدرها معهد الآداب العربية بتونس ومجلة Romano Arabica التي يصدرها مركز الدراسات العربية التابع لجامعة بوخارست، رومانيا له العديد من الإصدارات في النقد الأدبي، «الطلياني» روايته الأولى. يسيطر على أحداث رواية «الطلياني» لغز اعتداء في مقبرة استهدف به عبدالناصر، الملقب بـ «الطلياني»، من قبل جاره إمام المسجد خلال دفن والده الحاج محمود أمام ذهول المعزّين. فيتكفل الراوي بتقصّي دوافع تلك الحادثة من خلال إعادة بناء الذاكرة الجريحة لصديقه الطلياني مستعيداً وقائع تمتد من طفولته إلى ليلة الحادثة. والظاهر من أحداث رواية «الطلياني» أنها رحلة في حياة طالب يساري كان فاعلاً وشاهداً، في الجامعة التونسية وخارجها أواخر عهد بورقيبة وبداية عهد بن علي، على أحلام جيل تنازعته طموحات وانتكاسات وخيبات في سياق صراع ضارِ بين الإسلاميين واليساريين ونظام سياسي ينهار، وفي سياق تحولات قيميّة خلخلت بنيان المجتمع التونسي فتكشف الرواية من خلال إطلالة الطلياني على عالم الصحافة، آليات الهيمنة والرقابة بقدر ما تكشف، من خلال علاقته بزينة طالبة الفلسفة الطموحة، هشاشة الشخصيات وتواريخها السرية وجراحها الباطنية. وفي ما يلي مقطع من أجواء الرواية: لم يفهم أحد من الحاضرين في المقبرة يومها لِمَ تصرّف عبدالناصر بذاك الشكل العنيف، ولم يجدوا حتى في صدمة موت الحاج محمود سبباً مقنعاً. كان الإحساس العام أن النار تخلّف الرماد، فأين وقار الحاج محمود وأناقته في جبّته السكرودة التونسية وشايبّته الإسطنبولي، أو في بدلته الإفرنجية وقبّعته المستديرة، على حد السواء، من طيش ابنه بسروال «الدجينز» وسترة «الدّنقري» والشعر الأشعث واللحية المعفاة؟ فحتى وسامة الفتى، التي جمعت جمال الأصول الأندلسية لأمه وجدّته ومخايل الوسامة التركي لأبيه وجدّه، تلاشت في تلك الهيئة التي جعلته أقرب ما يكون إلى «هبَاطة» الميناء و«بانديّة» الحي الذين لم ينالوا ولو حظاً يسيراً من التعليم. كانت مقبرة الزلاّج في حالة خشوع، لا تسمع في أرجائها إلا التكبير وأصوات القرّاء يرتلون ما تيسّر من آيات القرآن الكريم، وكان موكب الدّفن كبيراً على قدر ما يكنّه أهل الحي للحاج محمود وللعائلة كلها من تقدير. فالموتى لا يتساوون، والجنازة دليل على رأسمال المتوفى وعلى ما في رصيد العائلة من المعاني والرموز والمكانة. حضر يومها، إضافة إلى العائلة الموسعة، الجيران وأبناء الحي والأحياء المجاورة وأناس عاديون عديدون وأصدقاء ابني المغفور له من الفنانين والمثقفين والجامعيين ورجال الإعلام وحتى رجال السياسة وبعض الوزراء. وأكثرهم كان من أصدقاء عبدالناصر وأخيه صلاح الدين الباحث الجامعي المرموق والخبير لدى مؤسسات مالية دولية. أقيمت صلاة الجنازة في الباحة الكبرى للمقبرة. فخيّم الصمت واصطف الناس يؤدون الواجب...
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©