الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

عجز الميزانية الأميركية يضاعف من صعوبة التحديات المستقبلية

عجز الميزانية الأميركية يضاعف من صعوبة التحديات المستقبلية
26 أكتوبر 2008 22:37
بدأت نفقات الحكومة الأميركية المتعاظمة تؤدي إلى انتفاخ الميزانية الفيدرالية بوتيرة متسارعة مما أدى إلى اتساع هوة العجز المتنامية أصلاً· وأصبح من شأن حزمة ضمان البنوك والتي سوف تبلغ قيمة أحدث دفعة فيها 250 مليار دولار بالإضافة إلى مبلغ 150 مليار دولار أخرى أو أكثر من ذلك من المقرر ان تنفقها واشنطن قبل أن يتسلم الرئيس الأميركي الجديد مقاليد السلطة في يناير المقبل· وبالإضافة لهذه الأضرار فإن الإيرادات الضريبية الأميركية أخذت تنخفض بسبب الضعف الذي يساور الاقتصاد وفي ذات الوقت الذي باتت فيه الحكومة في أمس الحاجة الى مئات المليارات من الدولارات من أجل إصلاح نظامها المالي· أما الحروب التي أشعلتها الإدارة الأميركية فقد برهنت على نمو مستمر في تكاليفها الباهظة بسبب ازدياد شراسة المعارك في أفغانستان وكذلك فإن التباطؤ الاقتصادي بدأ بدوره يفرض على الحكومة دفع فواتير تعويضات البطالة وتكاليف كبونات الأغذية والأطعمة لجموع المحتاجين بالإضافة الى سائر أنواع المساعدات الحكومية الأخرى· إلى ذلك فإن عجز الميزانية المتنامي في الولايات المتحدة الأميركية سوف يجعل من الصعوبة بمكان على الحكومة أن تتصدى للأزمات المستقبلية، بل إن حجم الديون العالي بإمكانه أن يلقي بآثاره على أسواق المال العالمية عندما ينأى المستثمرون بأنفسهم عن العملة الأميركية التي يعتقد ستزيد مخاطرها وبخاصة عند ارتفاع أسعار الفائدة· ولكن زيادة الإنفاق أضحى فيما يبدو يحظى بالقبول من طرفي النزاع السياسي على الرئاسة الأميركية من أجل الحيلولة دون حدوث كساد عظيم آخر· وكما تقول مايا ماك جينياس رئيسة لجنة الميزانية الفيدرالية في واشنطن: ''إن الوقت الحالي لا يعتبر مناسباً لإصلاح الموازنة في الميزانية''، وفي مواجهة الأزمة الاقتصادية الباهظة التكاليف فقد اتفق المشروعيون الديمقراطيون والجمهوريون على حد سواء على خيار دفع الفاتورة عبر اقتراض الأموال عوضاً عن الاتجاه الى خفض الإنفاق أو زيادة الضرائب· ولكن في الوقت الذي يعتبر فيه اقتراض الأموال من قبل الحكومة أمراً أقل تكلفه نسبياً وبخاصة مع استمرار الضعف الذي يساور الاقتصاد إلا أن هذه التكلفة من الممكن أن تشكل عبئاً أكبر بمجرد عودة النمو وارتفاع أسعار الفائدة، وبالإضافة لذلك فإن نفقات الرعاية الصحية والتأمينات الاجتماعية من المرجح لها أن ترتفع بحدة· ويقول السناتور كنت كونراد النائب الديمقراطي عن ولاية داكوتا الشمالية ورئيس لجنة الميزانية في مجلس الشيوخ: ''سوف يرث الرئيس المقبل فوضى اقتصادية ومالية غير مسبوقة، وسوف يستغرق الأمر سنوات عديدة قبل أن يجد مخرجاً من هذه الأزمة''· ويقدر مكتب الميزانية التابع للكونجرس أن العجز في العام المالي الحالي الذي يبدأ في هذا الشهر سوف يصل الى مستوى 700 مليار دولار بزيادة تزيد على 50 في المئة مما كان عليه في العام الماضي، وعبر قياسه كنسبة من إجمالي النشاط الاقتصادي للدولة فإن هذا العجز الذي يشكل 5 في المئة من شأنه أن ينافس تلك المعدلات التي شهدتها الدولة في أوائل حقبة الثمانينات عندما اقترن الركود الحاد بزيادة الإنفاق الحكومي والخفض الضرائبي في إدارة ريجان وبشكل أفضى الى عجز هائل في الميزانية، ولطالما ظل اللجوء الى الاقتراض يمثل أحد أفضل الحلول الأميركية للتعامل مع الأزمات الباهظة التكلفة· ولكن مثل هذه الخطوة تحتاج إلى دعم وإسناد شعبي، فمن المؤكد أن دخول الولايات المتحدة لنصرة حلفائها في الحرب العالمية الثانية قد حظى بهذا الدعم والاسناد، بل ان العديد من الأميركيين مازالوا يتحملون قسوة آثار عجز الميزانية نتيجة لدفع تكاليف الحروب في العراق وأفغانستان والتي تكبد الخزانة مجتمعة 11 مليار دولار شهرياً· وهنالك أيضاً دعم وإسناد لا محدود لحزمة ضمان البنوك بقيمة مبدئية مقدارها 250 مليار دولار من أجل إنقاذ النظام المالي على اعتبار ان هذه المبادرة من شأنها أن تؤدي إلى استقرار النظام المصرفي وتنقذ الدولة من السقوط في هوة عميقة للكساد· بيد أن هنالك ايضا العديد من الافتراضات التي تساعد على جعل العجز الأميركي قابلاً للتحمل، وأحد هذه الافتراضات يشير إلى أن العالم عادة ما يرغب أو يحرص على إقراض الولايات المتحدة الأميركية، وذلك لأن الجميع يثق تماماً في أن أكبر الدول نفوذاً في العالم بإمكانها دائماً أن تسدد ديونها في الوقت المحدد بصرف النظر عن المصاعب التي تعاني منها العملة الخضراء· وهناك افتراض آخر يعتمد على تجربة ما بعد الحرب العالمية الثانية أيضاً والتي امتدت 60 عاماً وهي تشير إلى أنه وعلى الرغم من انزلاق الاقتصاد في هوة الكساد إلا أنه وفي خلال عام أو عامين سرعان ما انتهى الكساد وتبعه توسع في الدخل القومي - الذي يعرف ايضاً باسم إجمالي الناتج المحلي - وعندما يحدث ذلك فإن الدين الوطني أو حجم الاقتراض المتكدس من أجل تمويل العجز السنوي سوف ينكمش نسبياً مع الدخل المتوفر لتسديد هذا الدين· على أن الدين كنسبة مئوية من إجمالي النشاط الاقتصادي بالرغم من اتساعه بوتيرة متنامية لايزال أقل من أعلى مستوياته التاريخية، فالمقدار الذي تحتفظ به الحكومة الأميركية في الداخل والخارج في شكل سنوات للخزانة كان قد بلغ 5,8 تريليون دولار حتى نهاية الشهر الماضي، وهذا الرقم مازال يشكل 40,8 في المئة من الدخل السنوي للدولة أي أقل بكثير من معدل الـ109 في المئة الذي شهدته الولايات المتحدة الأميركية بعيد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها أو نسبة الـ50 في المئة التي بلغتها في معظم فترات حقبة التسعينات· على أن هذه الأوقات لا يمكن ان تعتبر فترة عادية بل استثنائية بكل المقاييس فقد انطوت على انهيار النظام المصرفي والاقتصاد الوطني وبشكل أخذ يتجه نحو هوة الكساد بصورة أدت الى عقد المقارنات مع ما حدث في الكساد العظيم، ومن أجل تخفيف حدة التداعيات تكبدت الإدارة الأميركية عجزاً قياسياً بلغ 455 مليار دولار في العام الماضي المنتهي لتوه في عام 2008 واصبحت في طريقها لأن تعاني من عجز تبلغ قيمته 700 مليار دولار أو أكثر من ذلك في العام المالي المقبل· عن انترناشونال هيرالد تريبيون
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©