الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخضوع بكثرة السجود..يرفع منزلة العبد

11 يونيو 2018 18:59
أحمد محمد (القاهرة) السجود، هو انطراح للجبار، وتذلل للقهار، وتمريغ للأنف، وتعفير للوجه، وانطلاق من أسر الدنيا، وهروب من قيود الطاغوت، وتجرد من أوسمة العظمة، غاية التواضع والعبودية لله تعالى، ففيه تمكين أعز أعضاء الإنسان وأعلاها وهو وجهه من التراب الذي يُداس ويمتهن، وأجل مظاهر التذلل، وأصدق دلائل الإذعان، وأعذب مناظر الخشوع، وأفضل أثواب الافتقار، روضة خاصة، إذا دخلها القلب لا يخرج منها، ففيها من اللذة والانشراح ما لا يوصف، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «عليك بكثرة السجود لله فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة». قال الإمام البيهقي، لولا ثلاث ما أحببت البقاء في الدنيا، ساعة ظمأ في الهواجر، وصيام في شدة الحر، والسجود في الليل، ومجالسة أصدقاء صالحين ينتقون أَطايب الكلام كما ينتقي أحدهم أطايب التمر، فالسجود أقرب ما يكون العبد من ربه وهو فيه يتنعّم، تُسكب فيه العبرات، وتُزاح الآهات، تُطرح الحاجات، تجاب الدعوات، ترفرف الأفئدة نشوة وفرحاً بما تنعم به في مثل هذه اللحظات، فيه لقاء من نوع خاص لا يحضره أحد ولا يُمنع منه أحد، ولا يدري به أحد، فهو بين العبد والرب، لقاء شفاف بعيد عن الدنيا ومن فيها وما فيها، تختلط فيه الدموع بالدعوات، والخوف بالرجاء، والسرور بالبكاء. السجود عنوان العبودية، ورمز الخضوع، وموقف عز، ومدرسة اعتراف، فسبعة أعضاء تسجد لله وتحمل البدن، كلها مُنطرحة غير متأفِّفة، راغبة محبة طالبة للعز والرفعة، إنه الاعتراف في ذُلٍّ بعظمة الخالق وكبريائه، إنه طريق للمرور إلى الجنة، من أعظم القربات، وأشرف الطاعات عند الله تعالى، فيه إرغام للأنف بين يدي الله، فيكون فاعله قد أعلن كمال خضوعه واستسلامه وذله لربه جل جلاله، يقرب من الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد». السجود رفعة درجات، من أعظم أسباب الوقاية من عذاب النار، فيه تفريج الهم، وتنفيس الكرب وحصول انشراح الصدر، وثبوت الإيمان في القلب، فالمسلم عندما تتكالب عليه الدنيا بمشكلاتها ومعضلاتها، وتعترضه المحن وتحل به الابتلاءات يجد في العبادة والسجود عوناً على ذلك ومخرجاً منه، فالسجود علاج لضيق الصدور، صارف عن الدنيا وفتنتها، فكأنما انصرف عن كل شيء وبشر وتجرد من كل نفع وضر، وتبرأ من كل حول وطول، ولم يبق له نظر إلا إلى الله سبحانه وتعالى، به يعلق قلبه، وبذكره يرطب لسانه، ومنه يرجو الإعانة وله يخلص النية، ولذا كان السجود موضع قرب من الله لأن فيه كمال التجرد له، وقد حرّم الله على النار أن تأكل آثار السجود، الذي يرفع منزلة العبد عند ربه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©