السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قلعة حارم.. نموذج للتحصينات وحارسة الثغور

قلعة حارم.. نموذج للتحصينات وحارسة الثغور
11 يونيو 2018 21:00
القاهرة (الاتحاد) قلعة حارم، من أهم القلاع والثغور الإسلامية الهندسية والمعمارية في العهد الأيوبي، بنيت فوق تل أثري محفور بالصخر، تتوسط مدينة حارم السورية، قرب معبر «باب الهوى» بوابة أوروبا على سوريا، على ارتفاع شاهق تحاكي السهول الخضراء المحيطة لترسم لوحة جذابة تمازج الماضي بالحاضر وتطل على سهول «العمق» الخصبة. شهدت القلعة العديد من المعارك، حيث انطلق منها أبو عبيدة بن الجراح بعد أن فتحها في العام 637م إلى تحرير أنطاكية واستمرت بيد المسلمين حتى وفاة سيف الدولة الحمداني، وقام الإمبراطور نقفور فوكاس الثاني بالاستيلاء عليها العام 978م، فزاد توسعتها وتحصينها، واتخذها مقراً لحكمه، وجاء السلاجقة الأتراك فحرروها بقيادة سليمان بن قتلمش، وأصابها التخريب والتدمير على يد الصليبيين في العام 1097. حاصرها الفرنجة لمدة تسعة أشهر بقيادة تنكريد واحتلوها لمدة خمسين عاماً بعد ترميمها وصيانتها لتشكل خطاً دفاعياً لهم، واستطاع نور الدين زنكي تثبيت أقدام المسلمين شرق نهر العاصي بعد تحريرها، وأصبحت ملاذاً لأسرى المسلمين الفارين من أيدي الفرنجة بعد أن وضع فيها منارتين تشتعلان ليلاً لهدايتهم إليها، ثم تسلمها صلاح الدين في العام 1183م حتى وصلت إلى ابنه غازي الذي جدد بناءها وأعاد تحصين أسوارها، وتراجعت أهمية موقعها الحربي في العام 1260م بعد أن دمرها هولاكو، وآلت القلعة إلى السلطان المملوكي «قلاوون» العام 1283م بموجب الهدنة التي وقعها مع فرنج عكا، ثم تعرضت للتدمير مرة أخرى نتيجة الضرب بالمجانيق على يد «التتار» بقيادة «تيمورلنك» العام 1400م، كما مرت بها جيوش «إبراهيم باشا» العام 1832م، وفي العصر الحديث تحصنت فيها قوات الاحتلال الفرنسي أثناء الثورات السورية التي كانت على أشدها في منطقة «حارم». موقعها الاستراتيجي جعلها من أهم الثغور العربية الإسلامية على الحدود الشمالية السورية وتسيطر على طرق أنطاكية وأفاميا وبيت المقدس، ولعبت دوراً مهماً في مختلف مراحل التاريخ فكانت مفتاح الريف الواقع خلف نهر العاصي باتجاه شرق سورية لجهة نهر الفرات. تعتبر قلعة حارم نموذجاً رائعاً لعمارة التحصينات الإسلامية في فترات القرون الوسطى، محاطة بسور مرتفع على شكل نصف دائرة وعلى محيطه توزعت أبراج ضخمة مستطيلة ومربعة بشكل منتظم مزودة بمرامي السهام، منها برج يعد الأعلى في ارتفاعه يسمى «القليعة»، وبها سراديب سرية تربط أعلاها بأسفلها وتضم 12 دكاناً وداخلها خزاناً ماء يتفرع من أحدهما قنوات الحمام الفخارية، كما يحيط بالقلعة من الشمال خندق عميق منحوت بالصخر، ومن الشمال والجنوب أودية عميقة، إضافة إلى صخرة من جهة الشرق تحمل اسم الظاهر بيبرس. يقع مدخل القلعة داخل برج في الزاوية الجنوبية الغربية، وتتفرع داخلها إلى عدة محاور يؤدي الخطان الأول والثاني إلى الدفاعي الجنوبي والغربي، والثالث يتجه إلى السوق التجاري، وبجواره العديد من المستودعات والغرف لتخزين البضائع، أما القسم الشرقي من القلعة فيحتوى على قصر الإمارة، وتتميز باحتوائها على بئر ماء تسمى «عين القلعة» نحتت أجزاؤه السفلية بالصخر ويتم النزول إليه بواسطة درج حجري.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©