الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أسرار البيوت تنساب من الصدور في صالونات التجميل

أسرار البيوت تنساب من الصدور في صالونات التجميل
9 مايو 2011 20:25
تجلس “أم عائشة” على كرسي “مساج” في صالون خمسة نجوم وهي تتحضّر لتقليم أظافرها، يبدو عليها الهدوء، وهي زبونة معروفة بقلة زياراتها وتقطعها للمكان، لكنها تنشد نوعاً مختلفاً من الراحة. تريد الابتعاد عن زحمة الأفكار وعن المسؤوليات وتشعر بأنها تدلّل نفسها عبر اعتماد التغيير في كلّ شيء. تخاطب أم عائشة موظفة الصالون، وتحدثها قليلا عن بعض ما تريد من خدمات، ثم تلتفت لصغيرتها ذات الأعوام الأربعة، عائشة التي تحضرها أمها تمضي معي النهار بطوله في الصالون معها، وبعد الظهر تلحق بها صديقاتها ويتسلين في صالون النساء” ماذا تريد عائشة من الصالون؟ تقول “لا أحتاج إلى التجميل كوني أعرف كيف أقوم بنفسي بكل شيء، ولكن آتي إلى الصالون- وأنا من النوع الذي يغيّر كثيراً في الأماكن- وأمضي يوماً كاملاً، ففي إحدى المرات دخلت الساعة العاشرة قبل الظهر وخرجت مساءً الساعة السادسة.. وذلك لأحصل على راحتي النفسية”. تصرّ أم عائشة - وهي تبدو في الثلاثين من عمرها- على التمييز بين الراحة النفسية التي تأتينا من أمور تنجزها المرأة لنفسها لتعيد الثقة بذاتها في لحظات القلق والملل وبين الذهاب للبحث عن الجمال، وتقول “ثمة أشياء لا نبوح بها لأحد، وربما لا نقولها للطبيب النفسي حتى ولا يعرف هو أساسا كيف يجعلنا نبوح بها، لكنها تنساب بهدوء في صالونات التجميل”. تتابع أم عائشة: أزور الصالون لأنسى مشاغل المنزل ولا أريد أن يسألني أحد أي سؤال خاص ولا ماذا طهيت اليوم أو ماذا سأفعل في حياتي، أريد أن أرتاح من دون كلام خاص، مع العلم أن معظم النساء والفتيات اللواتي يقصدن الصالونات التجميلية ويرتحن فيها يتحدثن ويدلين بكل ما عندهنّ من دون أي تحفظ، فالمكان لا تقصده إلا الفتيات والنساء وثمة علاقة مع المكان لا تطال حياتنا الشخصية فنشعر بالأمان نوعاً ما للبوح.. ولكن هذا ما لا أقوم به أنا، فراحتي هي في الخروج من الصالون وأنا فرحة بما قمت به، لذا لا أكتفي بفعل شيء واحد، أدخل الحمام المغربي وأقوم بصبغ شعري وتصفيفه وأقلم أظافري وأخضع لتدليك وأجلس على كرسي مريح للتدليك حين تقلّم أظافري وقد أنام أو استرخي تماماً، وكي لا أملّ أرشد صديقاتي إلى المكان فيأتين بأوقات مختلفة في يومي الطويل في الصالون وينصحنني بالألوان ونتناقش عن التجميل ونبقي أمورنا الخاصة لجمعتنا معاً وليس في الصالون”. الجانب النفسي “الطبيب النفسي له مهامه ودراساته ونحن لنا مهام مختلفة”، تقول لبنى زكريا عبد الغني صاحبة أحد الصالونات في أبوظبي. ولبنى مدرّسة ولكنّها بحثت عن استثمار لا يخسّر مع صديقة لها إماراتية، واتفقتا على الاستثمار في مجال التجميل. اختارتا أن يكون الصالون غير شعبي في ديكوره وتفاصيله، فكل آلة تستخدم فيه هي من أحدث الآلات كما أن الديكور والمساحة الكبيرة كانا من الأساسيات لديهما، فهما أرادتا أن ترتاح الزبونة في المكان ولا تشعر بالزحمة في أوقات الذروة. تشجّعت لبنى على الفكرة لأن كل تعاملها سيكون مع الأنثى وتركت لزوجها مساعدتها في التعاملات الخارجية للصالون مع الرجال. الجانب النفسي في العمل يبدأ عند لبنى من الموظفات في الصالون قبل الزبائن، بمعنى أنها تحرص على راحة الموظفات النفسية قبل أي شيء آخر، وهذا سينعكس حتماً على تعامل الموظفة مع الزبائن. وتقول “الجانب النفسي مهمّ جداً في كل المهن، ولكن مع النساء تحديداً له خصوصيته فالصالون عالم داخلي لهنّ تفرغن فيه كل همومهنّ وتشعرن براحة نفسية، فالموظفات هنا شريكات لي ولصديقتي ولسن موظفات وحسب، وراحتهنّ تهمّنا كثيراً، فالموظفة ستتعامل في يوم عملها مع كل أنماط البشر، وأنا شخصياً أعرف أن الزبونة راضية حين أراها تخرج مكلّل وجهها بابتسامة عريضة بعد أن تكون قد دخلت منزعجة وتعبة وغير راضية عن نفسها”. خبرة في الاستماع وتقول روز شمس الدين، وهي مصفّفة شعر ومزيّنة، إن على كل امرأة أن تدلّل نفسها وتشعر بالرضى عن شكلها وعن داخلها. وتضيف “لسنا متخصصات في علم النفس، ولكن خبرة طويلة في المجال جعلتنا نعرف متى نصمت ولا نسأل أي شيء ومتى نرمي كلمة واحدة لإراحة الزبونة، وقد يعتقد البعض أننا نبيع كلاماً ولكن هذا ليس بيع كلام، فما أجمل أن تحوّلي عقدة حاجبين إلى جبين مستريح وابتسامة نابعة من القلب، والجمال ليس في الشكل وليس في الشعر والـ”ميك أب” وحسب، إنما بالشعور بالرضى والقناعة، واختصاصنا يؤهلنا معرفة ماذا يناسب كلّ وجه وما الذي سيحدث تغييراً في نفسية الزبونة”. وهل صحيح أن الصالونات مكان للـ”فضفضة”؟ تقول روز “بالطبع وهذا شيء أكيد، بعض الزبونات يلتزمن بالصالون الذي أعمل فيه لأنهنّ وجدن المكان المناسب لإزالة أعبائهنّ وهمومهنّ والاستراحة، وقد تنشأ نوع من علاقة صداقة مع المكان، وأنا شخصياً لا أحب أن تخرج الزبونة وهي غير راضية عن نفسها وشكلها، أحياناً يكون للمزاح مكانه وأحياناً يأخذ الحديث منحى جدّيا، بتّ أعرف متى أصمت ومتى أقول كلمة كي تفضفض الزبونة وتستريح، وربما تبكي، وهو أمر يتكرر كثيرا في الصالونات، فنحن أناس عاديين لنا مشاغلنا وهمومنا نفرّغ ما بداخلنا بسبب تافه والسبب الحقيقي هو انزعاجنا وتضايقنا، وبعض البوح يكون مؤلما فعلا”. الراحة في الصالون راحة العاملات في الصالون أساسية، وهذا ما تراه لبنى (مديرة صالون) فإذا لم تكن مرتاحة لن تتمكّن من التعامل مع الزبونة بشكل مريح، وستلمس الزبونة الذبذبات السلبية وتنزعج بدورها وتعتقد أن المصفّفة مثلاً غير مهتمّة بكيفية تصفيف شعر الزبونة كي تكون فرحة بالنتيجة. وتقول “في إحدى المرات، لاحظت تلكؤ لدى إحدى الموظفات ما أثّر سلباً على الجوّ العام، فسألتها بمحبة عن السبب، فباحت لي بمضايقتها في مكان سكنها، فتابعت الموضوع معها حتى توصّلنا إلى تأمين شريكات للسكن لها في مكان آخر، وأعطيتها هذه الفرصة على الرغم من معرفتي أنها كانت في مرحلة الاختبار في العمل وبوسعي ومن دون أي تردّد أن أستغني عن خدماتها وآتي بسواها. ولكننا بشر وعلينا التعامل بانسانية مع بعضنا البعض ونجد المكان المريح للعمل بشروط انسانية مريحة. وبالفعل بعد حلّ مشكلتها، تحسّن إداؤها وباتت سعيدة في العمل معنا، فهي شريكة لنا في النهاية، وعضوة ضمن الفريق يهمنا وضعها وليست مجرد موظفة نستبدلها إزاء أول عقبة تواجهنا معها، وهذا بالفعل انعكس ايجاباً على الأخريات لأنهنّ وجدن أننا لسنا من النوع الذي يستغني ببساطة عن العاملين معنا”. أما عن التعامل مع الزبونة وشؤونها الخاصة وما يزعجها وما يريحها، تقول لبنى “لسنا أطباء نفسيين، إنما نحن صديقات أمينات للزبونة، ما تبوح به المرأة لموظفة يبقى طيّ الكتمان، فالموظفات ونتيجة خبرتهن والأحاديث التي نجريها معاً، يعرفن أن هذه المرأة مثلنا تحتاج إلى البوح بأمور لتستريح وتزيل همّاً يقلقها عبر إخراجه بالكلام إلى العلن، ولكن في الصالون لا ننشر الأمور للعلن، فما تقوله الزبونة لموظفة لدينا يبقى لديها وتعمل على نسيانه لأن هذه المرأة حكت همّها وشكت وربما بكت، لأنها لم تجد من يستمع إليها بين صديقاتها، وربما لأنها تعرف أن ما ستقوله سينسى بعد قليل”. وتقول لبنى “أجمل منظر في الصالون حين ترين السيدة أو الفتاة تخرج متألقة، فرحة، مبتسمة، وواثقة من نفسها، في وجه يناقض حالتها عند دخولها الصالون”. حرص العاملات وتقول روز “علّمتني مهنتي والتي أتعامل فيها مع النساء، أن لا أشرّع لنفسي الحق في التدخّل في شؤون النساء اللواتي يبحن لي بأمورهنّ الخاصة، وهذا ينساق أيضاً على تعاملي مع صديقاتي. إذا باح لنا شخص بأمر فهذا لا يعني أن من حقّنا إذا رأيناه لمرة ثانية أن نقوم ونسأله عن الموضوع. أنا شخصياً قد أبوح بأمر لصديقة في الوقت الذي أفضّل فيه عدم الكلام في الموضوع، ولكن حاجتي للبوح تسبقني وحاجتي لأن أسمع نفسي أخرج ما عندي، ويزعجني إذا ما أصرّت صديقتي على السؤال في مرة ثانية عن الموضوع كمن يبحث عن معلومات إضافية أو تكملة لفيلم هندي”. وماذا يعني ذلك؟، تقول روز “عن نفسي أحاول الاستماع بحرص، وبمجرد خروج الزبونة أحاول طرد ما سمعته من رأسي، وربما أنسى صاحبة القصة حتى لو لم أنس القصة نفسها، مع القوت أستمع للكثير من الحكايا، والاحتفاظ بها في عقلي مجهد فعلا”. تتابع روز: التجميل بكل اختصاصاته يساعد المرأة على الترويح عن نفسها والابتعاد عن همومها، وهذا لا يشرّع لي أن أدخل حياتها من دون استئذان، أنا لا أسألها ما بك، ولا أتابع معها موضوعاً أحبّت أن تتحدث فيه في زيارة سابقة للصالون، وهذا ليس من حقّي. فهي ربما لم تجد سواي لتفضفض عمّا يشغل بالها أو يحزنها، فباحت.. فهل هذا يعني أن أسعى لامتلاك حياتها في يدي وازعاجها وتذكيرها بلحظة صراحة وبوح اجتاحتها لسبب ما؟ بالطبع لا”. سيرينا، عاملة في الصالون، تقلّم الأظافر وتتعامل مع نساء مجهدات، تقول: كل امرأة تحتاج إلى راحة، وتدليك اليدين والقدمين يساعد في إزالة الأوجاع النفسية وليس فقط الجسدية. وتقول “البعض تطلبن أن أدلّك أكثر لإزالة التوتر لديهنّ، ومنهنّ من يخبرنني بأسرارهنّ، بالزوج الذي لا يهتمّ لأمرها والأهل غير المتعاونين معها، أو من العمل وهمومه.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©