هرولة ماراثونية وراء النحافة

الاهتمام بالجسد والمحافظة على مقاييس معيّنة تفصل بين عالمي ''الجمال والبشاعة'' ليس جديدا، إنما الجديد هو تنوع الوسائل التي تقود المرأة والرجل إلى مبتغاهما بأسهل طريقة ممكنة، من نظام التغذية إلى العمليات الجراحية وشدّ الجلد وعمليات ربط المعدة، إلى تدمير السيلوليت أو توزيعها كي لا تتراكم في أماكن غير مرغوبة بالليزر أو السيليسيوم. تبدي النساء هوسا بالنحافة والرجال وراءهن سائرون وغالبيتهم يتحدثون عن أهمية النحافة للصحة الجيّدة والقليل منهم يعترف باهتمامه بالشكل الخارجي وبحب الاحساس دوما بأن قطار العمر لم يدركهم ولا يزالون شبابا· إلى ذلك، تقول آية: ''سبقتني والدتي للاهتمام بشكلها بعد أن أهملت نفسها لفترة طويلة''، معلّلة بأن الهدف الأساسي مما تقرّ به هوساً لدى بنات جيلها، ''المحافظة على الزوج''· وتضيف ''تنقل الشاشة إلى الرجل مقاييس عارضات الأزياء والمذيعات والممثلات بأبهى الحلل فيصعب أحياناً مجال المنافسة لذا تسعى الفتيات اليوم إلى توفير صورة شبيهة إلى حدّ ما في المنزل''· وتلاحظ آية أن الاهتمام بالرشاقة ازداد عن السابق وصارت المرأة تلاحق كل جديد في الموضة، ولكي تبدو جميلة تحافظ بقدر الإمكان على المقاييس المناسبة· وتضيف ''بما أن هذا صعب في بعض الأحيان، تقدّم لنا أنواع لا تحصى من الحلول، أبسطها اتباع نظام غذائي مناسب، وأعقدها العمليات الجراحية التجميلية''· نورا تعدّ على أصابعها المرات التي زارت فيها أخصائيين في علم التغذية، فهي خضعت لأنظمة غذائية متنوعة لتتخلص من الوزن الزائد· وتقول: ''كنت أملّ بسرعة من الطعام الذي يمكنني تناوله لدى اتباع نظام معيّن، وبالتالي كنت أعود إلى النمط السابق في تناول الطعام''· وتشرح نورا أن نظامها الغذائي المقرر كان مدموجاً مع أدوية مساعدة، منها القاطع للشهية ومنها حبوب الفيتامينات، فتناولت أصناف شتى لتصل أخيراً إلى المناسب لها وهو ممارسة الرياضة، وبالنسبة إليها النظام الغذائي المدروس ''ليس كافيا'' لتخسيس الوزن، ويجب أن تصاحبه ممارسة الرياضة، والعكس صحيح· أما السبب الذي يدفع نورا إلى تخسيس وزنها فهو الشكل أولاً ثم الصحة· من جهته، يـؤكد محمد أن السبب الأساسي لتخسيس الوزن المحافظة على صحة جيدة، لافتاً إلى أن والده أهمل صحته وكان يتناول ما يشاء من الطعام ما سبّب له ارتفاعاً في الضغط وفي نسبة السكري في الدم· غير أن محمد يستدرك ليقول بأنه يكره نفسه حين يزيد وزنه وتضيق خياراته في الملابس· وتشعر نورا بأنها تحب شكلها أكثر حين يكون مقاسها ،12 فيما يرتاح محمد حين يتخلص من ''الكرش'' بغض النظر عن المقاس· ملابس مفصلة للنحفاء ويتفق كل من آية ونورا ومحمد على أن النحافة أو الحصول على الوزن المناسب يشعرهم بالراحة النفسية· تقول نورا: ''حين أنحف أحب نفسي أكثر''· ويقول محمد: ''أشعر أنني لا أزال في عمر الشباب، أشعر أن شكلي ألطف كما أشعر بالخفّة''، أما آية فتقول إنها ترتاح حين تنظر إلى شكلها في المرآة· وبالإضافة إلى الراحة النفسية، تجد آية كما نورا ومحمد أن النحافة تفتح لهم الأبواب لاختيار ما يشاؤون من لباس، حيث أن ''غالبية الموديلات الجميلة لا تناسب إلا أصحاب المقاسات النحيفة'' كما تعلّق نورا· وينسحب ذلك على الشباب، إذ يرى محمد أن عملية اختيار البدلات تصبح سهلة في حال التمتع بالوزن الرشيق· وكادت زينب أن تفقد عملها بسبب وزنها الزائد، تقول: ''كنت أجرب وأبدل الملابس إلى درجة تصبح فيها محتويات خزانتي كلها في الخارج· ولكنني لا أقتنع بأي منها بسبب وزني الزائد· كنت أشعر بأنني أخوض حربا مع نفسي ومع المرآة ومع الملابس· كنت أكتئب بعد ساعة ونصف الساعة من محاولات اختيار الملابس التي تبوء كلها بالفشل، فأقرر البقاء في المنزل بدل التوجه إلى العمل · وتقول آية أن شخصيتها تختلف حين تكون نحيفة وترتدي ما تعتبره جميلاً· وتتحدث نورا عن التسابق بين الفتيات لتبدو كل واحدة الأجمل والأكثر رشاقة· وتعبّر زينب عن مرحلة المحاولات الفاشلة لتخسيس وزنها قائلة: ''بت أكره الخروج مع صاحباتي إلى المول أو السينما، كنت أشعر بنظرات الشفقة نحوي، كأني من الفضاء الخارجي''· تحالفات في سبيل خفض الوزن ولا يتردد محمد بتوجيه الانتقاد إلى زوجته إذا لمس منها اهمالاً لرشاقتها، ويقول: ''تتقبل زوجتي انتقاداتي برحابة صدر ونعمل سويا على تشجيع بعضنا البعض على الحذر من المأكولات السريعة والحلويات والمشروبات الغازية''· ويأسف محمد إذا رأى امرأة مهملة لرشاقتها فباعتقاده ''ما الذي تحتاجه أية امرأة كي تهتم بنفسها؟ بوسعها حتى لو كانت تغرق في المسؤوليات إن في العمل أو في البيت أن تهتم بنفسها''· رجال في الميدان وكثرت في الآونة الأخيرة مراكز الرشاقة للرجال، خصوصاً تلك التي تستخدم آلات الليزر والسيليسيوم لتوزيع السيلوليت، فبات للرجال أماكنهم الخاصة للاهتمام برشاقتهم تختلف عن مراكز الرياضة· ويشرح محمد أن الأمر لا يقتصر فقط على الاهتمام بالرشاقة، إذ يتجاوزها إلى النواحي الجمالية الأخرى، وإلى حب الرجل بالبقاء محافظاً على عمر الشباب· ويقول: ''للرجل سن يأس أيضاً ولها صعوباتها النفسية الداخلية، إذ يرى أنه صار والدا لشباب يدخلون الجامعات وهو أفنى عمره كي يربيهم ويعلمهم، فيمر بيأس تتفاوت درجاته من شخص إلى آخر، وأنا وجدت الحل المثالي كي أخرج سليما معافى من هذه المرحلة من خلال الاهتمام برشاقتي وبممارسة رياضة المشي بشكل منتظم · ابتكارات للتجارة بهوس النحافة ويقدّم عدد من المواقع الالكترونية الوعد للسيدات والرجال بنحافة مضمونة إذا اتبع كل منهم نظاما غذائيا أو رياضيا معينا· وغالبية هذه المواقع تأسر الباحثين عن حل من أي مكان أتى· تستخدم تلك المواقع جملاً وعبارات ترويجية مثل ''حان الوقت سيدتي كي تتخلصي من الوزن الزائد''، أو ''نحن من سيقدم لك الحل بعد أن خضت عدة تجارب فاشلة''· وتبدأ الرحلة على أنها مجانية فتقرأ مطولات من المديح ولكن الرحلة تنتهي في مكان ما لتحميل الكتاب المفضل المساعد لاعتماد الحل، على أنه الحل الأمثل، وهنا تبدأ عملية دفع الثمن بعد أن كان المعلن أن التصفح مجاني· تدفع ببطاقة الائتمان فتحمّل الكتاب وتقرأ لتجد أن ثمة ما تحتاجه أكثر من الكتاب وهو الملحقات المفصّلة له، فتدخل في دوامة قد لا تنتهي منها· وعلى متصفح الانترنت أن يتأكد قبل اللجوء إلى الحلول المعروضة من شهادة المتخصص أو المتخصصة، ولا بأس من التأكد من المؤسسة التي يعمل فيها ودار النشر التي نشرت النسخة الورقية من الكتاب، هي ثلاث خطوات لا بد منها قبل اللجوء إلى البدائل من أجل نحافة ورشاقة نحلم بها ليلاً نهاراً·