الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأنانية··· تأكيد سلبي للذات

الأنانية··· تأكيد سلبي للذات
26 أكتوبر 2008 23:08
أحيانا تشكو بعض الأمهات: ''طفلي أناني لا يريد أن يشاركه أحد في أشيائه''· وتثير هذه الحالة بعضا من القلق لسلوك أطفالهن · والأنانية وحب التملك عامة صفة طبيعية عند الأطفال، وتستمر عادة حتى الخامسة من العمر، وهي نابعة من شعور الطفل بأنه والعالم جزء واحد، وأنه مركز هذا العالم، وأن كل شيء يريده يمكن أن يملكه، ويبدأ إدراك الطفل لخطأ هذه الحقيقة في عمر سنتين تقريبا، ويزداد إدراكه لها، وتختفي بالتدريج عندما يشعر أنه في حاجة إلى التعاون مع الآخرين من زملائه الأطفال في اللعب، وللاستفادة أيضًا بما يمتلكونه من ميزات· قد تكبر الأنانية في نفس الطفل وتصبح إحدى خصاله نتيجة التربية الخاطئة، فربما تعوّد الطفل منذ صغره الحصول على ما يريد حتى ولم يكن ملكه، فعندما يقف أحد أمام تحقيق هدفه، فإنه يثور ويتعدى بالضرب على من يحول بينه وبين غرضه· أهمية المشاركة تقول الأخصائية النفسية بوزارة التربية منى اليافعي ''أطباء الصحة النفسية للأطفال يؤكدون أن تعليم الطفل المشاركة يجب ألا يأتي مرة واحدة لكن تدريجياً، إذ يجب أن تسبقه مرحلة يتعلم فيها معنى الملكية الخاصة وكيفية احترامها، لكن الذي يحدث غير ذلك، فالأم تكون عادة متعجلة في غرس قيم التعاون والمشاركة والعطاء في نفوس أبنائها، فتبدأ في ترديد عبارات تحمل معنى أن كل شيء متاح للجميع، في حين أن الطفل قبل بلوغه سن الرابعة تقريباً لا يمكنه تفهم معنى المشاركة بمفهومها الواسع، فيشعر بنوع من التهديد لأشيائه التي يعتز بها، لذلك يلجأ إلى العنف ويعاني من صراع على الاستحواذ ويردد كلمة ''لي'' وهي ليست كلمة سيئة في حد ذاتها، لكنها تعكس محاولته تأكيد ذاته· لذلك فإن واجب الأم أن تعلمه أن هناك أشياء خاصة به وحده، عليه المحافظة عليها وتحاسبه إذا أهمل في صيانتها أو ضاعت منه، كما أن هناك أشياء خاصة بشقيقه، عليه الحفاظ عليها أيضاً واحترامها، ثم تعلمه بعد ذلك مبدأ المشاركة بالتبادل بمعنى أن يفهم أن بإمكانه اللعب بلعب شقيقه لفترة إذا سمح له بذلك، وإعادتها إليه بعد ذلك، لأن الطفل إذا شعر بأن كل شيء مباح للجميع فسوف يعود يوماً من الحضانة ومعه أدوات لا تخصه وهو لا يدرك أن هذا خطأ، لاعتقاده أن هذا متاح للجميع، ومن المعروف جيداً أنه مع ازدياد معاشرة الطفل لأقرانه واتساع اطلاعه وتعرفه على جوانب الحياة والعلاقات المتبادلة بين الناس تغير الكثير من الصفات الروحية المميزة له· وتضيف اليافعي ''مع نمو الطفل تظهر عوامل جديدة متنوعة، يمكن أن تؤثر على تشكل نفسيته سلباً أو إيجابياً: فيشتد تأثره بمن يحيط به من الناس ومجموعة أترابه، والمدرسة بمجال تأثيرها الواسع، والوسط الاجتماعي الذي يعيش ضمنه، إلا أن الفترة التي تسبق دخول المدرسة في حياة الطفل هي القاعدة الأساسية، لكل ما يمكن أن ينمو ويتطور في المستقبل، لهذا فإن إصرارنا على إجباره مشاركة أقرانه في أشيائه في هذه العمر لن يخلف إلا الدموع والحزن في نفسه ولن يجدي إصرارنا نفعاً، لأن تلك (الآليات) التي تمكن الطفل أن يقتسم ما لديه من ألعاب وحلوى وفاكهة مع من بجواره، وأن يسمح لهم بمشاركته في ألعابه المختلفة ـ تكون ما زالت غير ناضجة ـ ثم يبدأ الطفل تدريجياً بتمييز الشيء الذي يخص ذاته، وهنا يصبح من الواجب علينا أن نضع أمامه مطالب أخلاقية، لكن عندما نلاحظ أن الطفل بدأت تترسخ عنده عملية انفصال الذات عن الأشياء التي تخصه يمكن عندئذٍ تنمية حب المشاركة لديه مع الآخرين واستخدام الألفاظ (لا تكن أنانياً أو بخيلاً)· دور الأهل أما الأخصائية النفسية سوسن حلاوى فتقول ''قد يساهم الأهل بشكل غير مقصود في تغذية الأنانية في طفلهم، إذ يذكر المربي الروسي الشهير ب·ف كابترييف: أن الأنانية عند الطفل قد تنجم عن سعي الأهل الدائب لوهبه كل شيء من أجل أن تكون الأمور جميعها لديه على ما يرام، ومحاولتهم لإشباع كل رغبة يبديها طبيعية كانت أم نزوة عابرة دون تمييز، معرضين بذلك أدنى رغبة يبديها لإظهار المبادرة الذاتية أو الاعتماد على النفس إلى الفناء، خاصة عند أولى الخطوات الصعبة التي يقوم بها، وأخيراً المبالغة في الإطراء على الطفل والثناء الزائد على مناقبه· إن هذا السعي لتحقيق جميع ما يطلبه الطفل يقود إلى تبدلات جوهرية في نفسه يصعب فيما بعد محاربتها والتغلب عليها، حيث تنقلب إلى إظهار لنكران الجميل وعدم الاعتراف بالفضل وشعور باللامبالاة تجاه الأهل، أو ملاحقتهم بالمطالب التي لا تنتهي، كما أن نقص الحب والحنان ينمي عند الطفل الأنانية، والعكس صحيح لأن الحب والحنان يشعرانه بأنه ليس هناك حاجة لأن ينتزع شيئاً من أحد، أو أن يلفت الأنظار إليه فهو واثق أن بإمكانه الحصول عل كل ما يحتاجه· عادات ومعارف تؤكد سامية عبد الواحد الخبيرة بمنظمة الأسرة بالجامعة العربية أن الأسباب التي تؤدي إلى تكوين النزعات الأنانية في تعامل الإنسان مع الآخرين كثيرة، وهي تنشأ على أساس التربية الخاطئة للطفل في الأسرة ونمط تعامل الأهل مع طفلهم· إن اختلاط الطفل بأطفال الجيران، وزملاء المدارس، وأطفال الأقارب يساهم في تطور الطفل إيجابياً·· حيث يقتبس العادات والمعارف من الأطفال الآخرين فتزدادُ معارفه، وتنمو قدراته فيتعلم كيفية التعاون مع الآخرين والوصول إلى أهداف مشتركة· وتضيف ''إن الصداقة تشجع المبادلات الاجتماعية بين الأطفال فيما بينهم وبين الأطفال والأهالي، فنرى بعض الأطفال يسرعون لمعاونة أهاليهم في المنازل أو الحقول، أو في أشغال آبائهم، ونشاهد الكثير من الأطفال يساعدون إخوتهم الصغار في التربية والخدمات الأخرى، ونشاهد التلاميذ المتفوقين يساعدون الطلاب الضعفاء· وعلى الأهل غرس قيم العطاء والمشاركة عند الطفل وتهذيب نزعة الأنانية لديه· ومن جهة أخرى عليهم غرس قيمة أخلاقية مهمة وهي احترام حق الآخر، إذ إن ذلك من شأنه أن يعوِّد الطفل على إمكانية تهذيب غرائزه ونزعته ويعوده على إمكانية تأجيل تلبية حاجاته·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©