الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حملة ماكين··· خطر على مستقبل الجمهوريين

حملة ماكين··· خطر على مستقبل الجمهوريين
26 أكتوبر 2008 23:14
هناك طرق عدة لخسارة انتخابات رئاسية، لكن الطريقة التي يخسر بها جون ماكين تهدد بإسقاط مجمل الحزب ''الجمهوري''، فقبل عام من الآن اتخذ سيناتور أريزونا وفريقه المساعد قراراً استراتيجياً يقضي بالاعتماد على سيرته الذاتية كأساس لصوغ الحملة الانتخابية وتبني أجندة محافظة أرثوذوكسية في سياساته مع بعض الاختلافات الطفيفة مثل تأييده لتسوية أوضاع المهاجرين غير الشرعيين· لكن سرعان ما تبين أن هذه الاستراتيجية عديمة الفعالية، وأنها لم تأتِ بالنتائج المرجوة، لذا جرب ''ماكين'' في أغسطس الماضي وصفة جديدة يسعى من خلالها إلى استقطاب المستقلين والنساء باختياره لنائبة رئيس غير متوقعة· ومع ذلك ظل الأداء متواضعاً وبقيت حملة ماكين الانتخابية على حالها، حيث فشل اختيار سارة بالين في استمالة المستقلين والنساء؛ غير أن الاختيار نجح من جهة أخرى في تحريك القاعدة ''الجمهورية'' التي هبت إلى مساندتها بحماس غير مسبوق، وهو ما سعت حملة ماكين إلى الاستفادة منه· وللمزيد من إلهاب حماس القاعدة ''الجمهورية'' لجأ ماكين إلى التهجم على باراك أوباما ووصفه بالغريب والراديكالي والاشتراكي، وبالطبع كانت استجابة القاعدة سريعة، إذ بعد شهور عديدة من الحماس الخافت بين ''الجمهوريين''، شهدت الأسابيع القليلة الماضية فوراناً في القاعدة الصلبة للحزب· لكن ذلك لم يغطِ على أحد جوانب القصور الواضحة، ففي الوقت الذي ساهمت فيه حملة ''ماكين''، وإن على نحو متأخر، في تعبئة ''الجمهوريين'' وحشد صفوفهم، إلا أنها أدت في الوقت نفسه إلى تنفير قاعدة الوسط الكبيرة في الولايات المتحدة التي هي وحدها تملك مفتاح الفوز في انتخابات ·2008 وباستطاعتي هنا الاستشهاد بالأرقام الكثيرة التي توردها استطلاعات الرأي، ولكن العملية ستكون مصدر إحباط كبير بالنسبة للحزب ''الجمهوري''، وربما لن تعادلها سوى فضيحة ''ووترجيت''، التي هزت أركان الحزب وكادت تقضي عليه· وبحسب المراقبين سيكون لحملة ماكين نتائج كارثية على الحزب ''الجمهوري''، وهو ما يؤكده أحد الأعضاء ''الجمهوريين'' في مجلس النواب قائلاً'': لم يعــــد هناك مقعـــد واحــــد في الكونجرس مضمون لـ''الجمهوريين''، هذا لا يعني أننا سنخسرها جميعاً، لكننا قد نخسر أياً منها''· ولمزيد من التوضيح، فإن الرسائل والقضايا التي يتم التركيز عليها في الحملة لاستمالة الجماهير لصالح سارة بالين هي نفسها التي تضر بمجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ وتقوض حظوظهم في انتخابات التجديد النصفي المقبلة· وحتى في الولايات المعروفة تقليدياً بطابعها المحافظ مثل فيرجينيا وكارولاينا الشمالية وجورجيا التي يُفترض أن مقاربة سارة بالين نجحت في كسبها دون مشاكل، عقدت حملة ماكين فرص نجاحها بخطابها الضعيف أثناء الأزمة المالية، وهو ما يهدد باحتمال سقوطها في يد ''الديمقراطيين''· والنتيجة هي الخسارة المؤكدة لمقعد جون وورنور في مجلس الشيوخ عن ولاية فيرجينيا والهزيمة المحتملة لإليزابيث دول في كارولاينا الشمالية، ومعركة قاسية لساكسبي شامبليس في جورجيا· الأكثر من ذلك أن الطريقة التي تعامل بها الحزب ''الجمهوري'' مع مسألة جمع التبرعات والوجهة التي خصصها لها فاقمت الوضع وزادت من إضعافه، فبالإضافة إلى تواضع أداء لجان الكونجرس التابعة للحزب في جمع الأموال خلافاً للنجاح الكبير الذي حققه الحزب ''الديمقراطي'' في هذا المضمار أساءت اللجنة المركزية للحزب التصرف عندما وجهت أموال التبرعات للحملة الرئاسية بدلاً من تخصيص جزء مهم منها للسباق المحلي على مستوى الولايات وانتخابات الكونجرس· وفي هذه اللحظة التي لا تفصلنا عن التصويت سوى بأيام قليلة يتعين على الحزب ''الجمهوري'' مواجهة الحقائق بجرأة وشجاعة، وبأن يدرك محدودية موارده وفشـــل خطابــــه في إحداث اختراق مهم، وبدلاً من خوض المعارك على جبهات متعددة والتركيز على الحملة الرئاسية التي يبدو أنها محسومة سلفاً لصالح ''الديمقراطيين'' يحسن بنا التركيز على الانتخابات المحلية لمجلسي الكونجرس ورفع شعار: أعضاء مجلس الشيوخ أولاً· ولا ننســـى أن حزباً مهزومـــاً هو في حاجة إلى قاعدة قوية لاستعادة قوته والنهوض مجدداً، ولنتذكر هنـــــا أنــــه في العــــام 1993 بنيت قاعــــة الحزب ''الجمهوري'' في الولايات والمدن بعد فوزنا بولايات كاليفورنيا ومتشجن وويسكونسين، وبعد تمكن رودي جولياني من الظفر بمقعد العمدة في مدينة نيويورك· لكني أشك اليوم في قدرة الحزب ''الجمهوري'' على مواصلة زخمه السابق في المدن الرئيسية والولايات الكبرى خلال انتخابات الكونجرس في عام 2009 وربما تتراجع قبضة ''الجمهوريين'' على مجلس ''الشيوخ''، وهو آخر ما نتمناه في هذه الأوقات العصيبة لعدة أسباب أولها الأزمة الاقتصادية· فمعروف أن الانهيار المالي الذي تشهده الولايات المتحدة دفع بالحكومة الفيدرالية إلى شراء أسهم في البنوك والمؤسسات المتداعية، وسيكون أمراً مغرياً على نحو كبير بالنسبة للمسؤولين في واشنطن استخدام وضعهم الجديد كمالكي أسهم لأغراض سياسية سواء لمكافأة الأصدقاء، أو لمعاقبة الخصوم، وبالطبع ستفاقم الحكومة التي يسيطر عليه حزب واحد حجم الإغراء وسطوة الغواية· لذا تحتاج الولايات المتحدة اليوم أكثر من أي وقت مضى للمحافظين وللحزب ''الجمهوري'' لممارسة الرقابة على ''الديمقراطيين'' وضمان عدم إساءتهم لاستخدام السلطة· أما السبب الثاني الذي يحتم الوجود ''الجمهوري''، فيتمثل في الثقافة الجديدة التي تنتشر على نطاق واسع داخل صفوف الحزب ''الديمقراطي'' والقائمة على منع الاختلاف وإقصاء الرأي الآخر، وهي الثقافة التي يشجعها الجناح ''اليساري'' في الجزب مدعوماً بمواقع الإنترنت التي تنتقد ''المحافظين'' وتُشهر بهم· ومن هذا المنطلق لا بد للحزب ''الجمهوري'' التحرك السريع، وذلك عبر طريقين لا ثالث لهما: أولاً توجيه أموال الحملة الانتخابية التي تُجمع على مستوى الولايات إلى الانتخابات التشريعية حفاظاً على الوجود ''الجمهوري'' في الكونجرس بغرفتيه، وثانياً الاعتراف بأن الحزب ''الديمقراطي'' سيكون على الأرجح الوافد الجديد على البيت الأبيض، ومن ثم لا بد من العمل على ألا يستأثر ''الديمقراطيون'' بعملية صنع القرار في واشنطن· ديفيد فروم باحث في معهد أميركان إنتربرايز ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©