السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إدخال السياحة للعراق... البصرة بداية مثلى

إدخال السياحة للعراق... البصرة بداية مثلى
19 يوليو 2010 00:05
مازال جل الاهتمام في العراق منصباً على المعركة حول من سيسيطر على الحكومة الجديدة في البلاد، في وقت انتهت فيه المهلة المنصوص عليها في الدستور لاختيار حكومة جديدة في الرابع عشر من يوليو بدون حل. والأكيد أن حقيقة ما ستعنيه انتخابات السابع من مارس لهذا البلد الغارق في الفوضى منذ فترة طويلة مازالت معلقة. لكن، وبغض النظر عمن سيسيطر على الحكومة في نهاية المطاف، فإن استعادة الاقتصاد العراقي لعافيته يجب أن تحتل أهمية خاصة إذا أريد للعراق أن يتقدم إلى الأمام. وفي حوار صحفي بُثَّ مؤخراً على التلفزيون العراقي، قال السياسي العراقي أحمد جلبي إن البصرة ستكون هي المفتاح لاستعادة الاقتصاد العراقي لعافيته. وهو ما نعتبره تحليلا ذكياً، ذلك أن البصرة التي خضعت للسيطرة البريطانية لوقت طويل، كانت دائماً أكثر استقراراً من شقيقتها الشمالية بغداد. وبالنظر لهذا المعطى، فإن البصرة تمتلك الإمكانيات لفتح البلد على نحو لم تعرفه من قبل، وأولى هذه الإمكانيات هي السياحة. فالمستنقعات، وواحات النخيل، والمعالم الدينية، ومنطقة أشجار الأثل المهمة بيئياً، ورحلات الخليج العربي... يمكن أن تشكل جميعها عوامل جذب واستقطاب للسياح من البلدان العربية المجاورة، إضافة إلى الكثيرين في الغرب، وبخاصة الأشخاص الذين استثمروا في العراق زمن الحرب أو لديهم مصلحة في رخائه في المستقبل. فوسط ازدياد التوترات الطائفية التي تأججت بعد الغزو عام 2003، تعد البصرة مركزاً لعدد من المعالم الدينية التي تكتسي أهمية خاصة بالنسبة للمهتمين بالتاريخ اليهودي والمسيحي، إضافة إلى تاريخ الإسلام نفسه. وهو ما يعكس الروح المنفتحة للمحافظة، حيث مازال هناك إلى اليوم، ورغم سنوات من الحرب والأعمال الإرهابية، يعيش منتسبو الديانات المختلفة جنباً إلى جنب. إن جلب السياحة إلى العراق يمكن أن يبدو أمراً تافها وسط استمرار الاضطرابات السياسية والدينية والاقتصادية بالنسبة لهذا البلد الغارق في الفوضى، غير أن ثمة نتائج حقيقية وإيجابية طويلة لإدخال السياحة إلى العراق، إذ يعني ذلك إعادة الإحساس بالذات إلى بلد طالما لقب بجوهرة العالم العربي. والواقع أن البصرة هي المكان الأمثل للبدء. فحتى بعد سبع سنوات من الحرب المدمرة، مازالت ثمة مؤشرات على الإمكانيات السياحية: ففي زيارة قمنا بها صصمؤخراً إلى هناك، كانت المتاجر مفتوحة في ساعات المساء تبيع الألعاب والحلي والتذكارات؛ وكان ثمة أيضا عدد من المطاعم والمقاهي والمتاجر المفتوحة طيلة النهار وحتى الليل. ووجود هذه المحال والرغبة في الشعور بعودة الحياة العادية بين مواطني المدينة، يعد أمرا مهما بالنسبة لولادة البلد من جديد. ثم إن إدخال السياحة إلى البلد يمكن أن يساهم أيضا في دعم بنية اجتماعية واقتصادية جديدة أكثر استقراراً، بنية يمكن أن تؤثر على الحياة السياسية للبلد، والتي تتميز في أحيان كثيرة بالاختلال، ولكن بدون الاعتماد عليها. وعلاوة على ذلك، فإن العراق يمكن أن يتعلم من تجربة إيران المجاورة، حيث عملت هذه الأخيرة على سد فراغها الاقتصادي عبر الانفتاح أمام السياحة الدينية والاجتماعية على طول الحدود العراقية، الأمر الذي لقي نجاحا مبهرا. ومما لا شك فيه أن العراقيين سيواجهون تحديات في دعم السياحة، لعل أبرزها التهديد الأمني الواضح؛ غير أن الأمن في العراق، وعلى غرار دول أخرى تعيش حروبا، يأتي مع الفرص. لكن فتح البلد أمام السياحة هو أكثر من مجرد أخذ السياح الذين يحلون ضيوفا على العراق من معلم إلى آخر؛ لأن السياحة، بتوظيفها وإشراكها للمواطنين، إنما تمكنهم من القيام بتغييرات إيجابية والشعور بالانخراط في الأمن في منطقتهم على نحو جديد تماما. ولما كان غياب الفرص الاقتصادية يغذي الشعور بالإحباط، فإنه كلما كانت ثمة فرص للعمل الشرعي والرخاء، كلما خبا إغراء وجاذبية الانخراط في الإرهاب والعنف، مثل الهجمات الانتحارية. وفي ظل استمرار الاستثمارات الخارجية في البلاد، فإن البصرة تستطيع تلبية تطلعات المقاولين والسياح المهتمين بالنزهات والتاريخ الثقافي الغني. والواقع أنه سيكون من الحكمة، في وقت باتت تفتقر فيه الولايات المتحدة إلى الشعبية في العراق، أن تدعم واشنطن مثل هذه المبادرة في محاولة لإعادة حس التعبئة والتنوع للعراقيين. كما تستطيع أيضا لعب دور مهم في هذا الصدد عبر استشارة السكان حول كيفية توفير نظام إلكتروني مستقر، حتى تعمل الإنترنت والكهرباء والاتصالات بشكل مستمر دون انقطاع، وتساعد على تسهيل السياحة. لقد تم انتزاع الفرصة الاقتصادية من الشعب العراقي في بداية الحرب، لكن من شأن إعادة الحرية للعراقيين من خلال السياحة أن يساهم في تحرير العراقيين إلى حد كبير اقتصاديا، واجتماعيا، وسياسيا بلا شك. والأكيد أن البصرة تمتلك هذه الإمكانيات! ياسمين الأميري صحفية أميركية من أصل عراقي سامي الأميري أميركي من أصل عراقي متخصص في الجيومورفولوجيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©