الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البطاقة الائتمانية.. سلسلة ديون متراكمة ترهق ميزانية الأسرة

البطاقة الائتمانية.. سلسلة ديون متراكمة ترهق ميزانية الأسرة
6 مايو 2013 20:37
مع أنها لا تشكل مصدر حاجة ضرورية لكثيرين، غير أن غالبية مستخدمي البطاقات الائتمانية يعتبرونها «شراً لابد منه»، وهم بحكم العادة والشعور بالأمان لوجودها دائما في محفظتهم، يرون أنه بات من المستحيل الاستغناء عنها، والمعضلة الأساسية لا تكمن فقط في زيادة الإنفاق الذي تتسبب به هذه الأموال غير المباشرة، إنما كذلك في حجم الديون التي تتوالد منها وتتفاقم مع كل تأخر في السداد، وذلك بسبب إساءة استخدامها. ينظر البعض إلى البطاقات الائتمانية على أنها وسيلة للمديونية المؤجلة التي لا تلزمهم بفترة معينة للدفع، والبعض الآخر يتعاملون معها على أنها وسيلة ضمان للحالات الطارئة، في حين أن شريحة واسعة تستعيض بها عن الأموال النقدية، إما من باب المباهاة وإما لأسباب تتعلق بالجهل الحقيقي لخطورتها على مستوى تدهور الوضع المالي الشخصي، وهذه البطاقات التي وجدت أساسا لتحسين الظروف المعيشية بموجب تسهيل شراء الأولويات ودفع المستحقات الأساسية، تحولت إلى حساب مفتوح على ما هو ضروري وغير ضروري، مما يدعو إلى دق ناقوس الخطر من عشوائية استخداماتها، والتذكير بالغاية الرئيسية لهذه الأموال البديلة. عالم التسوق ويتفاوت حجم الاعتماد على البطاقات الائتمانية بين المستهلكين، وتختلف إلى حد بعيد الغايات من الحصول عليها واستخدامها، وفيما تشكل أمرا واقعا لكثيرين، هي بالنسبة للبعض مجرد بطاقة إضافية داخل المحفظة، في حين أنها منفذ للتبضع في السفر أو وسيلة للولوج إلى عالم التسوق عبر الانترنت، حيث يقول حسن مرعي وهو موظف في قطاع الخدمات المصرفية، إنه تأخر كثيرا في الحصول على بطاقة مديونية من البنك الذي يتعامل معه، والسبب أنه يخشى الديون، لكنه يعترف أن البطاقة سهلت له الكثير من الأمور في حياته، وخصوصا أنه لم يعد يخشى من عدم قدرته على دفع الفواتير الأساسية مثل الأقساط المدرسية. ويذكر أنه متفهم جدا لمسألة تسديد الدفعات في وقتها المحدد منعا لتراكم الفوائد، وهذا ما يحاول الالتزام به، محذراً من عامل الإغراء الذي قد تتسبب به هذه الأموال السريعة والسهلة، لأنها قد تكون محفزا للإنفاق غير الضروري. إساءة الاستخدام وتعترف جويل أسعد التي تعمل في مجال الأزياء، أنها تسيء استخدام البطاقات الائتمانية لأنها لا تستطيع مقاومة التسوق، مهما كانت ميزانيتها، وتقول إنها تتكبد شهريا مبلغا وقدره لتسديد قيمة الديون التصاعدية على بطاقتها الشخصية، ولم تعد قادرة على تدارك الأمر. والسبب أن التزاماتها المالية الشهرية تزيد من حجم أعبائها مع اقتطاع المبلغ الإضافي المترتب عليها من الديون الإلكترونية. وتذكر جويل أنها تنوي إلغاء بطاقتها فور تسديد المستحقات عليها، لأنها اكتشفت أنها وقعت أكثر من مرة في فخ الشراء غير الضروري، وذلك لسلع لم تكن تحتاج إليها بالأصل، وإنما استسهلت طريقة الدفع الفوري بالبطاقة. أما فاتن حلمي وهي مدرسة رياضيات، تقول إنها تحمل بطاقة ائتمانية في محفظتها فقط من باب الاحتياط، لكنه لم يسبق أن استخدمتها إلا لحجز تذاكر الطيران عبر الانترنت، وذلك لأن التكلفة بالدفع الالكتروني تكون أقل، وهي لشدة حرصها من مخاطر الفوائد الائتمانية، اشترطت على البنك أن يكون السداد بالكامل نهاية كل شهر بحد معين للمبلغ الموضوع على البطاقة. وتشير فاتن إلى أنها بهذه الطريقة تشعر بسيطرتها على نفقاتها الشهرية بحسب احتياجاتها وأولوياتها، بما لا يتعدى قدرتها على التسديد. المستهلك الحكيم ويتحدث المهندس حسن الكثيري الخبير في قضايا المستهلك، عن واقع البطاقات الائتمانية مؤكدا أنها أصبحت بالفعل من ضرورات الحياة، وأن الدفع مع الوقت لن يتم إلا بها لشدة انخراطها في التركيبة الاقتصادية لمفاهيم العرض والطلب في السوق، غير أن المطلوب هو التعامل مع الأمر بمفهوم المستهلك الحكيم الذي لا ينفق على سلعة ليس بحاجة إليها. وألا يكون مفهوم الاستهلاك مرتبطا بالقدرة على الدفع السريع، وإنما بموازنة الوضع المالي من جهة والقيمة الشرائية للمنتج المراد شرائه من جهة أخرى. ويعتبر أن المستهلك الحكيم هو الذي يضع أولويات لاحتياجاته المعيشية على مستوى اليوم والشهر والسنة، بحيث يكون الإنفاق سواء من المدخول أو من البطاقات المؤجلة الدفع، على الأمور الأساسية التي تحمل صفة التزامات المقام الأول، وهي فواتير السكن والطبابة والتعليم والمواصلات والغذاء، بحيث لابد من توفيرها للشعور بالأمان، وما يبقى من الميزانية يجوز التصرف به، ويذكر أن المشتريات الأخرى تصب كلها في خانة استهلاك المقام الثاني، والذي يتوجب معه استشارة الشريك أو أي شخص آخر من المقربين قبل الدفع. ويقول إن المستهلك الذكي في هذه الحال، يجب أن يسأل نفسه قبل الانجراف إلى الدفع عن طريق البطاقة الائتمانية، لماذا أشترى هذه السلعة أو الخدمة؟ وما حاجتي لها؟ وهل سأستخدمها في الوقت الحالي؟ وكم حجم إفادتي منها أو استهلاكي لها؟ ومن الأفضل أن يتشارك بالإجابات مع أحد أفراد الأسرة أو الأصدقاء، لكي لا يقع فريسة الدفع الفوري وألا يكون عامل الشراء مرتبطا بالعاطفة أو التقليد. ويوضح الخبير في قضايا المستهلك، أن هذه الأسئلة تجعل الشخص يتوقف عن الشراء الآني ويميل إلى التشاور من باب إعادة النظر في قراره، ولاسيما أن الدفع عبر البطاقة الائتمانية سهل ولا يشعر المستهلك معه بالإنفاق الحقيقي مهما كانت الفاتورة عالية، وأحيانا تشكل البطاقات الالكترونية عامل مباهاة أمام الناس، بالقدرة على الدفع مهما كان السعر، فيما النتائج السلبية تتراكم على شكل مديونيات وفوائد تصاعدية. نفق ضيق ويورد الخبير في شؤون المصارف الدكتور عبدالرحمن النقبي، أن البطاقات الائتمانية هي أحد أهم وسائل تحقيق الربحية بالنسبة للبنوك، ويقول إن الإيرادات المحصلة منها تكون أحيانا كثيرة أعلى من إيرادات القروض الشخصية، والسبب أنها تحقق مداخيل أعلى حيث يصل معدل الفائدة منها إلى 28?. الأمر الذي كان موضوع نقاش من قبل البنك المركزي بوضع قيود على حجم الفوائد على البطاقات الائتمانية بعدما أصبح الوضع مرهقا للمستهلك. ويرى أن خطورة الاعتماد الكلي على البطاقات الائتمانية، المسبب الرئيسي لتدهور الوضع الاقتصادي لدى فئة كبيرة من الأفراد، يعود إلى سهولة الحصول عليها من جهة، وسهولة استخدامها من جهة أخرى. إضافة طبعا إلى كلفتها العالية والتي يترتب عليها أحيانا كثيرة التحايل على قوانين البنك المركزي. وينبه إلى عدم الوقوع رهينة الفوائد التراكمية جراء الديون الطويلة الأجل على البطاقات الائتمانية والتي تؤدي إلى نفق ضيق يصعب الخروج منه. ويشير إلى أن بعض المؤسسات التجارية، وتحديدا شركات بيع السيارات، تقوم بالتحايل على القوانين لمصلحتها الشخصية فيما تحمل العملاء أعباء مالية إضافية وأكثر بكثير من قدراتهم الشرائية. وكمثال على ذلك، يلفت إلى أن القوانين الحالية تمنع بيع أي سيارة من دون دفعة أولى، في حين أن شركات السيارات وبالتعاون مع المصارف، تقوم بإقناع العملاء بالحصول على بطاقات الائتمانية، والاقتراض منها لتسديد الدفعة الأولى نقداً، وبهذا يكونون قد تكبدوا ديونا طائلة تضاف إلى الدفعة الشهرية لثمن السيارة التي يرتفع أصلا بمجرد تقسيطها. عبر الانترنت دعا خبير قضايا المستهلك المهندس حسن الكثيري إلى ضرورة نشر الوعي بين المستهلكين لجهة استخدام البطاقات الائتمانية. ويحذر من الإفراط في شراء السلع الباهظة الثمن واستسهال طريقة الدفع الفوري من دون ملامسة النقود. وينصح بتجنب الشراء من خارج الدولة عن طريق الانترنت إلا بعد التأكد من مصداقية العلامات التجارية. وذلك لأن التبضع الالكتروني يخضع لقوانين الدولة التي يتم الشراء منها وليس لقوانين الدولة التي يتم الدفع منها، الأمر الذي تصعب ملاحقته. إضاءة التخفيضات التي توضع على سلع معينة بكميات كبيرة غالبا ما تكون مصدر إغراء. وهنا لابد للمستهلك من أن يسأل نفسه ما إذا كان فعلا يحتاج إلى كل هذه الكمية التي تحمل بالفعل قيمة أعلى من الحجم القليل الذي يحتاج إليه بالأصل. فأن يشتري الشخص قطعة جبن بسعر معين تكفيه لمدة أسبوع، أفضل اقتصاديا من أن يشتري 3 قطع بسعر قطعتين تشكلان فائضا عن حاجته الأسبوعية.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©