الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قلاع لبنان تروي حكايات الحجر والبشر من تاريخ حافل بالأمجاد

قلاع لبنان تروي حكايات الحجر والبشر من تاريخ حافل بالأمجاد
6 مايو 2013 20:39
عماد ملاح (بيروت) - يمتاز لبنان بتاريخه العريق الحافل بالذكريات والعريق بأمجاده، فهو همزة الوصل بين دول آسيا وأفريقيا وأوروبا، ويفتخر لبنان بآثاره التي خلفتها العديد من الحضارات التي تعاقبت عليه، منها القلاع الأثرية التي تعود إلى مختلف الدهور والعصور الغابرة؛ فمن الفينيقيين، الذين أطلقوا العلم والمعرفة إلى الدنيا، إلى الإغريق الذين أوسعوا العالم درساً وتمحيصاً، إلى الرومان الذين كادوا يمسكون بقبضتهم مشارق الأرض ومغاربها، إلى البيزنطيين وما جبلوا عليه، من مذاهب مختلفة المنازع والمشارب، إلى العرب وحكمتهم وفنونهم وفتوحاتهم، كان لا بد لهذه الشعوب أن تبني القلاع والحصون، لحماية الطرق والممرات حفاظاً على ممتلكاتهم وطرق إمداداتهم. قلعة طرابلس كانت طرابلس محاطة بأسوار، وكان يحكمها القاضي ابن عمار، الذي استقل عن السلطة الفاطمية، لذلك بنوا برجاً يشرف على المدينة عرف بـ «برج الحجاج». وبعد أن استولى الصليبيون على المدينة، أصبح البرج قلعة كبيرة عرفت باسم «صنجيل»، نسبة إلى مؤسسها «ري مون دي صنجيل كونت دي تولوز»، الذي أصبح كونت «دي تروولي»، أما القلعة الحالية فأكثر أقسامها، يعود إلى عهد المماليك الذين أعادوا ترميمها، وإضافة قسم كبير عليها. وكانت جبيل تعرف في العهد الصليبي بـ «جبلة»، وكان يحكمها أمراء جنوبيون يخضعون لـ «كونت طرابس»، لذلك فإن مدينة جبيل العائدة إلى العصور الوسطى على أهمية كبيرة، وهي تمتد على تل يجاور التلة القائمة عليها المدينة الفينيقية، وهذه القلعة تقوم على الأسوار الفينيقية المحيطة بتلة المدينة القديمة، والتي تعتبر من أقدم وأحصن أسوار العالم، إذ يرتقي عهدها إلى أوائل الألف الثالثة قبل الميلاد. أما القلعة الصليبية القائمة فوقها فقد بنيت بحجارة أخذت من قلعة فارسية مجاورة لها اكتشفت قريباً. ومن ميزات القلعة الصليبية أنها على طراز بيزنطي، إذا يتوسطها برج كبير يحيط به سور مربع، في كل من زواياه برج، أما أسوار جبيل الممتدة من هذه القلعة نحو الشمال، والملتوية إلى البحر والمحيطة بالمرفأ الصليبي، فهي قيد الإبراز ومنها أقسام صليبية، وأقسام رممت في العهود الباقية. قلعة صيدا كانت الأسوار تقوم حول مدينة صيدا، ولا يزال بعضها موجوداً تحت المساكن التي غطتها ولاتزال تبرز منها قلعتان مهمتان إحداهما قائمة على جزيرة وتعرف باسم «قلعة البحر»، وهي لا تزال تتحف الأنظار رغم تدمير قسم كبير منها. أما القلعة الثانية والمعروفة بقلعة «المعزة»، فهي تشرف على المدينة وأكثر أقسامها العالية البارزة، تعود إلى عهد الأمير فخر الدين المعني، وقد ظل قسم من الأبراج الظاهرة وأقسام واسعة مطمورة بالأتربة. وتوجد قلعة نيحا في المناطق الجبلية، والتي ما تزال الأقسام المحفورة منها في الصخر ظاهرة. أما الأقسام الأخرى فقد إنهار أكثرها لكونها قائمة فوق واد سحيق، وكانت تعرف هذه القلعة في العهد الصليبي بمغارة «نيرون»، ولعبت دوراً مهماً في كفاح المعنيين ودفاعهم عن جبل الشوف ضد العثمانيين، وهي تشرف على الممر الذي يجري فيه نهر الأولي. وتعد قلعة الشقيف من أجمل قلاع لبنان، موقعاً وتشرف على نهر الليطاني، ولا يزال مركزها على غاية الأهمية من الوجهة الاستراتيجية. وقد لعبت دوراً مهماً في عهد الصليبين، وعرفت باسم قلعة «بوفور»، وسقطت في يد صلاح الدين الذي حاصرها نحو السنتين. قلاع صور يوجد في صور عدد كبير من القلاع والحصون لكن أهمها حصون مدينة صور التي ترتقي إلى العهد الإسلامي، وقامت فوق ما سبقها من حصون العهد الروماني والعهد الفينيقي، وكانت لصور تلتان من الحصون على شواطئها البحرية، وعدد من السلاسل بينها وبين اليابسة، ولذلك لم يتمكن الصليبيون من الاستيلاء عليها، إلا بعد انتظار سنة على مجيئهم إلى البلاد. قوى الصليبيون أسوار صور، فأصبحت مدينة منيعة للغاية، وحاول صلاح الدين فتحها عبثاً، وعندما فتحها الملك الأشرف خليل، أمر بدك حصونها كي لا يعود الفرنجة إليها من قبرص ويتمركزوا فيها، ونظراً لما بين صور والجليل من العلاقات، أنشأ الصليبيون قلعة تبنين وكانوا يسمونها «ثورون»ولعبت هذه القلعة دوراً في المعارك بين العرب والصليبيين، ولذلك دمرت أقسام كبيرة منها مراراً، وأعيد ترميمها لآخر مرة في عهد الجزار، وبين قلعة الشقيف وقلعة تبنين وما حولها عدد من القلاع اندثرت اندثاراً كلياً أو كاملاً، وهي قلاع هونين، ومارون وعلى الساحل قلعة اسكندرون. قلعة بعلبك واستملكت السلطة العسكرية الفرنسية قلعة راشيا في أوائل عهد الانتداب، ودكت أقساماً كبيرة منها وحولتها إلى معسكر محصن، ولعبت دوراً مهماً في الثورة، ثم جعلت في آخر الانتداب الفرنسي، معقلاً لرجالات استقلال البلاد، لذلك يحافظ عليها الجيش اللبناني، ويحاول إبراز دورها التاريخي وخصوصاً في فجر الاستقلال. تعتبر قلعة بعلبك من أجمل وأروع القلاع اللبنانية التي ما زالت آثارها باقية حتى اليوم، وكانت تستقبل هذه القلعة ألوفاً من الزوار الذين يقصدونها لرؤية هياكلها ومعابدها ومعابرها. وعرفت بعلبك باسم «هيلوبوليس»، وأهم معبدين في القلعة هما «جوبيتير»، الذي لم يبق منه إلا الأعمدة الستة الضخمة، و»باخوس» القريب من هذا المعبد، وهناك بقايا آثار كبيرة ما زالت تحتفظ بطابعها القديم. وبعلبك ليست مجموعة رائعة من الآثار التي تأخذ الألباب فحسب، بل هي أيضاً مكان التقى فيه الشرق والغرب، فامتزجا معاً. وفي المنطقة الشرقية من البقاع، توجد حصون عنجر التي بنيت في أواخر عهد الوليد. وكان قد قام معظمها في عهد هشام، وأصبحت من قلاع إبراهيم بن الوليد، الذي اعتصم بها في مقاومته لمروان الثاني الذي دكّ أعالي أسوارها. أما في القسم الجنوبي من البقاع، هناك قلاع الأمراء الشهابيين في حاصبيا وراشيا، ولا يزال عدد منهم يسكن قلعة حاصبيا، التي حولت الأقسام العليا منها إلى قصور.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©