الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحرية شيء آخر!

6 مايو 2013 20:40
يتصادف في أحوال كثيرة أن نشاهد في الأماكن العامة وعلى الملأ تصرفات من البعض أبسط ما يقال عنها أنها خدش وجرح وإيذاء لمشاعر الناس وحيائهم. ودون الولوج في تفاصيل، أعتقد أن الالتزام بالمظهر الشخصي سلوك فردي، لكنه لا يمكن أن نتناوله بمعزل عن الناس والمجتمع الذي نعيش فيه. بزعم «التحضر» أو»التمدن»، هناك من يرفض أويعارض انتقاد ذوي المظهر غير اللائق بارتداء الملابس المبتذلة، أو أولئك الشباب والمراهقين الذين يتباهون بملابسهم شبه العارية المثيرة للغرائز في الأماكن العامة. هناك من يخلط بين التمسك بثوابت المجتمع الأخلاقية والدينية، وثقافته وعاداته وتقاليده، وبين ما يعتبرونه تقييداً للحرية، وهناك خلط بين الحرية المسؤولة، والفوضى الأخلاقية، كما أن هناك كثيرون يعتبرون الانجرار وراء المظاهر الشكلية السلبية، وتقليد الغرب في كثير من القشور، على أنها مظاهر تقدم وتحضر، وهي على العكس من ذلك تماماً، وأعتبرها انسياقا وتخلفا، ويفترض أن يكون هناك التزام أخلاقي من قبل كل الناس الذين يعيشون ويتحركون في هذا المجتمع، وعلى المجتمع بشعبه، وتاريخه، وثوابته، وقيمه ومؤسساته، أن يكون يقظاً لأي محاولة للتشويه المتعمد، أو الانجرار خلف أوهام بمسميات عديدة حتى يحافظ على قيمه وهويته. أندهش عندما أجد من يعتبر الدعوة للاحتشام سواء للمرأة أو الرجل على السواء تتعارض مع حقوق الناس أو حرياتهم. الالتزام المتحضر، التزام أخلاقي أولاً، فمن يزور أي شخص في بيته، أظن أن أول ما يفعله أن يحترم خصوصية البيت وحرمته، وجميع دول العالم تطبق هذه القاعدة، فالحريات الشخصية لا يمكن أن تبتعد عن الحريات العامة، وإلا أصبحت نوعاً من الفوضى. فالالتزام بالضوابط الأخلاقية والاجتماعية في اللبس والمظهر، حق من حقوق المجتمع، ولعل المثل العربي القديم يعبر عن تلك الحكمة الأزلية، ويقول:» كل ما يعجبك، والبس ما يعجب الناس»، وهذا المثل موجود في مختلف ثقافات العالم، والخروج عن الضوابط الاجتماعية فوضى باسم التحضر، مع أن التحضر لا يعني إلا الالتزام والانضباط، والحفاظ على تقاليد وقيم المكان الذي يعيش فيه الناس. من حق كل مجتمع أن يدافع عن ثقافته وعاداته وقيمه، واحترام عادات المجتمع أمر متعارف عليه في أكثر المجتمعات العالمية انفتاحاً، ولا يمكن اعتباره دليل انغلاق أو رفض مجتمعي للحريات الشخصية أو للتعددية الثقافية، فمفهوم الحرية يدور حول معنى أساسي، وهو ممارسة الإنسان لاختياراته دون إكراه وبما يتفق وحرية الآخرين في المجتمع الذي يتواجد فيه. الحرية شيء آخر غير الفوضى، إنها المسؤولية الأخلاقية قبل أي شيء، ومن ثم تبقى مسؤولية حماية المجتمع من هذه التيارات الغريبة من خلال حفاظه على ثوابته وقيمه، ومن خلال القوانين الملزمة التي تساعد على تحقيق الانضباط الأخلاقي والاجتماعي. المحرر | khourshied.harfoush@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©