الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أسباب نفسية وراء عودة الطفل لتبليل فراشه ليلاً

أسباب نفسية وراء عودة الطفل لتبليل فراشه ليلاً
7 مايو 2015 21:45
خورشيد حرفورش (أبوظبي) تكاد الأم تفقد صوابها عندما تستيقظ في الصباح لتجد ابنها قد بلل فراشه لتبوله أثناء النوم، ربما لأن معظم الأمهات يعلمن أن الطفل ينقطع عن تبليل الفراش ليلاً خلال الفترة ما بين العام الثاني والعام الثالث. لكن هناك بعض الأطفال ممن يتجاوزون هذا العمر لا يمتنعون عن تبليل الفراش، وقد يمتد ذلك حتى عمر الثالثة والنصف أو الرابعة. وهناك أيضاً عدد قليل جداً يتوقف عن تبليل الفراش منذ شهره الثامن عشر. تشخيص السبب هناكأيضاً بعض الحالات النادرة التي يمتنع فيها الطفل عن تبليل الفراش حتى قبل أن ينهي عامه الأول دون أن تقوم الأم بتدريبه أو تعويده على ذلك. وهكذا يقودنا إلى حقيقة واضحة هي أن مسألة تبليل الفراش ليلاً ثم التوقف عنها، إنما هي مسألة تحدث بحكم طبيعة الطفل وبحكم نموه، وليست هناك قاعدة ثابتة للأمر. الدكتورة زينب الجباس، أخصائية الأطفال، توضح أن بعض الأسباب هي نتيجة عيوب خلقية يولد بها الطفل. وأحياناً يكون السبب في ذلك هو أحد الأمراض. وبناء عليه فلا يستطيع الطفل أن يضبط مسألة التبول تماماً. كما أن هناك بعض الأطفال يكون تبليلهم ليلاً للفراش هو نتيجة لظروف نفسية. وأكثر هذه الحالات انتشاراً هو أن الطفل الذي يصل عمره إلى 24 شهراً أو ثلاث سنوات ويتوقف عن تبليل الفراش لعدة أسابيع طويلة، لكنه يعود مرة أخرى إلى تبليل الفراش ليلاً عندما تضع أمه مولودها الجديد، لأنه هنا يشعر بعدم الاستقرار وعدم الأمان، ولهذا فهو ينكص مرة أخرى إلى فترة من عمره، ويتصرف تصرفات تلك الفترة فيبلل الفراش ليلاً. «النكوص» تكمل الجباس: إن «النكوص» مسألة طبيعية بالنسبة لكل إنسان يعاني قلقاً ويسمونه في علم النفس إحدى العمليات اللاشعورية لأن الإنسان يحمي به نفسه من القلق. وهكذا يمكننا أن نشاهد أن الطفل يبول في الفراش ليلاً فقط، ولكنه قد يمص أحد أصابعه أو يتشبث بأمه كثيراً، ولا يطيق فراقها ولو للحظة واحدة. ونرى أنه يتمنى لا شعورياً أن تعامله أمه بالأسلوب الذي تعامل به الوليد، إنه يتمنى لو تغير أمه له ملابسه. كما تغير للطفل المولود. وقد يكون التبول في الفراش له هدف الانتقام من الأم أو مضايقتها لأن هذا الطفل الوليد الذي حملته في بطنها وأتت به إلى الدنيا إنما جاء ليدمر إحساسه بالحنان ويعتدي على مملكة الحب التي يتمتع بها. وعندما نرغب في علاج مثل هذه الحالات فلا بد أن نعمل على إعادة الإحساس بالأمان بالنسبة للطفل وأن نؤكد له أن مجيء طفل آخر لا يعني أننا لا نحبه. إن هذا يجب أن يترجم عملياً كل يوم وكل دقيقة. ليس هذا معناه إفساد الطفل بالتدليل، ولكن معناه أن نجعل الطفل يحس جيداً أنه ما زال يتمتع بحبنا الكامل ونحن نعرف أن الطفل يشعر بالخجل من عملية التبول في الفراش، يحدث ذلك رغم أنه لا يعلن عن ذلك ولهذا من المطلوب أن نفهمه أننا على ثقة بأنه يحاول التحكم في نفسه ليلاً. أسباب أخرى تضيف الجباس: «الطفل أيضاً قد يكون من النوع المسرف في الاعتماد على أمه، ويخاف أن يفقد هذه «المساعدات» القيمة التي تقدمها له، وهو يحلم غالباً أحلاماً مزعجة للغاية. كما لا يستطيع أن يهمل هذا اللوم الموجه له من أمه، مثلما يفعل سائر الأطفال. وهو سريع الاقتناع بأنه ولد غير ناضج، أو أن الأم إنسانة طاغية القوة والسيطرة. ورغم هذا، فالطفل لا يرضخ إلى الاستسلام حتى لا ينال غضب الأم، لكنه يتعود الحصول على لذة مستترة من إغضاب الأم ولهذا فهو يستفزها لا شعورياً ببعض المكر الخفيف مما يثيرها عصبياً. إنه يقاوم الخضوع لسيطرة الأم رغم أنه يحصل على لذة مستترة منه. هذه الحالة يصفها الطب النفسي بأنها صراع شديد وعميق بين اللذة المريضة من الاستسلام وبين الأمل على أن يكون طبيعياً وإنساناً له إيجابية. إن هذا النوع من الأطفال الذين يبللون الفراش ليلاً، لا يفعلون ذلك نتيجة لعدم التدريب على التحكم في النفس، أي لأن المثانة قد امتلأت بالمياه، أو لأنه غارق في النوم. إن الذي يحدث هو أن الطفل يحلم حلماً مزعجاً قهرياً يشاهد فيه قوة داهمة أو شخصاً عملاقاً أو حيواناً متوحشاً أو أي شيء واهم، ويعاني الطفل القلق أثناء الحلم ويحصل أيضاً على لذة ما. وهكذا نرى أن عملية التبليل التي تحدث هي نتيجة طبيعية كرد فعل لهذه الانفعالات المثيرة». تساؤلات تطرح الجباس تساؤلات مهمة: هل نوقظ الطفل في منتصف الليل ونصحبه إلى دورة المياه حتى يتبول وهو نصفنائم؟ إن معنى ذلك عند الطفل أن الأب والأم لا يثقان فيه، ولا يثقان في أنه قادر على التحكم في النفس، وأنه لا يستطيع أن يقوم بكل أموره بنفسه. أم نمنع الطفل من تناول أي سائل قبل أن يذهب إلى النوم وفي فترة المساء؟. الإجابة هي أن الطفل في الحقيقة سيشعر بالعطش فوراً وسيبذل كل المحاولات للتوسل إلى الأم ليشرب، وقد يسبب هذا نوعاً من الضيق، ولا يفيد الطفل ولا يفيد الأم. إن عملية تبليل الفراش ليست المشكلة، إنها ليست إلا مظهراً من مظاهر مشكلة أخرى مستترة. وعلينا أن نبحث عن المشكلة الفعلية لنحلها. إن الطفل عادة يمتنع عن تبليل الفراش قبل أن يبلغ سن المراهقة، لكن المتاعب النفسية التي تختفي وراء مسألة تبليل الفراش تظل، كما هي إن لم نجد لها حلاً، ومن ألوان تلك المشاكل الصراع بين الطفل والأسرة ضد سيطرة الأم أوالأب، الإحساس بالعجز، الإحساس بضرورة استفزاز الأم. إن العلاج لمثل هذه الاضطرابات عندما تكون عنيفة يكمن في يد الطبيب النفسي وخصوصاً إذا كانت أعراض اختلال توازن الشخصية واضحة تماماً لدى الطفل. أو عندما تكون هناك أحلام مزعجة غاية الإزعاج كل ليلة مما يسبب للطفل الخوف ليلاًونهاراً ويجعله خائفاً من الأطفال ويعمل دائماً على إثارتهم واستفزازهم. كلدر أهمية بناء الثقة تؤكد الدكتورة زينب الجباس، أخصائية الأطفال أهمية أن تعالج الأم الابن بنفسها، مشددة على عدم إهانته، وعلى ضرورة أن تؤكد له أنها تثق به، وأنه سيستطيع خلال أيام التحكم في نفسه. إذا كانت الأم قد وقعت في براثن عناد الطفل واستفزازه ومحاولة إهانته دائماً بسبب ذلك، فإن عليها أن تعترف للطفل بأنها ستبدأ معه بداية جديدة. وأن عدداً كبيراً من الأطفال في مثل هذا العمر يعانون هذه المشكلة نفسها، وهم يستطيعون أن يمارسوا قدرتهم على التحكم في النفس بالمحاولة، وأنها تثق في أنه سيحاول، وأنه سيحقق القدرة الكاملة على التحكم في النفس.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©