الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فاطمة العلي: مقابلة الإساءة بالإحسان تحد من المشكلات

فاطمة العلي: مقابلة الإساءة بالإحسان تحد من المشكلات
6 مايو 2012
هناء الحمادي (أبوظبي) - يحدث أن يرجع الأبناء إلى البيت وقد تعرضوا لمواقف صعبة وربما قاسية من رفاقهم في المدرسة كالسخرية والاستهزاء والضرب والإهانة، وتجد لسان حال الوالدين يقول “ركز على دراستك ولا تهتم بهم”، وفي بعض الأحيان إن تكرر الموقف تضطر الأم للذهاب إلى المدرسة لتخويف الطفل الآخر وتهديده، أو تسعى أحياناً إلى الحديث مع والدة الطفل المشاغب. ومثل هذه المواقف الصعبة والأليمة التي تتكرر للطفل تجعله يشعر بكراهية المدرسة، ويتمنى أن يغيرها. وهنا السؤال الذي يطرح نفسه هل الخطأ في الابن نفسه أو في الوالدين أو في الطرف الثاني المسيء أم أنها مسؤولية المدرسة؟ قصة واقعية إلى ذلك، تقول فاطمة العلي المتخصصة في الإرشاد الأسري “لماذا نفكر في أن الشخصية الساخرة أو العنيفة أو التي تتلفظ بالألفاظ البذيئة هي شخصيات سيئة يجب علينا الابتعاد عنها وعدم التفكير في رفقتها، وأنها من الممكن أن تخرب شخصيات أبنائنا أو تعلمهم الصفات والأعمال السيئة”. وتضيف “المسيء أو المذنب هو إنسان تعرض للإهمال النفسي والعاطفي، فاكتسب سلوكات سيئة من الممكن تقويمه وتعديل سلوكه، كما أنه من الممكن أن تظهر هذه السلوكيات منذ الصغر أو في فترة معينة ولظروف معينة”. وحول تجربتها مع إحدى الفتيات ذات العشر سنوات، تقول العلي “تعرضت هذه الفتاة في المدرسة لإساءة من قبل إحدى الزميلات، حيث كانت كل يوم تشتمها وتكتب لها كلمات نابية في ورقة وترسلها لها خلال الحصص الدراسية، وتكرر هذا الموقف مراراً وتكراراً إلى أن اشتكت لي لتخبرني بأنها كل يوم تأخذ الورقة وترميها في سلة المهملات ليستمر الوضع على هذه الحال 6 أشهر والعلاقة بينهما في تنافر”. وفي مثل هذه المواقف، تقول العلي “التجاهل وحسن المعاملة مع الطفل المسيء كفيلة بأن يقلب الموازين من الكرة إلى الحب، وهذا ما حدث مع هذه الفتاة حيث بعد مرور وقت طويل على ذلك السلوك من الطالبة الأخرى جاءت لتؤكد لي أن علاقتهما أصبحت أفضل من السابق، حيث باتت الفتاة المسيئة تتقرب أكثر من البنت التي أساءت لها وأصبحت أفضل صديقاتها”. مضيفة “أبناؤنا بحاجة للفرص ليشعروا بقيمة الأخلاق ومعرفة كيف يكونوا راقين في التعامل مع الآخرين، كما أن الأمهات لا بد أن ينتبهن بأن تكون هذه المواقف فرصة تربوية وتعليمية وليست فرصة لإثبات من الأقوى في العضلات”. غرس القيم كل الموقف التي يمر بها الأبناء سيكون له ردة فعل للقيم التي يحملونها في سلوكهم، في هذا الإطار تذكر العلى أهم القيم التي يجب أن نغرسها في أبنائنا، قائلة “من الأفضل الابتعاد عن المسيء والشخصيات الصعبة (كما يسميها البعض)، وعدم الاحتكاك بها أو مرافقتها ما هو إلا هروب من الواقع وزيادة ضعف الثقة بالنفس والتردد والجبن لدى الأبناء، بينما التحاور في هذه المواقف وتحويل كره الأبناء لهؤلاء الأشخاص إلى مشاعر الشفقة والرفق والتعاطف يولد شخصية لديها ذكاء عاطفي وقادرة على فهم مشاعرها وتغييرها للإيجابية، وكذلك إفهام الطفل طرق التعامل وإعطاء الأطفال ردود إيجابية لما يتلقاه من هذه الشخصيات من كلام أو ممارسات خاطئة، بحيث يستطيع الرد عليهم ومواجهتهم برفق وإحسان واحترام”، مؤكدة أن لهذا التصرف الأثر الكبير في غرس قيم مثل الثقة بالنفس والشجاعة والقدرة على التأثير في الآخرين والتفكير الإيجابي والقدرة على حل المشكلات، وقيمة التسامح والعفو وقيمة كظم الغيظ أو إدارة الغضب والانفعالات السلبية. ومن أهم القيم التي لابد للوالدين تأكيدها وغرسها في الأبناء، وفق العلي “قيمة التحكم في الغضب لأنه أكثر ما يزيد المشكلات ويؤدي إلى ردود الفعل السلبية، لأن الإنسان الغاضب لا يستطيع التفكير بإيجابية، ونتيجة هذا السلوك تكون مدمرة أحيانا فكم سمعنا عن أب قتل ولده أو العكس، وكم ضاع من خير وأجر وفضل بسبب الغضب، وكم حلت من مصيبة ودمار وهلاك بسبب الغضب، وبسبب ساعة غضب قطعت الأرحام، وتعادي الإخوان”. وتضيف “فلنحرص على تدريب أبنائنا على التحكم بمشاعر الُكره والحقد وإيذاء الآخرين والتحكم بانفعالات الغضب التي تعد من الأمراض النفسية المؤدية إلى أمراض جسمية وسلوكيات سلبية، وذلك بتوضيح أن القوة في التحكم بالغضب وليس في مبدأ “اللي ضربك اضربه واللي شتمك اقهره”، وليكن لهذا الحديث أساس تربوي في توضيح هذه المفاهيم لأبنائنا فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم - قال “ليس الشديد بالصّرَعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©