الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حماية اللغة العربية مسؤولية مجتمعية وتعزيز للهوية الوطنية

حماية اللغة العربية مسؤولية مجتمعية وتعزيز للهوية الوطنية
6 مايو 2012
تشكل المبادرة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي لحماية اللغة العربية دافعا كبيرا لصيانة وحماية اللغة العربية من التدهور الذي تشهده حاليا، من حيث تراجع مقررات اللغة العربية في مراحل التعليم المختلفة، وعزوف الدوائر والمؤسسات عن التخاطب باللغة العربية كلغة رسمية، وانتشار اللهجات المشوهة والمكسرة، وكثرة وشيوع الأخطاء اللغوية في مختلف المرافق بدءا من لافتات الشوارع، واللافتات الإعلانية في المراكز التجارية وفي الشوارع والعيادات والمدارس وعلى الحافلات والشركات والمؤسسات الخاصة والحكومية. عائشة الشحي (أبوظبي) - تهدف المبادرة، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله لحماية اللغة العربية إلى النهوض باللغة العربية، وتعزيز مكانتها في المجتمع واستخدامها في الحياة العامة، وإحياء اللغة العربية كلغة عالمية للعلوم والمعرفة، وتفعيل كل ما يساعد على النهوض بها من واقعها المرير. لاسيما أن المتغيرات الثقافية العالمية والإقليمية والمحلية فرضت واقعاً جديداً وضع اللغة العربية أمام تحديات ومخاطر عديدة تهدد سلامتها ومكانتها وتأثيراتها، ودورها الثقافي والحضاري في الحفاظ على هوية الأمة وتراثها التاريخي. مبادرة خلاقة تقول الإعلامية منال راشد إن «المبادرة من أهم المبادرات التي تعزز من مكانة اللغة العربية بين جميع اللغات، وسوف تعيد مكانتها وتعزز الهوية الوطنية لدى أجيالنا القادمة لأنها المعبرة عن قيمنا وثقافتنا وتاريخنا، فاللغة العربية تمثل عنواناً للهوية الوطنية فضلا عن كونها الناقل الرئيس للتاريخ والحضارة العربية عبر التاريخ والعصور. كما أنها خطوة إيجابية مسؤولة لإعادة مكانة ودور اللغة العربية في صون وحماية التراث والحضارة العربية الإسلامية على امتداد العصور، ومن ثم تستلزم تضافر كافة الجهود لإحياء دور اللغة العربية ومكانتها الرفيعة، وإحياء قيم الاعتزاز بعنوان الهوية العربية الذي تحمل عنوانه». كما تقول مريم نور طالبة جامعية إن «العبء الأكبر يقع على عاتق وزارة التربية ومناهجها من المرحلة الابتدائية وما بعدها، حيث تؤسس للمرحلة الجامعية، فإننا نجد أن الطلاب والطالبات ينهون دراستهم الثانوية العامة بل والجامعية وهم لا يحسنون اللغة العربية ولا يعلمون الكثير عن قواعدها، بل نجد كثيراً منهم لا يجيدون استخدام وقراءة وكتابة اللغة العربية بالشكل الصحيح، لأنهم يدرسونها من أجل اجتيازهم الامتحانات فقط، وشاع الاعتماد على اللغة الإنجليزية على حساب اللغة الأم». من جهتها، ترى آمنة المزروعي أن غالبية العاملين في مختلف قطاعات العمل لا يتقنون التحدث باللغة العربية، وتضيف «لو أردنا أن نتعامل معهم، علينا أن نخاطبهم بلغتهم المشوهة المكسرة، فمن المسؤول عن ذلك؟ إننا نضطر للتعامل مع الوافدين من المتحدثين بلغات أخرى بلهجاتهم الغريبة المشوهة، فلماذا لا تلحق هذه العمالة بدورات لتعليمهم اللغة؟ ولماذا لا تسن قوانين لعلاج هذه الحالة؟». ظاهرة لافتة يرى إبراهيم الذهلي، رئيس تحرير مجلة أسفار السياحية، أن واقع اللغة العربية يدعو إلى الأسى، ولا يسر عدوا ولا صديقا، فقد أصبحت اللغة العربية في الواقع ضعيفة جدا. ويجد أن المسؤولية تقع على الجميع، وكافة المؤسسات التربوية المعنية التي ابتعدت عن تعليم الأسس العربية الصحيحة للغة العربية، كما تقع المسؤولية على أجهزة الإعلام بشكل كبير. ويقول «يتعين علينا أن نضطلع بدورنا كأسرة، وآباء وأمهات، ومدرسين ومدرسات، وإعلاميين وجهات حكومية من خلال تعزيز الرقابة على محتوى اللغة العربية وعدم السماح بنشر وتداول ما يحط من قيمتها ومكانتها». من جانبه، يقول الدكتور محمد ولد عبدي، باحث في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، إن «واقع أي لغة يتعلق بواقع الأمة، فاللغة هوية قبل أن تكون أداة للتواصل، واللغة العربية للأسف الشديد توشك أن تندثر نتيجة عوامل عديدة لعل أبرزها انصراف أهلها عن الإسهام في المنجز الحضاري الإنساني، وكذلك قصور اللغة العربية ذاتها عن مواكبة مستجدات العصر، هذا علاوة على زهد أهلها بها، فلم يعد العرب يهتمون بلغتهم سواء بدراستها أو باستخدامها للتواصل والتخاطب، وأصبحت وكأنها شيئاً من التراث، ولا صلة لهم بها في التعامل اليومي، في المؤسسات الرسمية أوغير الرسمية». ويضيف «ينبغي أن تنهض جميع أجهزة الدولة والمجتمع من أجل إنقاذ هذه اللغة الجميلة العريقة التي تعكس وتترجم وجودنا وتاريخنا الحضاري، وتبدأ هذه الجهود بالمناهج التعليمية في كل الأقطار العربية وتمر بالتنسيق بين مجامع اللغة العربية المعروفة، والتنسيق الدائم بين مختلف الجامعات العربية، ولعل في هذا الصدد أشيد بالجهود الكبيرة المبذولة في دولة الإمارات من أجل النهوض باللغة العربية». لغة علم وتعلم في الإطار ذاته، يقول علي عبيد، عضو مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم في دبي إن «واقع اللغة العربية لا يسر محبيها بطبيعة الحال، لأن اللغة في كثير من المجتمعات العربية تتراجع يوما بين يوم، لاسيما في تلك المجتمعات التي تعتقد أن التقدم مربوط بلغات أخرى، ليست العربية من بينها. ولذلك فهي تربط سوق العمل فيها بإجادة اللغة الإنجليزية على وجه الخصوص دون سواها. وهذا الواقع نشاهده في مؤسساتنا التعليمية التي همشت اللغة العربية واعتمدت اللغة الإنجليزية في تدريس جميع المواد، لا أستثني منها المؤسسات الحكومية التي انتهجت خلال السنوات القليلة الماضية مسارا ألغت فيه اللغة العربية، واعتمدت اللغة الإنجليزية للتدريس في بعض مدارسها وأغلب أقسام جامعاتها وكلياتها، الأمر الذي جعل مخرجات هذه المدارس والجامعات غريبة عن اللغة العربية، لا تجيد حتى النزر اليسير منها. إن كثير من المؤسسات الحكومية ألغت العربية واعتمدت اللغة الإنجليزية في إعداد وكتابة خططها ومحاضر اجتماعاتها ومخاطباتها للمؤسسات والوزارات والدوائر الأخرى». ويوضح عبيد «هذا الواقع لا يمكن أن يرضي متمسكا بهذه اللغة يرى فيها مكونا من مكونات الهوية والانتماء لهذه الأمة التي ارتقت بفضل محافظتها على لغتها، فترجمت علوم الأمم الأخرى إليها، وأضاف علماؤها إلى العلوم والحضارة الإنسانية بلغتهم الأم، حتى أصبحت كتبهم ومؤلفاتهم مراجع أساسية ومهمة في علوم الطب والأحياء والكيمياء والرياضيات والفلك والفلسفة، وغيرها من العلوم الإنسانية التي أثرت في البشرية وأوصلتها إلى ما وصلت إليه من نهضة وحضارة وتقدم نقطف ثماره نحن الذين ضيعنا لغتنا العربية اليوم». ويقول «لاستعادة مكانة اللغة العربية إلى مكانتها، علينا أن نجعل منها لغة للتعلم والعلم والعمل والتخاطب في كل مناحي الحياة. فعندما يشعر المرء أن هذه اللغة هي طريقه ووسيلته لاكتساب علومه وكسب رزقه وشفائه من مرضه، وكل ما يحتاجه في هذه الحياة، يصبح تعلم هذه اللغة واستخدامها والمحافظة عليها أولوية يسعى لتحقيقها، أما عندما يشعر أن هذه اللغة عبء عليه فمؤكد أنه لن يتمسك بها ولن يعيرها أي اهتمام». تسلل الضعف يوضح عبيد «إعادة اللغة إلى مكانتها مسؤولية الجميع، هي مسؤولية المؤسسات والأفراد، كل في موقعه. الأب والأم في بيتهما، والمدرس والطالب في مدرستهما، والموظف في مكتبه، والبائع في متجره. فإلقاء المسؤولية على طرف واحد هو تهرب من المسؤولية. وعندما نقتنع جميعا بذلك، ستعود للغة مكانتها». ويقول إن «وسائل الإعلام واحدة من المنافذ التي يتسلل منها الضعف إلى لغتنا، فاهتمام هذه الوسائل باللهجات العامية على حساب الفصحى عامل مهم من عوامل ضعف الفصحى. علاوة على أن وسائل الإعلام لم تعد تدقق كثيرا في لغة العاملين فيها، يتساوى في هذا المقروء منها والمرئي والمسموع. وقد أضافت التكنولوجيا ووسائل الإعلام الجديد منفذا جديدا من منافذ إضعاف اللغة، حيث لا رقيب ولا حسيب على اللغة في الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، والمتتبع لما يكتب في هذه المواقع يلاحظ انتهاك حرمة اللغة، ويذهله المستوى المتدني الذي يكتب به المشاركون فيها، الأمر الذي يعكس واقع اللغة العربية المؤسف في مجتمعاتنا العربية، ويؤدي إلى انزلاق هذا الواقع إلى المزيد من الضعف والتردي». وتقول فاطمة البلوشي (موظفة) «صحيح أن الدولة تهتم بإقامة مؤتمرات وندوات تخص لغتنا الأم، لكن لا يتم تنفيذ ما يقرر من توصيات للحفاظ على اللغة؛ فما الفائدة إذن؟ نريد أن نعيد للغة العربية مكانتها، فهي لغة القرآن الكريم، ولغة لها خصائصها التي تميزها ولا تدانيها لغة أخرى». وتشير خولة مبارك إلى الأخطاء الإملائية في لافتات الشوارع واللافتات الإعلانية داخل المراكز التجارية، وفي ردهات ألعاب الأطفال، وقد أصبحت ظاهرة لافتة. وتتساءل عن الجهة المسؤولة عن ذلك، وترى أن الطفل حينما يرى مثل هذه اللافتات وما تحتويه من أخطاء، فانه سيتعلم لغة مشوهة، وأن هذه الأخطاء ستطبع في ذاكرته وعندما يكبر ستكون هناك الكثير من الأخطاء في استيعابه للكتابة الصحيحة، فالخطاطون الذين كتبوها من غير الناطقين باللغة العربية، ما يجعلهم أكثر عرضة للأخطاء الإملائية أثناء الكتابة، وكذلك عدم الاهتمام بأشياء تعتبر جزءا لا يتجزأ من الكتابة وهم يرونها ليست ذات قيمة ككتابة النقاط أو الهمزات ما قد يقلب المعنى إلى معنى آخر، وقد تكون قلة الرقابة عليهم من الجهات المختصة عاملاً مساعداً في تماديهم في ارتكاب تلك الأخطاء».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©