الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفانتازيا السورية في قفص الاتهام

الفانتازيا السورية في قفص الاتهام
27 أكتوبر 2008 23:23
بعد أن أقفل ''باب الحارة'' بإنتهاء عرض المسلسل الذي يحمل الأسم نفسه، فإن الجدل لا يزال دائراً حول أبطال هذا العمل، وغياب حكيم الحارة أبو عصام (الفنان عباس النوري) عن الجزء الثالث منه· عباس النوري اعتبر نفسه الغائب الحاضر وبطلاً من أبطال العمل حتى بعد أن قام المخرج والمنتج بسام الملا ''بتشييع'' شخصيته في الحلقة الأولى· وقال إن إستبعاده عن العمل لم يتم بسبب خلافات مالية حول أجره، وإنما لأنه أبدى قلقاً كبيراً على شخصية ''أبو عصام'' وعلى المسلسل كله، وهو ما لم يلق ارتياحاً لدى المخرج والمنتج· وكاد غياب النوري عن المسلسل أن يتحول إلى قضية رأي عام، حتى أن مسلسل ''بقعة ضوء'' الناقد تناول هذه المسألة بكثير من السخرية، خاصة أن النوري كشف قوة حضوره في العمل من خلال غيابه· وقد حاول المخرج بسام الملا أن يعوض استبعاد النوري بالتركيز على شخصية ''أبو شهاب''، وإبراز شخصية ''أم حاتم''، وتوسيع الدائرة لتضم حارتين جديدتين كحارتي ''أبو النار'' و''الماوي''، إلا أن هذه المحاولة لم تنجح في إضفاء البريق على الجزء الثالث، ليرقى إلى مستوى الجزء الثاني الذي حقق نجاحاً كبيراً· ويتفق كثيرون الآن على أن ''باب الحارة'' في نسخته الثالثة لم يصل إلى النجاح المطلوب، وعلى كونه فقد الكثير من بريق الجزء الثاني، بل إن هناك من يقول إنّ الجزء الثالث كان إضافة غير ضرورية أراد المخرج والمنتج أن يكسبا من خلالها على حساب الجزء الثاني، لكنهما لم يوفقا!· كما يلاحظ المتابعون أن الجزء الثالث إتسم بإيقاع بطيء بفقدانه للبوصلة والمحور، فجاء مشتتاً ومربكاً، حتى أن بعضهم اعتبر عملية إنتاجه مبالغة في سرعتها، من خلال توليفة عجولة تنسج على منوال الجزء الثاني، وتكرر مقولاته· وسواء نجح الجزء الثالث من مسلسل ''باب الحارة'' أم أخفق، فإن كثيراً من النقاد يرون أن المسألة الأساسية فيه ليست غياب ''عباس النوري''، ذلك أن من حق أي مخرج أن يستبدل أبطال عمله حتى ولو كان ذلك مخالفاً لرأي الجمهور!· بل إن المسألة الجوهرية هي: هل تحولت أعمال البيئة الشامية إلى نوع من الفانتازيا التي تستنسخ الشكل الخارجي المعتمد على الشوارب والسروال ولهجة ''القبضايات'' وخناقات النسوان وحكايات الجدات؟· وقد تعرضت هذه الفانتازيا لانتقادات في الصحافة السورية، رغم تكريم المسؤولين لمسلسل ''باب الحارة''! ويرى مثقفون سوريون: أنّ ''موضة'' أعمال البيئة الشامية قد استغلت لتكريس سلبيات الماضي، ومنها اضطهاد المرأة وإبراز تبعيتها ودونيتها أمام الرجل· وإن هذه الأعمال تسكت عن الجهود التنويرية التي شهدها المجتمع السوري في الزمن الذي تتحدث عنه، وهي تجعل للعضلات و''القبضايات'' الدور الأكبر في أحداث ''سخيفة'' أو خناقات نسوانية تستخدم فيها عبارات ''نابية'' تسوقها النسوة ضد نسوة أخر أو رجال غير مرغوبين! وهو ما يجرح الذوق العام في أي عمل معاصر، ومن شأنه أن يسيء إلى صورة المرأة السورية· وهناك من يقول إن مخرج باب الحارة بسام الملا قد نجح في الجزء الثاني في بناء ''توليفة'' مصطنعة ضمنت له النجاح، لكن هذه التوليفة لم تستند إلى إطار واقعي ومضمون فكري يعكس بصدق البيئة الشامية، وربما لهذا السبب لم تفلح هذه ''التوليفة'' في كسب الجمهور من خلال ''الجزء الثالث'' الذي تم تصنيعه على عجل بناء على طلب الجهة الممولة!· هذه الملاحظات تعرض الآن على صفيح ساخن، وتطرح سؤالاً عن هوية ومضمون مسلسلات البيئة المحلية في الدراما السورية، ولاسيما بعد أن كثرت الأعمال الشامية، فهناك مسلسل ''أولاد القيمرية'' الذي يشارك فيه الفنان عباس النوري، وهو من كتابة زوجته عنود الخالد وإخراج سيف الدين سبيعي، وهناك مسلسل ''أهل الراية'' لعلاء الدين كوكش، والذي يقوم ببطولته النجم جمال سليمان، وهناك أيضاً ''الحصرم الشامي'' لسيف الدين سبيعي أيضاً، وربما لاحظ المشاهدون عملاً مميزاً من أعمال البيئة وهو مسلسل ''الحوت'' الذي تميز بطرح صراع واقعي ضمن بيئة حقيقية وخلال زمن محدد، وبجدية وعدم استخفاف
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©