الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العجلة

6 مايو 2012
مع تسارع الحياة ومجرياتها، وتسابق الصناعات العالمية والتكنولوجيا والأجهزة الإلكترونية الحديثة وغيرها، أخذت البشرية تتماشى مع وقع الحياة المتسارع لإنجاز ما يمكن إنجازه، وتحقيق ما تستطيع تحقيقه في أقل وقت ممكن وبأفضل جودة للوصول إلى أعلى وأحسن المستويات في الإنتاجية والتقدم والتطور والتميز. والمتأمل في السباق الذي جرى ويجرى منذ فترة الثمانينات من القرن المنصرم يدرك حجم هذا التغيير والتغير الكبير على جميع الأصعدة. ولذا كثيراً ما نقول بعفوية: «نحن في زمن السرعة». ولكن هل كل ما يخضع للسرعة شيء جيد؟ هل العجلة شيء محمود أم مذموم؟ هل يفضل الاستعجال في كل أمورنا؟ هل للعجلة عواقب وخيمة؟ هل هناك ما يحتاج للعجلة؟ أسئلة كثيرة تحتاج منا للتروي في الإجابة عنها بحكمة. الإنسان بطبيعته مخلوق عجول فعندما بث الله تبارك وتعالى الروح في جسد آدم عليه السلام وأخذت الروح تنساب في جسده ابتداءً من قمة رأسه نظر آدم لما حوله وعندما وصلت الروح إلى قلبه اشتهى ثمار الجنة وقبل أن تصل الروح إلى رجليه أراد التحرك ليقطف من الثمار. هكذا نحن بني آدم تأخذ فينا العجلة مجراها إلا من أدرك فأحكم، وفكر فأمضى بقدر ما يرى ويفهم. قال تعالى: «خُلِقَ الإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ» (الأنبياء:37). وقال كذلك: «وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً» (الإسراء:11). عزيزي القارئ لا تعجل فقد خلق المولى عز وجل السموات والأرض في ستة أيام. والجنين يحتاج في الغالب إلى 9 أشهر في بطن أمه ليكتمل نموه في هذه المرحلة ويكون جاهزاً للخروج للمرحلة الأخرى «الولادة». والنباتات بأنواعها تحتاج لأزمنة لتنمو وتقوى وتطرح الثمار. وبناء أي شيء يحتاج لزمن، ونحن نعرف أن الأمور الجيدة تطبخ على نار هادئة. كثير من أمور حياتنا تتطلب منا التروي والتأني لأسباب كثيرة منها مثلاً: حتى تأخذ الأمور وضعها الطبيعي، حتى تنمو الأشياء بشكل صحيح، حتى تكتمل الصورة للمواضيع، حتى تتضح معالم الأمور، حتى ندرك ما وراء القصد في المواقف، حتى نحسن التقييم والحكم، فمثلاً في برنامج تلفزيوني للمواهب يُعطي للمرشح دقيقتين ليعرض ما لديه، فأحد أعضاء لجنة التقييم يحكم على موهبة المرشح قبل أن تمضي نصف المدة المعطاة من الزمن، فنجده في بعض الحالات يرجع في حكمه عندما تتضح له الصورة الكلية أو المعنى من وراء ما قدمه المرشح. هناك مجالات كثيرة في حياتنا تحتاج منا إلى التمهل قبل الفعل أو القول، خاصة إذا كان الموقف فيه حكما مصيريا، أو قد يترتب عليه تبعات كثيرة أو أمورا شائكة أو متعبة. فرجل بعد سنين طوال قضاها في العمل خرج بمبلغ جيد من المال وبنى فيه بيتاً له ولأسرته في بلده، ولكنه لم يمهل نفسه فباع البيت واشترى أسهماً وخسر كل ماله. قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «إياك والعجلةَ بالأمورِ قبلَ أوانها، أو التثبُّطَ فيها عند إمكانِها». وللحديث صلة. dralazazi@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©