السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفغانستان في انتخابات الرئاسة الأميركية

أفغانستان في انتخابات الرئاسة الأميركية
27 أكتوبر 2008 23:25
رغم خلافاتهما حول كيفية متابعة حرب الولايات المتحدة في العراق، يريد السيناتور جون ماكين والسيناتور باراك أوباما أن يرسلا المزيد من القوات الأميركية إلى أفغانستان· كلاهما على خطأ· التاريخ يصرخ باتجاههما، ولكنهما لا يسمعان· يحسن كلا المرشحين صنعاً إذا حملقا للحظة في لوحة للفنانة البريطانية إليزابيث بتلر وعنوانها ''بقايا جيش''، تمثل جنديا وحيدا هو من تبقى من جيش بريطاني قوامــه 1500 جندي أراد أن يعبر مسافة 150 كيلومتراً من الأراضي الأفغانية المعادية عام ·1842 يشكل جسد الجندي النحيل المتهالك والمهزوم تذكاراً لا يمحوه الزمن عما يحصل للجيوش الأجنبية التي تحاول إخضاع أفغانستان· ترتكز سياسة ماكين وأوباما تجاه أفغانستان، مثل معظم سياسات الولايـــات المتحـــدة نحو الشرق الأوسط وأواسط آسيا على العواطف بدلاً من الواقعية· تقــود العواطــف العديد من الأميركيين لأن يرغبوا في معاقبة مرتكبي جرائم 11 سبتمبر ،2001 وهم يرون الحرب ضد ''طالبان'' أسلوباً لتحقيق ذلك· كما يُعتبر القول بأن النصر على ''طالبان'' مستحيل وإن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تأمـــل بالســلام مـــع أفغانستان إلا من خلال الحلول الوسطى مع قادة ''طالبان''، شبه خيانة· يتجاهل هذا التجاوب المفاجئ نمط السيناريوهات المتغيرة التي طالما كانت جزءاً من الحياة القبلية الأفغانية لقرون عديدة· تتحول الأخلاق مع تغير المصالح· لا يعتبر دعاة الحرب الذين ساندوا ''طالبان'' بالضرورة أعداءً للولايات المتحدة· وإذا كانوا كذلك اليوم فليس بالضرورة أن يكونوا كذلك غداً· بدأت هذه الحقيقة البدائية في الأسابيع الأخيرة تعيد تشكيل الحوار حول السياسة الغربية تجاه أفغانستان· التقى دعاة الحرب على الجانبين بهدوء في المملكة العربية السعودية· نادى وزير الدفاع الأفغاني بإجراء ''تسوية سياسية مع طالبان''· لم يذهب وزير الدفاع الأميركي روبرت جيتس إلى تلك الحدود، لكنه قال إنه قد يكون في نهاية المطاف منفتح لفكرة ''التسوية كجزء من النتيجة السياسية''· إلا أن جيتس وصل مرحلة الهذيان من البهجة المبنية على إمكانية تحقيق أمر ما، من خلال تكرار شعار ماكين وأوباما: يمكن للمزيد من الجنود الأميركيين تحييد أفغانستان· أكد جيتس، وهو يتحدث بعد أيام من تقرير استخباري وطني توصل إلى نتيجة أن الولايات المتحدة عالقة في ''انهيار لولبي'' هناك، أكد أنه ''لا يوجد سبب لأن نكون انهزاميين، أو أن نقلل من قيمة الفرصة لأن نكون ناجحين على المدى البعيد''· واقع الأمر أن النجاح بعيد الأمد في أفغانستان، الذي يعرّف بأنه مستوى مقبول من العنف وتأكيدات بأن الحدود الأفغانية لن تستخدم لشن هجمات ضد دول أخرى، لن يكون ممكناً إلا بعدد أقل من الجنود الأجانب على الأرض، وليس أكثر· أنتجت سلسلة من الهجمات الأميركية التي لا تلين على أفغانستان ''أضراراً جانبية'' على شكل مئات الوفيات المدنية، مما يؤدي إلى عزل الأفغان الذين يحتاجهم الغرب· وطالما تستمر الحملة سوف يستمر انضمام المجندين إلى ''طالبان''· ليس صدفة أن الطالبان نموا بشكل واسع منذ بدء حملة القصف الحالية، فذلك يسمح لـ''طالبان'' أن يدّعوا عباءة المقاومة أمام محتــل أجنبـــي· ليــــس هنــــاك مــا هــو مقــدس أكثـــر مـن ذلــك في أفغانستــان· كذلك تشكل الحرب الأميركية في أفغانستان أداة تجنيد لـ''لقاعدة''، فهي تجتذب فيضاً مستمراً من المقاتلين الأجانب إلى المنطقة· قبل بضع سنوات ذهب هؤلاء المقاتلون إلى العراق ليحاربوا ''الشيطان الكبير''· وهم يرون الولايات المتحدة الآن تصعّد حربها في أفغانستان والمناطق المجاورة في باكستان، وهم يذهبون إلى هناك زرافات ووحداناً بدلاً من العراق· وحتى لو قامت الولايات المتحدة بعكس عملية تصعيدها للحرب في أفغانستان، فلن تكون الدولة مستقرة طالما أن تجارة الحشيش توفر كميات ضخمة من الأموال للمتشددين العنفيين، استئصال نبات الحشيش هو مثل استئصال ''طالبان'' فكرة عظيمة ولكنها غير قابلة للتطبيق· بدلاً من شن حملات لا نهاية لها من رش المبيدات وحرق الحشيش، التي تعزل الأفغان العاديين، يتوجب على الولايات المتحدة أن تسمح باستمرار الزراعة دون إعاقة، ومن ثم تقوم بشراء المحصول بكامله· يمكن تحويل بعض المحصول إلى مورفين للاستخدام الطبي، ثم يحرق الباقي· تبلغ قيمة محصـــول الحشيش الأفغاني ما يقدر بأربعة مليارات دولار سنوياً· يفضل صرف هــذا المبلغ عن طريق وضع النقود في جيوب الفلاحين الأفغان بدلاً من إطـــلاق الصواريــخ على قراهـــم· سوف يؤدي نشر المزيد من الجنود الأميركيين في أفغانستان إلى زيادة حدة هذا النزاع الخطر وليس إلى تهدئته· سوف تكون التسوية مع ''القاعدة'' لا يمكن تصورها وكذلك منفرة· ولكن ''طالبان'' قوة مختلفة· يشكل التفاوض بأسلوب ماهر بين زعماء القبائل، بناءً على استعداد صادق للتسوية أفضل أمل لأفغانستان· إنه توجه يرتكز على الواقع وليس العاطفة· ستيفن كنزر مؤلف كتاب ألف تل: إعادة إحياء رواندا والرجل الذي حلم بذلك ينشر بترتيب خاص مع خدمة كومون جراوند
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©