الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اضطرابات بنجلادش: نهاية سنوات الهدوء!

6 مايو 2013 22:21
بين أرنولدي عضو هيئة تحرير «كريستيان ساينس مونيتور» ثار الإسلاميون في شوارع العاصمة البنجالية أمس الاثنين ملوحين بالعصي والحجارة، بالإضافة إلى القنابل التقليدية، احتجاجاً على رفض الحكومة الاستجابة لمطالبهم بإقرار قانون مناهض للإلحاء والتجديف. وتأتي هذه الاحتجاجات العارمة كرد فعل من قبل الأحزاب الإسلامية في البلاد على حركة جماهيرية بميول علمانية كانت قد انطلقت مطلع العام الجاري، وهددت بإزاحة التعبيرات المحافظة للإسلام السياسي في بنجلادش. لكن، وفيما تخوض البلاد صراعاً سياسياً ودينياً على روح الشعب، تهدد الاضطرابات الأخيرة بضرب النجاحات الاقتصادية التي تحققت خلال السنوات الأخيرة، ووضعت البلاد تحت الأضواء الكاشفة للمراقبة الدولية والمتابعة الحثيثة لما يعتمل فيها من قلاقل. ولعل ما فاقم حالة الاحتقان، الحوادث الكارثية التي ألمت ببنجلادش خلال الأشهر الأخيرة، بانهيار مصنعين للملابس أديا إلى مقتل 700 شخص بسبب التراخي في إعمال قوانين السلامة والمراقبة الجيدة التي لم تواكب الصعود السريع للبلد كمصدّر رائد للملابس في العالم. فلعقود من الزمن كان يُنظر إلى بنجلادش في المحافل الدولية على أنها بلد هادئ لا يكاد يحدث فيه شيء، يعتمد في اقتصاده على الزراعة، ثم بعد ذلك تحول إلى قصة نجاح حقيقية في أطراف العالم الإسلامي. لكن العالم اليوم بدأ يصيخ السمع أكثر إلى أصوات الاحتجاجات المتصاعدة من البلاد على مدى الأشهر الستة الماضية. وقد أشار استطلاع للرأي أجرته إحدى المؤسسات، أن ظهور اسم بنجلادش في الصحف الدولية تنامى بنسبة 31 في المئة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ومن الأسباب الرئيسية التي تقف وراء الاضطرابات الحالية التي تشهدها البلاد، النمو الاقتصادي الذي لعبت فيه النساء دوراً حيوياً، بالإضافة إلى النظرة العلمانية لفئات واسعة من الشباب تجاه حرب الاستقلال، وربما تكون الانتخابات المقبلة المقرر عقدها في شهر يناير القادم محفزاً آخر على الاضطرابات التي تجتاح بنجلادش. وفي خلفية الصراع السياسي، هناك الحزب الحاكم الذي ينتمي إلى وسط اليسار ذي الميول العلمانية الواضحة المسمى «عصبة عوامي بنجلادش»، فيما يقود المعارضة الحزب القومي من وسط اليمين الذي يركز على الهوية الإسلامية. ويشكل التنافس بين الحزبين أحد الأسباب التي جعلت البلاد في صلب الاهتمام الإعلامي المحلي والدولي، حيث بدأت القلاقل السياسية في البلاد خلال شهر فبراير الماضي، عندما نزل إلى الشارع مئات الآلاف من المتظاهرين احتجاجاً على حكم قضائي صدر في حق زعيم «الجماعة الإسلامية» بتهمة ارتكابه جرائم حرب خلال حرب الاستقلال عن باكستان، إذ لم يرق للمتظاهرين الحكم بالمؤبد مطالبين توقيع عقوبة الإعدام. وقد أفادت «كريستيان ساينس مونتيور» وقتها بأن هذه الاحتجاجات «سرعان ما شجعت حركة سياسية منزعجة من نفوذ المحافظين والإسلام السياسي بأحد أكبر البلدان الإسلامية من حيث السكان». ثم تضيف الصحيفة نقلاً عن «ظفر سبحان»، رئيس تحرير «دكا تريبيون»، قائلة: «تهدف الحركة العلمانية إلى تسليط الضوء على دور الجماعة الإسلامية في أحداث عام 1971، وإلى تقليص دور الإسلاميين في الحياة العامة، وإعادة بنجلادش إلى جذورها العلمانية، مع الاعتراف بأن السياسة التي يحركها الدين سممت المجتمع». لكن الاحتجاجات الشعبية وُظفت سياسياً بعدما شعر الحزب الحاكم المنحدر من اليسار أنه يستطيع الاستفادة من الحركة العلمانية لضرب خصومه في اليمين، وفي البداية تظاهر أنصار «الجماعة الإسلامية» في الشارع، ثم انضم إليهم حزب ديني أكثر تطرفاً هو «حفظة الإسلام» الذي خرج إلى الشوارع لمواجهة حركة «شاهباج» العلمانية وبقية الناشطين الذين نشروا مقالات اعتبرت إلحادية. هذا الحزب الإسلامي ركز في مطالبه التي رفعها للحكومة على عدد من القضايا على رأسها سن قوانين تجرم الإلحاد والتجديف، ومنع الاختلاط بين الجنسين. وعندما رفضت الحكومة الاستجابة للمطالب، خرج عشرات الآلاف من أنصار «حفظة الإسلام» إلى شوارع العاصمة دكّا، لتندلع المواجهات مع الشرطة. غير أن الحزب الحاكم نفسه، «عصبة عوامي»، ورغم تعاطف العلمانيين معه واستفادته من تحركهم في الشارع، واجه انتقادات لاذعة على خلفية الكارثتين اللتين هزتا البلاد إثر انهيار مصنعين للملابس في الشهر الماضي، حيث ذكرت «نيويورك تايمز» كيف استغل مالك المصنعين، «سهيل رانا»، علاقاته القديمة بالحزب الحاكم، عندما كان مسؤولاً صغيراً في ذراعه الطلابية، للاغتناء والاستفادة من الامتيازات التي جعلته من أثرياء البلاد. والحقيقة أن قوانين السلامة غير الصارمة والكوارث اللاحقة أثارت قلق شركات الملابس الغربية التي تتعامل مع بنجلادش، حيث أعلنت شركة «ديزني» على سبيل المثال أنها لن تستقدم الملابس من بنجلادش. وفي حال قررت بقية الشركات العالمية القيام بالمثل، فلا شك أن الإنجازات الاقتصادية التي تحققت في البلاد على مدى السنوات الماضية ستتعرض لانتكاسة كبيرة، لاسيما في ظل المكانة المهمة التي يحتلها قطاع النسيج في الصناعة البنجالية، وقد زاد من تفاقم الوضع فشل فرق الدفاع المدني في إنقاذ حياة أحد الناجين الذي ظل تحت الأنقاض إلى أن فارق الحياة أمام أنظار الملايين الذين تابعوا العملية عبر شاشات التلفزيون، لتزيد من الشعور بالإحباط وتغذي الاحتجاجات. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©