الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خيارات واقعية لدعم المعارضة السورية

خيارات واقعية لدعم المعارضة السورية
19 مايو 2014 22:45
ترودي روبن محللة سياسية أميركية في يوم الثلاثاء الماضي ظهر الفشل الذريع لجهود البيت الأبيض فيما يتعلق بسوريا بشكل مكشوف وعلى نحو محرج، حيث أعلن الأخضر الإبراهيمي، المبعوث الخاص للأمم المتحدة الذي توسط في محادثات السلام السورية في جنيف، استقالته من شدة الإحباط، واعتبر أمين عام الأمم المتحدة «بان كي مون» أن تلكؤ الحكومة السورية ومماطلتها هما السبب الرئيسي للفشل. وفي يوم الثلاثاء أيضاً، وجه وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس انتقادات علنية بطريقة غير دبلوماسية للرئيس أوباما لفشله في استخدام القوة مثلما تعهد بذلك في حال استعمال الأسد لأسلحة كيماوية، حيث اختار أوباما بدلاً من ذلك اتفاقاً تزعمته روسيا ويُلزم الأسد بالتخلي عن تلك الأسلحة. ولكن سوريا لم تفشل فقط في احترام المهلة التي حددت للقيام بذلك، وإنما نفذت على ما يبدو 14 هجوماً كيماوياً جديداً، وما زالت تقتل الآلاف بواسطة الأسلحة التقليدية. ومع ذلك، يتشبث البيت الأبيض بسياسة تساهم في كارثة إنسانية وتساعد أيضاً على خلق ملاذ جديد لـ«الجهاديين» على حدود أوروبا. فمتى يتغير هذا؟ الواقع أن أي تغيير لم يبدُ وشيكاً عندما التقى زعيم المعارضة السورية أحمد الجربا، يوم الثلاثاء أيضاً، بمستشارة الأمن القومي سوزان رايس في البيت الأبيض. وقد انضم إليهما أوباما في وقت لاحق، غير أنه لم يتم نشر أي صور للاجتماع أو بيانات مشتركة، ويبدو أن السبب واضح. فالجربا يدعو المسؤولين الأميركيين إلى تزويد مجموعات الثوار التي تتحقق منها وكالات الاستخبارات الأميركية بعدد صغير من صواريخ أرض- جو المعروفة باسم «مانبادز» (وهي عبارة عن أنظمة دفاع جوي محمولة) حيث يمكن للمعارضة أن تستعمل هذه الصواريخ لإسقاط طائرات الهيلكوبتر التي تقوم بإلقاء قنابل متفجرة على المدارس والمستشفيات، وهو ما من شأنه أن يزعزع ثقة الأسد في نفسه ويمكن أن يؤدي إلى انشقاقات مهمة في صفوف جيشه. غير أن البيان الذي صدر عن البيت الأبيض عقب الاجتماع لم يأتِ على ذكر أي طلب من جانب الجربا -وهو ما يبدو أنه ما زال معلقاً- وأشار بدلاً من ذلك إلى أن الرئيس الأميركي أشاد بمحاولة ائتلاف الجربا إيجاد حل سياسي للأزمة السورية. حل سياسي؟ الواقع أنه لن يكون ثمة أي حل سياسي إلا إذا شعر الأسد بأنه تحت ضغط كبير، وهو ما لا يشعر به اليوم بكل تأكيد. والحال أن «الأسد اختار حلاً عسكرياً كاملًا»، كما أخبرني منذر آقبيق، كبير مستشاري الجربا. وبمساعدة روسية وإيرانية، يستعد رئيس النظام السوري لإجراء انتخابات مزورة لـ«إعادة انتخاب» نفسه رئيساً للبلاد. ويبدو أنه مصمم على التمسك بقطاع يمتد من شمال البلاد إلى جنوبها واستعمال أي وسيلة ضرورية لطرد المدنيين من الأراضي التي يسيطر عليها الثوار. وبالتالي، يمكن القول بأن الأزمة الإنسانية الكبيرة في سوريا ستزداد وتتفاقم (يذكر هنا أن ثلث سكان البلاد نازحون) وستستمر في زعزعة استقرار جيرانها. ولعل الأدهى من ذلك أن شمال شرق سوريا والجزء الغربي المجاور من العراق أضحى ملاذاً جديداً لـ«الجهاديين» يضم مجموعات مرتبطة بـ«القاعدة» وأخرى أكثر تشدداً. ذلك أن «سوريا أصبحت مغناطيساً ضخماً يجذب المتطرفين»، كما قال مدير الاستخبارات الأميركية جيمس كلابر في يناير. وكلما طال أمد هذا النزاع ازداد عدد «الجهاديين» القادمين. وتشير التقديرات إلى أن الحرب السورية اجتذبت نحو 7 آلاف متطوع أجنبي من أجل محاربة الأسد، ومنهم المئات الذين قدموا من بلجيكا وبريطانيا وفرنسا وبلدان أوروبية أخرى -وربما البعض من أميركا أيضاً. وهو ما حدا بكلابر إلى أن يشبّه سوريا بالحزام الشمالي الغربي لباكستان الذي وجدت فيه «القاعدة» وبن لادن ملاذاً لهم. ولكن الفرق هو أن «جهادستان» هذه أقرب بكثير من أوروبا. وقد سألتُ آقبيق عما يمكن أن يغيّر الحالة الحالية في رأيه، فأجاب قائلاً: «إنه سيكون من المفيد زيادة الدعم الأميركي للجيش السوري الحر، ومن ذلك الأسلحة المتطورة، في القتال المشترك الذي نخوضه ضد القاعدة». يذكر هنا أن بعض مجموعات الثوار التي تم التحقق منها والمرتبطة بالجربا تحارب «الجهاديين» والأسد معاً، ولكنها تحتاج إلى مزيد من المساعدة. كما أكد آقبيق أيضاً أن الجربا طلب الحصول على «مانبادز»، فسألتُه حول ما إن كانت ثمة إمكانية لوقوع هذه الأسلحة في الأيدي الخطأ، مثلما يخشى بعض المسؤولين الأميركيين، فأجاب قائلاً إنه لن تكون ثمة حاجة سوى لبعض من مثل هذه الأسلحة من أجل تغيير حسابات الأسد نظراً لأنه سيفقد سيطرته على الأجواء. وقال: «أعتقد أن 20 سلاحاً يمكن أن تُحدث الفرق»، مضيفاً «إننا نفكر في عدد صغير في كل مرة من أجل الحفاظ على السيطرة». وتفيد بعض التقارير بأن المسؤولين الأميركيين ينكبّون حالياً على دراسة وسائل تكنولوجية لتعقب كل واحد من تلك الأسلحة. وتابع آقبيق يقول: «إن أي حل سياسي يحتاج لبعض القوة والقدرة»، مضيفاً «يجب أن يغيّر النظام حساباته حتى يجلس إلى الطاولة. وتوفير الولايات المتحدة لأسلحة متطورة من شأنه أن يبعث برسالة قوية جداً». والواقع أن المرة الأولى التي تُسقط فيها مجموعة ثوار طائرة هليوكوبتر تابعة للنظام من شأنها أن تبعث رسالة مؤداها أن الوقت قد حان ليوقف الأسد قتل شعبه ويوافق على مفاوضات حقيقية حول حكومة انتقالية. ووقتئذ، يستطيع السوريون المعتدلون طرد الإرهابيين، بمساعدة من الخارج. بضعة صواريخ أرض- جو، أم «جهادستان» جديدة على البحر الأبيض المتوسط؟ لقد آن الأوان لكي يقوم البيت الأبيض بالاختيار! ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©