الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دول «المحيط الهادي».. قاطرة النمو في أميركا اللاتينية

19 مايو 2014 22:46
أندريس أوبنهايمر كاتب أرجنتيني متخصص في شؤون أميركا اللاتينية نفى وزير خارجية تشيلي، “هيرالدو مونوز”، نفياً قاطعاً أي توجه لدى حكومته، التي تنتمي إلى يسار الوسط، للنأي بنفسها، ومن ثم إضعاف، تحالف دول أميركا اللاتينية المطلة على المحيط الهـادي، وهو تكتل تجـاري للـدول المدافعـة عن اقتصـاد السوق ويضم كلا من المكسيك وكولومبيا والبيرو وتشيلي، هو تكتـل ينظر إليـه العديد من المراقبين باعتباره الترياق المضاد في أميركا اللاتينية للتكتل الآخر ذي التوجه الشعبوي. لكن قبل النظر في صحة كلام الوزير ومدى مصداقية نفيه الابتعاد عن التكتل علينا أولاً الاستماع إلى ما قاله لي في حديث طويل أجريته معه، فعندما سألته عما تشير إليه التقارير الإعلامية نقلاً عن الرئيسة التشيلية، ميشيل باتشيليه، بأنها تريد «مراجعة» مشاركة بلادها في تحالف المحيط الهادي، رد قائلاً «لا، لم نقل ذلك، إنما هذه تصريحات الإعلام التي لا تعبر عن الحقيقة»، وأضاف “مونوز” موضحاً: «ما نقوله هو أننا سنواصل نشاطنا داخل التحالف بطريقة إيجابية وفعالة طالما لم يتحول هذا التكتل إلى تجمع أيديولوجي يناوئ دولاً دون غيرها، ويصطف مع البعض على حساب الآخر». وأضاف مستطرداً «لا نريد لهذا التحالف الاقتصادي لدول أميركا اللاتينية المطلة على المحيط الهادي أن يتحول إلى كتلة سياسية ضيقة الأفق تواجه الدول الأخرى في أميركا اللاتينية المطلة على المحيط الأطلسي، فنحن لسنا إزاء تكتل لدول اقتصاد السوق التي تتمتع بكفاءة وفعالية كبيرة مقابل دول أخرى غير فعالة، بل يتعين إبداء الاحترام اللازم للدول المطلة على المحيط الأطلسي والسعي إلى الاندماج في إطار من التنوع الذي يحفظ مصالح الجميع». وفيما يعيش تكتل دول المحيط الهادي فترة مـن الازدهـار استمرت منذ تأسيسـه عام 2011 تواجه باقي التكتلات التجارية في أميركا الجنوبية مشاكل عديدة وضعفاً واضحاً بسبب الخلافات الداخلية بين البلدان. ومن بين الإنجازات التي حققها تكتل دول المحيط الهادي وتفسر نجاحه خفض الرسوم الجمركية بين دوله، وإدارة سفارات مشتركة، وإنشاء مكاتب لدعم التصدير في آسيا وأفريقيا، بل أقاموا أيضاً سوقاً مشتركة للأسهم، وهو ما دفع الرئيس الكولومبي، “خوان مانويل سانتوس”، إلى اعتبار التحالف في تصريح له بأنه «قاطرة التنمية الاقتصادية الجديدة» في أميركا اللاتينية، الأمر الذي أثار غضب البرازيل التي لا تنظر بعين الرضى للتكتل. وسواء بسبب العلاقات التجارية والاقتصادية الكبيرة التي تربط بين تشيلي من جهة والبرازيل والأرجنتين من جهة أخرى، أو لأن باتشيليه تريد النأي بنفسها عن سلفها المحافظ الذي دعم بشدة تحالف المحيط الهادي، فإن الزيارة الأولى لرئيسة تشيلي ستكون خلال الأسبوع الجاري إلى الأرجنتين، على أن تعقبها البرازيل في الزيارة التالية. وأكد وزير خارجية تشيلي أن بلاده تريد انضمام البرازيل، وهي أكبر اقتصـاد في أميركا اللاتينية، لتعلب دوراً داخل تحالف الدول المطلة على المحيط الهادي، وعندما سألته عما إذا لم يكن الأمر سيبطئ سرعة التحالف بالنظر إلى تصريحات البرازيل غير المتحمسة للتحالف، رفض “مونوز” هذه الفكرة، قائلاً: إن تشيلي ستقترح «تواصلاً تدريجياً وحواراً مفتوحاً» مع البرازيل لضمان دخولها التحالف بسلاسة والتهيئ لذلك من خلال التوقيع على اتفاقيات تقر حرية انتقال الأفراد وتبادل الطلبة، وإقامة مشاريع مشتركة للبنية التحتية، وهي كلها أمور يوضح مونوز «من شأنها إقامة لبنات أساسية في اتجاه تعاون أكبر». وعندما قلت إن الوتيرة التي تسير بها البرازيل بطيئة وقد تجر معها باقي دول التحالف، أصر الوزير أنه لا مبرر لإبطاء الحركة ما دام التحالف يمكنه السير «بسرعتين». فعلى غرار الاتحاد الأوروبي، هناك دول ضمنه تبنت العملة الوحدة، اليورو، فيما ظلت دول أخرى خارجه. لذا يمكن لتحالف دول المحيط الهادي أن تتبع نفس الطريق، وأضاف وزير الخارجية أن «تشيلي تريد حقيقة تفعيل التحالف، لكننا أيضاً نريد أن نكون بمثابة الجسر بحيث تستطيع دول أميركا اللاتينية المطلة على المحيط الأطلسي نقل بضائعها إلى الجهة الأخرى عبر موانئنا، وللقيام بذلك علينا تحسين علاقتنا مع تلك الدول». وأعتقد أن الحكومة التشيلية محقة في السعي لتعزيز علاقتها مع البرازيل والأرجنتين، وهما دولتان مهمتان لاقتصادها، إلا أنني أتساءل ما إذا كان ذلك سيتم على حساب تجريد تكتل الدول المطلة على المحيط الهادي من هالتها التي تراكمت على مدى السنوات الماضية بوصفتها «محركاً للتنمية الاقتصادية»، وذلك لأنها تحولت إلى ما يشبه «العلامة التجارية» التي قد تكون عامل جذب أساسي للاستثمارات الخارجية، والأكثر من ذلك أن تشيلي. وعلى غرار دول صغيرة في الاتحاد الأوروبي مثل جمهورية التشيك، يمكنها الترويج بسهولة لنفسها كمكان جاذب للاستثمارات إذا كانت جزءاً من تكتل اقتصادي يدافع عن السوق الحر، بحيث تستفيد الدول المستثمرة في تشيلي من التصدير إلى باقي أعضاء التكتل، بدلاً من الاستفادة من بلد واحد فقط. وفي وقت تتزايد فيه مخاوف المستثمرين حول العالم من الأسواق الصاعدة، أتساءل ما إذا كان يتعين على تشيلي، ضمنياً على الأقل، دعم تحالف الدول المطلة على المحيط الهادي والترويج لصورته كفريق الأحلام ضمن اقتصادات أميركا اللاتينية دون أن يمنعها ذلك من تطوير علاقاتها مع البرازيل من خلال اتفاقيات ثنائية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©