الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

إسبانيا تفقد نفوذها في أميركا اللاتينية

إسبانيا تفقد نفوذها في أميركا اللاتينية
6 مايو 2012
مدريد (د ب أ) - في الوقت الذي تكافح فيه إسبانيا للخروج من أزمتها الاقتصادية الطاحنة، تلقت ضربتين موجعتين عندما أعلنت الأرجنتين ثم بوليفيا تأميم شركتين مملوكتين لمستثمرين إسبان، مما يثير المخاوف من فقدان مدريد لأسواقها التقليدية في أميركا اللاتينية التي كانت مستعمرات إسبانية في وقت من الأوقات. في الوقت نفسه فإن قرار تأميم شركتي واي.بي.إف للنفط في الأرجنتين وترانسبورتادورا للكهرباء في بوليفيا يمثل إشارة إلى تراجع مكانة إسبانيا على الصعيد الدولي حيث يتراجع نفوذها في أوروبا، وكذلك في مستعمراتها السابقة في أميركا اللاتينية. كان المستثمرون الإسبان في أواخر القرن العشرين قد اتجهوا إلى أميركا اللاتينية كسوق رائجة للاستثمار في الوقت الذي كانوا يوصفون فيه باسم “الغزاة الجدد” واستثمر الإسبان أكثر من 140 مليار يورو (180 مليار دولار) في أميركا اللاتينية على مدى عامين وفقا لصحيفة “إكسبانشن” الاقتصادية اليومية. والآن أصبح على مدريد ابتلاع ضربتين مهينتين على الصعيد الدولي في وقت قصير بحسب ما كتبه جوزيب راموندا في عموده الصحفي. في الوقت نفسه تحدثت فيه صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية عن احتمال ظهور حالات تأميم جديدة وفقا لنظرية “الدومينو”. جاءت الضربة الأولى لإسبانيا من الأرجنتين في منتصف أبريل الماضي عندما أعلنت الرئيسة كريستينا فرنانديز بشكل مفاجئ تأميم شركة واي.بي.إف التي تمتلك شركة ريبسول الإسبانية 57% من أسهمها. وقد أحتفل النواب والنشطاء السياسيون والاشتراكيون في الأرجنتين أمس الأول بعدما أجاز البرلمان الأرجنتيني مشروع القانون الذي يسمح بسيطرة الدولة على 51% من أصول شركة واي بي أف. وأجيز القانون بأغلبية 207 أصوات ضد 32 صوتا في مجلس النواب وأدى إلى احتفالات صاخبة داخل وخارج المبنى. وتقول تقارير إعلامية أرجنتينية إن بوينس أيرس لن تدفع شيئا مقابل تأميم واي.بي.إف أو على الأقل لن تدفع الثمن الذي يتوقعه الإسبان وهو ما يثير قلقا واسعا في إسبانيا. ودعا البرلمان الأوروبي إلى إعادة تطبيق الرسوم على صادرات الأرجنتين وحذر من أن قضية الشركتين الأرجنتينية والإسبانية قد تنسف المفاوضات حول اتفاقية التجارة والشراكة بين الاتحاد الأوروبي ومجموعة دول ميركسور وهي تجمع تجاري لدول أميركا الجنوبية. وقبل قليل من إقرار البرلمان الأرجنتين لقانون تأميم الشركة قال وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل جارسيا مارجالو “يجب أن تدفع ثمن الأشياء المملوكة للآخرين” إذا أردت الحصول عليها. وفي أول مايو الجاري سارت بوليفيا على خطى الأرجنتين وقررت الأولى تأميم شركة الكهرباء ترانسبورتادورا (تي.دي.إي). وقال الرئيس البوليفي إيفو موراليس في خطاب بمناسبة يوم العمال العالمي إن الحكومة سوف تستحوذ على شركة “ تي.دي.إي” للكهرباء التي كان قد تمت خصخصتها في 1997. ومنذ عام 2002 تمتلك شركة “ريد إلكتريكا دي إسبانيا” (آر.إي.إي) الإسبانية أغلبية أسهمها. وتوفر “تي.دي.إي” حوالي 74% من استهلاك الكهرباء في بوليفيا. واتهم الرئيس البوليفي الشركة الإسبانية بعدم ضخ الاستثمارات الكافية في بوليفيا. وقد سيطر الجنود على مكاتب ومقار شركة ترانسبورتادورا. من ناحيتها قللت حكومة رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي من أهمية الخطوة البوليفية. ووفقا لصحيفة البايس الإسبانية فإن شركة “تي.دي.إي” تقدر بحوالي 6 ملايين يورو فقط ولذلك فهي ليست في أهمية شركة النفط “واي.بي.إف” التي تقدر قيمتها بحوالي 8 مليارات يورو. وأشار وزير الخارجية الإسباني إلى أن بوليفيا سارعت بتأكيد التزامها بتعويض شركة “آر.إي.إي” الإسبانية عن تأميم شركة الكهرباء. ويقول محللون إسبان إن الخطب الوطنية الحماسية التي يستخدمها المسؤولون في الأرجنتين وبوليفيا هي محاولة لإبعاد الاهتمام عن المشكلات الداخلية في البلدين. ولكن بالنسبة لإسبانيا فإن المشكلات مع الأرجنتين وبوليفيا تأتي في أسوأ توقيت. ففي الوقت الذي تشير التوقعات فيه إلى انكماش الاقتصاد الإسباني خلال العام الحالي بنسبة 1?7% من إجمالي الناتج المحلي وارتفاع معدل البطالة إلى 24% فإن البلاد في أمس الحاجة إلى أسواقها الخارجية. فالشركات والبنوك الإسبانية الكبرى مثل تيليفونيكا للاتصالات وبنكي ساتناندر وبي.بي.في.أيه وشركتا الطاقة أيبردرولا وإنديسا تعتمد بدرجة كبيرة على إيراداتها وأرباحها من أميركا اللاتينية. والمعروف أن إسبانيا هي ثاني أكبر مستثمر في هذه المنطقة بعد الولايات المتحدة. وقد قلل وزير خارجية أورجواي لويس ألمارجو ليميس من أهمية الأقوال التي تتحدث عن أن تأميم الشركات في الأرجنتين وبوليفيا يمكن أن يثير قلق المستثمرين الأجانب. وقال في مقابلة مع صحيفة البايس الإسبانية إن أميركا اللاتينية مكان ممتاز بالنسبة للاستثمار وأن الشركات الأسبانية تواصل تحقيق نتائج جيدة هناك. ولكن المحللين الأسبان يرون أن تأميم هذه الشركات إشارة إلى تراجع نفوذ أسبانيا في هذه الدول. في الوقت نفسه فإن الأزمة الاقتصادية لأسبانيا شوهت صورتها في أوروبا حيث اعتبر الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي المشكلات المالية الأسبانية مثيرة لقلق فرنسا. في ظل هذه الظروف فإن أسبانيا بات عليها مواجهة حزمة من المشكلات في الداخل والخارج لكي تستعيد مكانتها الاقتصادية والسياسية سواء في أوروبا أو في أميركا اللاتينية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©