الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المحاكمات العسكرية بمصر... ضغوط الإلغاء

6 مايو 2012
كان الزمن أواخر فبراير 2011، وكان الرئيس السابق حسني مبارك قد تنحى عن الحكم قبل أسبوعين فقط. ولكن المصريين كانوا لايزالون يحتجون، مطالبين بتنحي الحكومة المعينة من قبل مبارك أيضاً. وبعد مظاهرة سلمية في السادس والعشرين من فبراير، قام جنود الجيش بتفريق المتظاهرين بعنف، حيث ضربوهم وأطلقوا النار في الهواء. ومن بين الذين لم يحالفهم الحظ عمرو البحيري، حيث يقول شهود إن مجموعة من الجنود أحاطوا به قبل أن يعتقلوه. وبعد أيام على ذلك، وفي محاكمة عسكرية قصيرة، أدين "البحيري" بتهمة مهاجمة موظف عام وخرق قرار حظر التجول وحُكم عليه بالسجن خمس سنوات. قضية "البحيري" شكلت أول لمحة على ما تبين لاحقاً أنها واحدة من أكثر حالات استعمال الجيش للسلطة انتشاراً خلال فترة حكمه لمصر في مرحلة ما بعد مبارك. فمنذ يناير 2011، قام الجيش بمحاكمة أكثر من 12 ألف مدني مصري مثل البحيري في محاكم عسكرية. غير أن ما حدث بعد اعتقال البحيري ومحاكمته يمثل إحدى قصص النجاح القليلة وسط الانتكاسات وخيبات الأمل التي طبعت العام الذي أعقب الانتفاضة المصرية. فبسبب غضبهم مما وجدوا أنها ممارسة تحدث في صمت داخل السجون العسكرية ومراكز المتابعة القضائية، اتحدت مجموعة صغيرة من أجل محاربتها. ولكنها حاولت إقناع المصريين بأن المحاكم العسكرية تحدث فعلاً وأن ضحاياها يستحقون ما هو أفضل. وبعد عام على إطلاق "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين"، نجحت المنظمة في توعية الجمهور بالموضوع وفي ممارسة الضغط على الجيش لدرجة أن إطلاق وعود بإنهاء الممارسة أو الحد منها. ورغم أن المحاكمات العسكرية للمدنيين مازالت تحدث، فإن عددها بات أقل بكثير مقارنة مع مثل هذه الفترة من العام الماضي. كما قام البرلمان المصري الجديد الشهر الماضي بالحد من هذه الممارسة، وإن لم يذهب إلى حد إنهائها بشكل كلي. وقد لعبت منظمة "لا للمحاكمات العسكرية"، دوراً "مهماً جداً" خلال العام الماضي، حسب باحثة تعمل مع منظمة "هيومان رايتس ووتش" في مصر، إذ تقول: "لقد ركزوا على موضوع واحد، موضوع كان يبدو في البداية أنه موضوع تقني وأن المدافعين عن حقوق الإنسان فقط هم المهووسون به، وتمكنوا من تحويل هذا الأمر إلى نداء حشد للمحتجين ضد الجيش وكذلك للمثقفين والسياسيين المهتمين بالعلاقات المدنية- العسكرية"، مضيفة "أعتقد أن عملهم كان له تأثير مهم جداً وملموس". منظمة "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين" هي عبارة عن مجموعة من النشطاء والمحامين المخضرمين والمواطنين العاديين. وقد تأسست في مارس 2011، عندما بدأ نشطاء النظر في قضية البحيري، وآخرين اعتقلوا ذلك الشهر، واكتشفوا أن ثمة المئات، ثم الآلاف، من الآخرين من أمثاله. فالكثير منهم كانوا أفقر من أن تنال قضاياهم الاهتمام، كما أن عائلاتهم لم تكن تعرف إلى أي جهة تلجأ. والكثير منهم اكتُشفوا عن طريق الصدفة في وقت كان يجد فيه المحامون الذين كانوا يهبون لمساعدة أحد الضحايا عشرات الأسماء الأخرى على سجلات المحاكم، كما تقول راجيا عمران، وهي محامية كانت من الأركان الرئيسية للمنظمة خلال العام الماضي حيث كانت تتطوع للدفاع عن الأشخاص الذين يُحالون على المحاكم العسكرية. غير أن حجم الممارسة لم يتضح حتى شهر سبتمبر عندما اعترف جنرال في الجيش بأن قرابة 12 ألف مصري واجهوا محاكم عسكرية حتى ذلك الوقت، ويشار إلى أنه خلال الأشهر الأولى من 2011، لم تكن المحاكم تُستعمل ضد المحتجين فحسب، ولكن أيضاً من أجل محاكمة المتهمين في قضايا الحق العام كبديل للمحاكم المدنية. غير أن الجيش كثيراً ما يستعملها ضد المحتجين. راجي الكاشف، مخرج شاب، اعتُقل في التاسع من مارس 2011 عندما هاجم جنود الجيش مظاهرة في ميدان التحرير وأخذوا بعض المحتجين إلى المتحف المصري.ويقول الكاشف إنه خضع للمحاكمة -في مطبخ سجن عسكري، بينما يقوم الجنود بطهي الخضراوات على الموقد- ولم يتم إخباره بالحكم إلا بعد أيام عندما سُمح له فجأة بالذهاب إلى منزله. فقد تمت تبرئته. ولكن شقيقه، ونحو 120 شخصاً آخرين، أدينوا وحُكم عليهم بالسجن. وقد تبنت منظمة "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين" قضيتهم، وحاولت توعية الجمهور بشأنها. غير أن سعي المنظمة إلى كسب دعم الجمهور شكل ربما المعركة الأصعب. ذلك أن الصحف المحلية الصادرة باللغة العربية رفضت التطرق للموضوع لأن العديد من المصريين لا يصدقون النشطاء. فقد كـان الكثيـرون يقولـون إنـه إذا كانـت المحاكمات تحدث فعلاً، فلا بد أن الجيش يحاكم البلطجية ومثيري الشغب، بل إن عمة الكاشف نفسه قالت، بعد الإفراج عنه، إنه لا بد أنه يستحق ما جرى له لأن الجيش طيب، ولا يمكن أن يقوم بمثل هذا الأمر. كريستن تشيك القاهرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©