البصري تشدو بروائع الطرب الخليجي والعراقي

هي تظاهرة فنية للطرب والإبداع وجذور الفن الأصيل والموسيقى الخليجية، أطلقتها دائرة الثقافة والإعلام في عجمان تحت عنوان(( الموسيقى في الخليج العربي)) ضمن الدورة الثانية ''لملتقى رواد الفكر والثقافة في الخليج والجزيرة العربية''، والتي ختمتها بحفل مميز للفنان والملحن العراقي المعروف ''حميد البصري'' مع فرقته الفنية وبمصاحبة الفنانة ''شوقية العطار'' والفنانة ''بيدر البصري'' وأعضاء الفرقة الآخرين· وتعتبر فرقة ''البصري'' الفنية من أبرز الفرق الموسيقية العراقية التي تعنى بالتراث الشعبي كنافذة مهمة للغناء والفلوكلور والموسيقى المسكونة بذاكرة النخيل والأنهار والشعر، وهي من خلال أعمالها على مر السنين أضافت نماذج مدهشة لأرشيف الموسيقى العربية وفن الطرب الأصيل الذي يعبّر عن ثقافة شعوب منطقة الخليج· انطلقت الفرقة البصرية بداية من بغداد عام ،1976 وقدمت العديد من الحفلات في كل المحافظات العراقية، ثم أعيد تأسيسها في اليمن عام ،1979 وبعد ذلك في هولندا عام ،1997 حيث شاركت في مهرجانات موسيقية عربية وعالمية، وحصلت على الكثير من الجوائز· وتميزت الفرقة باستخدام الآلات العربية التقليدية مثل العود والقانون والإيقاعات، مع دمجها بالآلات الموسيقية الأخرى، ولطالما اعتبر الفنان حميد البصري من الملحنين العراقيين المميزين بألحانهم ومؤلفاتهم الفنيّة، من خلال إسهاماته الكبيرة في مجال ابتكار الألحان والأغاني العراقية البصّرية والخليجية بشكل خاص· أيقاعات ''الخشابة'' وكان للبصرة تأثير كبير ومهم على نشأة الفنان ''حميد البصري'' ومسيرته الفنية، كمكان ومدينة تاريخية عريقة، مطلة على بحر الخليج العربي، حيث تعددت فنونها و فلكلورها الشعبي بألحانه و روحيته المختلفة، فتعلم ''البصري'' منذ الطفولة فن الاستماع الراقي، ودرب نفسه على تذوّق إيقاعات فرق (الخشابة البصريّين) والذين يشبههم الفنان بفرق السمفونيات الأوروبية، حيث قارئ المقام يبدأ الغناء وسط حضور الخشابة الذين يتجاوز عددهم المائة أو أكثر، من خلال جلسة شعبية يستمع فيه الجميع بإنصات شديد، وثم يبدأون التصفيق أو(الصفكة) بنسق وتوزيع شديد الانضباط والتناغم، وحين ينتهون يبدأ من جديد جو الإنصات الخاشع لكلمات المطرب وهكذا دواليك· ويعزو ''حميد البصري'' هذا الغنى والتنوع في التراث الفنيّ للبصرة، كونها مدينة ساحلية مرتبطة ارتباطا وثيقا بفنون وثقافة الخليج، وأيضا كونها مرتبطة بحركة السفن التجارية المارة عبر عدة دول وثقافات وفنون مختلفة، إضافة إلى تأثيرات من جنوب الجزيرة العربية واليمن وأفريقيا، بحكم نزوح العديد من الزنوج إلى هذه المدينة والذين اشتهروا بإيقاعاتهم وأسلوبهم المميّز في الرقص والغناء، كـا(الهيوة، والليوة) التي تعتمد على إيقاعات أفريقية الأصل متزاوجة مع إيقاعات من ألحان البحر المعروفة بدول الخليج العربي· إحياء المواويل وهدف الفرقة البصرية ومؤسسها كان ولا يزال هو أحياء التراث الموسيقي الخليجي والعراقي الثري بالمقامات التراثية الأصيلة، والذي استلهم معظم إبداعاته من الفلكلور السماعي و الشفاهي لذاكرة الكلام والأغاني الشعبية القديمة عن العشق والبحر وزمن الماضي الجميل، ووضع هذا الفنان بصّمات واضحة في المنجز الفني العراقي من خلال عازفين وفنانين يتقدمهم هو كمؤلف موسيقي بالمشاركة مع زوجته ورفيقة دربه قارئة المقام العراقي الشهيرة ''شوقية العطار'' وابنته الفنانة ''بيدر البصري'' إضافة إلى نخبة من العازفين المتميّزين· وعن مشاركة الفنان حميد البصري وفرقته في (ملتقى الفكر والثقافة في الخليج والجزيرة العربية)، يقول البصري: :''سعدت بالمشاركة في هذا الملتقى كونها المرة الأولى التي أطل فيها على الجمهور الإماراتي، وهي دعوة كريمة من قبل دائرة الثقافة والإعلام في عجمان، أعتز بها لأنها تقربنا جميعا من لغة الحوار الفني والثقافي، و تعرفنا على التنوع الذوقي في موسيقانا العربية، وهي فرصة كذلك للتعمّق في دراسة نماذج من الموسيقى والغناء الخليجي الغني بإيقاعاته المختلفة مع نخبة من المهتمين بالموسيقى وطلبة معهد الفنون في الشارقة وذلك من خلال عمل ورشة خاصة حول الخصائص الموسيقية في الخليج العربي، وأنا أرنو مستقبلا لعمل موسيقي كبير يستمد أجواءه من مفردات الجمال في البيئة الخليجية ومن كلمات شعراء المنطقة على وجه التحديد· وعن تعريفه لأهمية الورشة الموسيقية التي قدمها للطلاب الإماراتيين، يقول الفنان البصري ''لقد اعتمدت في الورشة على تطبيقات لسلالم الموسيقى العربية والايقاعات الخليجية وآلاتها وألحانها المختلفة، التي جاءت نتيجة لبحث واسع ومطّلع كنت أعمل عليه منذ سنوات، طبقت بعضه على طلبتي من العرب والهولنديين في مدينة لاهاي، مع مختارات من البحوث التي قدمتها لملتقيات الموسيقى العربية التي أقيمت في مصر وسوريا وبعض الدول العربية الأخرى''· ولقد فرحت باهتمام وحرص الشباب الإماراتي على تعلم تراث الموسيقى العربية وأصولها· الراست البصري ابتكر الفنان حميد البصري مقاماً موسيقياً عربياً جديداً وهو الراست البصري وألف فيه، كما أعاد ترتيب الفرقة الموسيقية العربية على نمط يجعلها أقرب إلى الأوركسترا الأوروبية، وقد لحّن على مر السنين عشرات الأغاني والمقطوعات الموسيقية العربية الخالصة، كما درّس أصول الموسيقى العربية للناشئة في كل مكان عاش فيه· وهو الآن أستاذ الموسيقى العربية في مركز الفنون بلاهاي، حيث لا يكتفي بتعليم الهولنديين أصول المقامات العربية القديمة فقط، بل يحفر في ذاكرتهم أن العرب أمة مجيدة قادرة على إنتاج الجمال والفن في كل زمان ومكان· مقامات العشق والهوى قارئة المقام شوقية العطار والفنانة بيدر البصري من الوجوه المتميزة لفرقة البصري اللتين تشكلان معاً إطلالة عذبة على التراث البغدادي ومقامات العشق والقلب والهوى من مواويل جنوب القصب حتى أوبرا النهرين الدافقين بمسرات الوطن المسكون بحزن النخيل· وشوقية العطار قارئة مقام ذات خبرة كبيرة في الغناء العراقي والعربي لأكثر من 35 سنة، قامت بدور البطولة في أوبريت (بيادر خير) في العراق عام ،1969 إضافة إلى قيامها ببطولة أوبريت ( أبجدية البحر والثورة ) في اليمن عام ،1983 ومشاركتها في أوبريت ( زنوبيا) في سوريا عام ،1990 والعديد من المهرجانات الموسيقية العراقية والعربية والعالمية· عروض متميزة الفنانة بيدر البصري لها خبرة ودراسة في الغناء العربي لأكثر من 8 سنين وهي مغنية أوبرا شاركت في المسرحية الغنائية (زجل) في بلجيكا ، ولها العديد من المشاركات في المهرجانات الموسيقية العربية والعالمية وحاصلة على المركز الأول في الغناء بمهرجان الشبيبة في سوريا، ولها مشاركة متميزة في العرض الموسيقي الغنائي ( طقوس الحضارات القديمة ) الذي قدم في لاهاي روتردام عام 2004.