الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

«الإسراء والمعراج».. جزء من العقيدة

«الإسراء والمعراج».. جزء من العقيدة
7 مايو 2015 23:10
يقول الله تعالى في كتابه الكريم: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ)، «سورة الإسراء الآية (1)». يتفيأ المسلمون في هذه الأيام المباركة ظلال شهر رجب، وعندما يُقبل هذا الشهر المبارك يستحضر المسلمون ذكرى الإسراء والمعراج، فحادثة الإسراء من المعجزات، والمعجزات جزء من العقيدة الإسلامية، لذلك، فإن ارتباط المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بالأقصى والقدس وفلسطين هو ارتباط عقدي، وليس ارتباطاً انفعالياً عابراً ولا موسمياً مؤقتاً. نوازل عظيمة ومن المعلوم أن حادثة الإسراء والمعراج جاءت بعد نوازل عظيمة نزلت بالرسول - صلى الله عليه وسلم-، وأهمها: فَقْدُهُ - صلى الله عليه وسلم - لنصيريْه في البيت: «زوجه خديجة - رضي الله عنها»، وفي المجتمع «عمه أبوطالب»، وبعد الإيذاء الشديد من المشركين في مكة المكرمة، مما دفعه - صلى الله عليه وسلم - للتوجه إلى الطائف، لَعَلَّه يجد عند أهلها العون والمساعدة، لكنّ أهل الطائف خذلوه - عليه الصلاة والسلام-، حيث أساؤوا إليه وقذفوه بالحجارة حتى دَمِيَتْ قدماه، ومع ذلك فقد واصل - صلى الله عليه وسلم - مسيرته متمسكاً بحبل الله المتين متضرعاً إليه - سبحانه وتعالى-، داعياً ربه بقوله - عليه الصلاة والسلام-: «إن لم يكنْ بك غضبٌ عليّ فلا أُبالي، ... لك العُتْبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك»، وهكذا جاءت حادثة الإسراء والمعراج في تلك الأوقات العصيبة لتثبِّت قلبَ النبي - صلى الله عليه وسلم - وتشدَّ من أزره، وهي جائزة ما بعدها جائزة ومنحة بعد محنة اختص الله سبحانه وتعالى بها محمداً - صلى الله عليه وسلم-. قوة الإيمان كما كانت هذه الحادثة امتحاناً لقوة إيمان المسلمين ومدى تمسكهم بالدعوة وصاحبها، حيث ارتدَّ بعض ضعاف الإيمان حينما أخبرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك، لكنّ المؤمنين الصادقين ثبتوا على إيمانهم، ومن الجدير بالذكر أن رحلة الإسراء والمعراج - تُحَرّك المشاعر عند المسلمين في كل بقاع الأرض للتمسك بمسرى نبيهم - صلى الله عليه وسلم - والمحافظة عليه، وتأخذ بأيديهم نحو حياة العزة والكرامة. إن معجزة الإسراء والمعراج تدل على تكريم الله سبحانه وتعالى لرسوله محمد - صلى الله عليه وسلم-، حيث سُجِّل هذا التكريم في القرآن الكريم في صدْر سورة الإسراء، حتى تبقى هذه الذكرى خالدة في النفوس لا يضعف تأثيرها، يتعبد الناس بتلاوتها إلى يوم القيامة، فقد اجتمع الأنبياء - عليهم الصلاة السلام - لرسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم - في بيت المقدس وصلّى بهم الحبيب إماماً في المسجد الأقصى المبارك، كما استقبلوه بحفاوة وتكريم في معراجه إلى السماوات العُلى. فالإسراء في حقيقته أمرٌ خارق للعادة، جعله الله تعالى معجزة لنبيه - صلى الله عليه وسلم-، ثبّت الله بها فؤاده على الحق، وشدَّ أزره للنهوض بالدعوة الإسلامية، لا يخشى في الله لومة لائم، مُستيقناً أن الذي طَوَى له الأرض في جزء من الليل، لا يُعجزه شيء في الأرض ولا في السماء. مكانة القدس إن مكانة القدس تنبع من أنها القبلة الأولى التي تَوَجَّه إليها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الكرام - رضي الله عنهم أجمعين - منذ أن فُرضت الصلاة في ليلة الإسراء والمعراج، كما أن القدس هي مُنتهى الإسراء ومُنْطلق المعراج إلى السماء، وفيها أمَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - إخوانه الأنبياء والمرسلين - عليهم الصلاة والسلام - في المسجد الأقصى المبارك، كما أن المسجد الأقصى المبارك ثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين. لقد ربط الله سبحانه وتعالى بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى في الآية الأولى التي افْتُتحت بها سورة الإسراء: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ)، وذلك حتى لا يفصل المسلم بين هذين المسجدين ولا يُفرّط في أحدهما، فإنه إذا فَرَّط في أحدهما أوشك أن يُفرّط في الآخر، فهذه الآية الكريمة تُبشر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين وَتُعلن للدنيا في كل حين أن بيت المقدس هو مسجد للمسلمين وحدهم، ومن أجل ذلك جمع الحق سبحانه وتعالى في تلك الليلة الأنبياء والمرسلين - عليهم الصلاة والسلام-، فصلّى بهم - عليه الصلاة والسلام - إماماً، حيث تسلم - صلى الله عليه وسلم - الراية من إخوانه الأنبياء لتحملها أمته من بعده، كما أن المسجد الأقصى المبارك ثاني مسجد وُضع لعبادة الله في الأرض، ومع حلول هذه الذكرى المباركة في كل عام فإن الأمة تتطلع إلى مسرى رسولها العظيم، أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين، وهو الآن يئنّ ويزداد أنينه يوماً بعد يوم، لما يتعرض له من اقتحامات واعتداءات على أيدي سلطات الاحتلال. محو المعالم فالقدس لا يمكن أن تُنسى أو تُترك لغير أهلها مهما تآمر المتآمرون وخطَّط المحتلون، الذين يسعون لطمس طابعها العربي والإسلامي ومحو معالمها التاريخية والحضارية وتحويلها إلى مدينة يهودية، ففي كل يوم تتعرض مدينة القدس لمجزرة تستهدف الحضارة والتاريخ، فهي تتعرض لحرب مفتوحة على كافة الأصعدة، وتواجه وضعاً كارثياً نتيجة الإجراءات الإسرائيلية الهادفة إلى تهويدها، كما يتعرض المسجد الأقصى المبارك لهجمة شرسة، فمن حفريات، إلى إقامة مترو للأنفاق، إلى بناء كُنُس أسفله وبجواره، ليكون ذلك مقدمة لتقسيمه زمانياً ومكانياً تمهيداً لهدمه - لا سمح الله - وإقامة ما يُسمّى بالهيكل المزعوم بدلاً منه، إلى منع المصلين وسدنته وحراسه وأصحابه وطلبة مصاطب العلم من الوصول إليه، ناهيك عن الاقتحامات المتكررة لباحات المسجد الأقصى المبارك من قبل الجماعات الإسرائيلية المتطرفة والتي تتم تحت حراسة قوات الاحتلال الإسرائيلي. حماية الآثار لذلك فإننا نناشد جميع الأطراف الدولية والمحلية والمنظمات الحقوقية والإنسانية والمؤسسات التي تختص بالمحافظة على الأماكن الدينية والأثرية والتاريخية في العالم، بضرورة التصدي والتدخل من أجل وقف الاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات الإسلامية، كما نطالب منظمة اليونيسكو بتحمل مسؤولياتها بضرورة حماية الآثار الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة، كما نناشد المؤسسات العربية والإسلامية بضرورة المحافظة على التاريخ العربي والإسلامي للمدينة المقدسة من خلال المحافظة على مقدساتها وآثارها. إن مدينة القدس تحتاج إلى وقفة جادة من الأمتين العربية والإسلامية لأنها تستحق الكثير.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©