الزوج الرمز والرجولة الحقيقية

إن للحياة الزوجية قدسية ومعاني وحكماً خصوصاً حين تمتد بين قطبي المودة والرحمة فيكون في أقصاها المودة يرحم بها ويكون في أدناها الرحمة فيود بها وما بين ذلك أخلاق وإحسان وفضل وسكنى· والرجل الزوج كرمز أساسي في تلك العلاقة تقع على عاتقه الكثير من الأمور التي يجب أن يؤديها لتنجح علاقته بزوجته ولابد أن تبرز معاني الرجولة الحقيقية في تلك العلاقة من خلال فهم الحقوق والواجبات والذمة والمطالب · فلا يكون سبعاً أمام زوجته وقطاً أمام الآخرين ولا يكون صخّاباً في بيته أخرس عند الآخرين ولا يفرد عضلات رجولته - كما يزعم - أمام زوجته وينسى عقله وقلبه كرجل حقيقي· ولننظر إلى نماذج هؤلاء الأزواج الذين يفتقدون معنى الرجولة الحقيقي: - زوج متسلط على زوجته يلوح بكلمة الطلاق بمناسبة وبدون مناسبة تخويفاً وتهديداً واستغلالاً·· إن فعلتِ كذا أنتِ طالق·· وإن لم تفعلي فأنتِ طالق·· ابتذال وجهل مطبق يغشى أبصار هؤلاء الأزواج المتهالكين الذين لا يعرفون ما هي قدسية ومفهوم الزواج الحقيقي· - زوج بلا إحساس يعامل تلك الزوجة بمزاجيته لا بما تستحقه أو يتطلبه الحال فهو يمنع، ، ويرفض: لا تذهبي·· لا تفعلي·· كثير الاستفهام والغيرة والتشكك·· محبط لها، لا يحاول أن يفهم حاجاتها، ولا رغباتها· ولا يحاورها في اهتماماتها وطلباتها، أحادي الرأي، لا يسمع التبرير ولا يفهم العذر ولا يقبل الرأي الآخر ولا يعترف بمرجعية شرعية ولا حق ولا واجب، معاني الرجولة لديه هي القسوة والعنف والشدة والحزم أما المودة والرحمة والمعروف والإحسان والفضل فهي مفاهيم غريبة عنه· - رجل قوته الجشع، وزاده الطمع إن ملكت زوجته نصيباً من المال وحظاً من الدراهم من ميراث، أو استثمار، أو حتى هبة من والدها سالت نفسه قبل لعابه وكشر عن أنيابه· نجد نوعاً من هؤلاء يبحث عن الزوجة الموظفة وعينه على الراتب وزيادة الدخل·· يعتبر أن الاستيلاء على الراتب حق له، فهو دائما يهددها إن صرفت على نفسها ما تريد أو على والدتها أو أهدت أحداً شيئاً،فهو يرى أن موافقته على عملها مقابل راتبها كاملا له وحده · يتاجر بجهد وعمل زوجته، وإن أرادت التخلي عن الوظيفة أو التقاعد بعد هذا الاحتكار غضب، واستشاط، وتجهّم، وهدّد، وخوّف ثم قد يطلق · - رجل يلهث خلف زواج آخر هنا أو هناك ويقترض على حساب راتب زوجته ويتقشف على أسرته وأم عياله ليفتح يده مع الأخرى ويهبها ما تشاء لينال القبول والاستحسان· لأم عياله يقول ''ما عندي·· حاولي تدبري نفسك''·· ولزوجة المسيار أو الأخرى يهتف''يا زبدة لا تذوبين، خذي ما تريدين'' بلا عدل ولا أمانة· - زوج (مطلاق) - اسمحوا لي بهذا التعبير - أي يتزوج بلا هدف ولا سبب ويطلق تعسفا بلا سبب نيته الطلاق قبل الزواج يعبث بمشاعر الأسر والنساء · هذه أمثلة حية نجدها من حولنا بشكل أو بآخر، أزواج لا يعرفون المرأة جيداً ولا يدركون عظم أمر الزواج وأهميته· إن الرجولة الحقيقية للزوج هي التي تبرز في المحافظة على تلك المرأة لا العبث بها أو بحقوقها· وحق الطلاق الذي منح للرجل هو لتحقيق الاستقرار وحل المشكلات لا أن يستغله ويستعمله فيما لا يفهمه ولا يعبأ يتذكره فقط كحق له و ينسى كافة حقوق زوجته · هنا تقتل الرجولة الحقيقية· وتعيش المشكلات والآلام· والزوج الرجل هو من يصنع مائدة للتفاهم ويمنح مساحة للحوار والنقاش، ويسقي الود والرحمة بالتنازل وتغليب المصلحة الأسرية على أهوائه· الزوج الرجل هو من يجد الطريق الصحيح والسهل والراقي لقلب زوجته وسيأخذ منها أكثر مما يعتقد حين يصلها بوده، وإحسانه، واحترامه لها·· عبدالعزيز عبدالرحمن اليوسف