الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اكتئاب ما بعد الولادة اضطراب طبيعي بسبب تغير الهرمونات

اكتئاب ما بعد الولادة اضطراب طبيعي بسبب تغير الهرمونات
10 مايو 2011 20:08
الكثير من السيدات يعانين حالة من الاكتئاب والضجر، أو يشتكين من الإحساس بعدم الراحة والملل بعد الولادة، أو يميل تفكيرهن نحو التفكير السلبي، أو الإحساس بالقنوط بعد ولادة طفلها، والكثير ما تشعر ـ دون سبب معلوم ـ بالحزن، ويعتريها نوع من الأحاسيس الخاوية من الحياة التي تترافق مع الاكتئاب. وهؤلاء النسوة اللاتي يعانين من اكتئاب بعد الولادة، من أن يلحق هذا الأمر أضراراً بالطفل بطريقة أو بأخرى، مما يكرس لديهن الإحساس بأنهن أمهات غير صالحات. أوضح الاستشاري النفسي الدكتور محمود رشاد، حقيقة هذه الأعراض، ويقول:”ينقسم الاكتئاب الذي يصيب النساء بعد الولادة إلى ثلاثة أنواع هي “أسى الأمومة” أو “اكتئاب ما بعد الوضع” أو “ذُهان ما بعد الوضع”. وعادة ما تُصاب الأم الجديدة بأسى الأمومة خلال اليوم الأول أو الثاني بعد الوضع، وقد يستمر لمدة ثلاثة أسابيع، وهو اضطراب شائع بين أمهات حديثات العهد، ويعتبر اضطراباً طبيعياً على الرغم من أن الأم لا تشعر أنها طبيعية، فقد تشعر بالراحة للحظة، ثم فجأة قد تنفجر بالبكاء في اللحظة التالية، وبالإضافة إلى الإحساس بالكآبة أوالإحباط، هناك أعراض أخرى تتمثل في فقدان الطاقة وعدم القدرة على النوم وفقدان الشهية والشعور بالتعب بعد النوم والتوتر والقلق الزائد والارتباك والخوف المفرط من التغيرات البدنية وفقدان الثقة. واكتئاب ما بعد الوضع عبارة عن اضطراب في المزاج يتمثل في التفكير السلبي والشعور بالخيبة والحزن والقنوط. وبخلاف “أسى الأمومة”، فقد تتأزم هذه الحالة وتستمر لأكثر من شهر بعد الوضع. ويعاني من هذا الاضطراب ما يتراوح بين 10 و 15% من النساء”. الأعراض يضيف الدكتور رشاد:” في هذه المرحلة تفقد النساء المصابات المتعة بالأشياء والعادات اللواتي كن يمارسنها، كما تختلف الأعراض من امرأة إلى أخرى وتشمل أيضاً الإحساس بالتعب والإرهاق الشديد وفقدان الأمل والعجز وتغيرات في الشهية والتوتر وصعوبة في التركيز وعدم القدرة على اتخاذ القرارات وخفقان القلب والنخز والإحساس بالخدر والفزع الذي يؤدي إلى نوبات ذعر ورغبة في إيذاء الطفل أو النفس وعدم الاهتمام بالنظافة الشخصية والمظهر والهوس بصحة الطفل. كما يختلف اكتئاب ما بعد الوضع من امرأة إلى أخرى من حيث الشدة. فقد يستمر عند بعض النساء لعدة أشهر. وبإمكان الأمهات اللواتي يعانين من اكتئاب ما بعد الوضع المعتدل، الاعتناء بأطفالهن وممارسة نشاطاتهن اليومية، في حين ربما يستحوذ على الأخريات التوتر والقلق لدرجة يفقدن معها القدرة على الاعتناء بأنفسهن أو أطفالهن. وأحياناً تتعرض المرأة لذُهان ما بعد الوضع، وهو من الاضطرابات الحادة والنادرة، ويصيب امرأة واحدة من بين كل 1000 امرأة، وتبدأ هذه الحالة عادة خلال الـ 3 - 10 أيام الأولى التي تعقب الوضع، حيث تعاني المرأة المصابة مما يمكن أن نسميه الانفصال عن الواقع، فتخسر الوزن بسرعة دون اتباع أي نظام غذائي خاص، ولا تستطيع النوم أحياناً لفترة تتجاوز الـ 48 ساعة، وتعاني من الأوهام والهلاوس، وتتطلب تدخلاً فورياً من قبل الطبيب المختص. الأسباب عن الأسباب، يقول الدكتور رشاد:” اكتئاب ما بعد الحمل لا يوجد سبب محدد للأزمات العاطفية التي يعاني منها العديد من النساء بعد الوضع. وعلى كل حال، يعتقد الخبراء أن التغيرات السريعة التي تحصل بعد الوضع في مستوى الهرمونين الأنثويين “الأستروجين” و”البروجيستيرون” تؤثر بشكل كبير على الصحة العقلية للمرأة. وبعد الوضع، ينخفض مستوى “البروجيستيرون” بشكل كبير، ويعتقد أن هذا الانخفاض الدراماتيكي في مستوى الهرمونات الأنثوية يلعب دوراً مهماً في الاكتئاب الذي تصاب به العديد من النساء بعد الوضع. وخلال فترة الحمل يرتفع مستوى “الإندورفينات”، وهي مواد طبيعية تعمل على تحسين المزاج، بيد أن مستوى هذه المواد ينخفض بشكل حاد بعد الحمل، الأمر الذي قد يساهم في تعزيز احتمالات الإصابة بالاكتئاب. وبالإضافة إلى هذه التغيرات الفيزيائية، هناك عوامل أخرى ربما تُساهم في الإصابة باكتئاب ما بعد الوضع وتشمل الحمل الصعب أو الولادة الصعبة والمشاكل الزوجية والرضيع المتطلب جداً وإحساس المرأة بأنها لم تعد حاملاً. والواقع أنه لا يمكن تحديد النساء المعرضات للإصابة باكتئاب ما بعد الوضع من خلال مستوى الهرمونات، ومن أجل خفض احتمالات الإصابة بالاكتئاب بعد الوضع، ينصح الخبراء النساء بأن يجمعن معلومات قدر ما يستطعن عن المسؤوليات والمهام المتعلقة برعاية الأطفال قبل ولادة الطفل. ويمكن الحصول على مثل هذه المعلومات من خلال الكتب والمجلات الخاصة برعاية الأطفال والاستفادة من مهارات النساء اللواتي يتمتعن بخبرة كبيرة في هذا المجال. وإذا كانت الأم المرتقبة من المعرضات للإصابة بالاكتئاب بعد الوضع، فإنه من الحكمة أن تراجع طبيباً مختصاً خلال فترة الحمل. المساعدة الطبية يشير الدكتور رشاد إلى أنه من الأهمية معرفة الفرق بين حالة أسى الأمومة التي ستزول تلقائياً وبين اكتئاب ما بعد الوضع المستمر، لقد اكتشفت نساء كثيرات بعد العلاج متعة الأمومة، بيد أن هُناك بعض التعليمات التي تساعد الأمهات والأزواج في تحديد ما إذا كانت هناك ضرورة إلى الاستشارة الطبية أم لا، وعلى الرغم من أنه لا يوجد علاج أو طريقة علاجية خاصة بكل امرأة على حدة، ولكن هناك تركيبة علاجية تشمل مضادات الاكتئاب والدعم الاجتماعي. وأما طرق العلاج فتنقسم إلى قسمين هُما: المعالجة المعرفية والمعالجة النفسية الاجتماعية. وتقوم المعالجة المعرفية على نظرية مفادها أن الطريقة التي نفكر بها وندرك بها العالم، تؤثر على المزاج والأداء. ويعمل المختصون في المعالجة المعرفية على مبدأ أن المدارك السلبية يمكن أن تؤثر بسرعة على مستوى احترام الذات والاعتزاز بها وتوهن الجسم وتثبط الهمم وترفع مستوى التوتر والضغط النفسي. وتهدف المعالجة المعرفية، إلى تعويد الأم المعنية على الاستجابة للأحداث والتفاعل معها بطريقة جديدة، فعلى سبيل المثال، قد تجد الأم صعوبة في تهدئة طفلها أو تخفيف الآلام التي يعاني منها، مما يدفعها إلى الاعتقاد بأنها أم غير صالحة، وفي هذه الحالة يقوم المعالج بمساعدة الأم وإفهامها أن ولدها يعاني من مشكلة جسمية ناجمة عن رياح البطن مثلا، وهذه حالة لا تستطيع أي أم فعل أي شيء تجاهها. وأما بالنسبة للمعالجة النفسية الاجتماعية، فتقوم على فكرة أن هناك علاقة بين اضطراب المزاج والعلاقات الشخصية الاجتماعية كالعلاقة مع الزوج أو الوليد الجديد. وتساعد هذه الطريقة العلاجية الأم على تحقيق توازن بين دورها كأم وشريك وموظفة وصديقة. وتتيح العقاقير المضادة للاكتئاب خياراً إضافياً للأم التي تعاني من اكتئاب ما بعد الوضع، وتساعد مضادات الاكتئاب في تحسين المزاج وتعزيز الطاقة مما يمكن الشخص من استعادة القدرة على ممارسة نشاطاته اليومية”. دور الزوج يمثل الزوج حبل السلامة بالنسبة للزوجة التي تعاني من الاكتئاب بعد الحمل، وباستطاعته أن يساعد زوجته على تجاوز محنتها، ولذلك ينبغي عليه أن يكون متنبها لبعض الأعراض الرئيسية التي تشمل الشعور بالحزن والإحساس بعدم القيمة ومشاكل النوم والتعب الشديد والانعزال والابتعاد عن الأصدقاء والعائلة والشعور بالتوتر والقلق والإحساس بالذنب والغضب. وهناك الكثير من الأشياء التي يجب أن يضعها الزوج وجميع أفراد العائلة والأصدقاء، في اعتبارهم، منها أن اكتئاب ما بعد الوضع هو مرض حقيقي، والأم التي تعاني منه لم تصب بالجنون، بل إنها تتفاعل مع بعض التغيرات الجذرية في حياتها وحياة طفلها، ولا ينبغي على الزوج الحكم على مشاعر وردود أفعال زوجته، بانتقادها أو عرض الحلول التي ليست هي بحاجة إليها، بل على العكس عليه أن يصغي لها ويتعاطف معها. وعليه أيضاً أن يعرض المساعدة من دون أن تطلب ذلك الزوجة، وذلك من خلال القيام ببعض الأعمال الإضافية في المنزل مثل تنظيف المنزل والصحون وغسل الثياب، إذ من شأن ذلك أن يخفف عن الزوجة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©