الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

صالحة عبيد تنسج رسائل أدبية عن عالم آخر مضيء

صالحة عبيد تنسج رسائل أدبية عن عالم آخر مضيء
6 مايو 2012
اسم جديد يطل على ساحة الثقافة، بقوة، وبوضوح يحمل معه شقائق حلمه الذي يتطلع إليه، يحاول جاهداً أن يقدم نفسه في عالم الأدب عبر شفافية الرسائل الأدبية، إنها صالحة عبيد الأديبة التي قدمت نصوصاً غير عابرة في قالب سردي مختلف. في إصدارها الجديد “شقائق الحلم” مشاعر كثيرة، والتقاطات حادة وإنسانية في الآن نفسه، تحاول في تلك الرسائل الأدبية الفارهة أن تحول النص القصصي أو الحكاية إلى “نص مفتوح” عن كل الأجناس، حتى ليقرب أن يكون أقصوصة أو قصة قصيرة جداً، وهذا لا يعني إنها لم تفكر في كيفية توجيه نصها نحو هدفه غير المعلن، حيث تتوق دائماً إلى “روح الحكاية” ذاتية كانت أو موضوعية. في “شقائق الحلم” رسائل كثيرة تبتدئ بـ”صندوق الذاكرة القرمزي” حتى “هيوغو.. الأحلام عالمنا الخاص” مروراً بنصوص منها “مونولوج” و”دمية” و”رسالة ماركيز الأخيرة”، و”حكايات صغيرة” و”ذاكرة مبللة به” وغيرها. في هذه الرسائل يتأرجح النص من شعرية فاضحة، شفافة، إلى سردية حكائية عميقة، قد يراها البعض انها تبحر في تقليدية الحكاية. في “حكايات صغيرة” قصص ومفاصل شعرية، لم يطغ أحدهما على الآخر فلكل نوع خصائصه، وعوالمه، وتركيبه البنائي، تعرف صالحة عبيد ذلك وتحاذر في تعاملها مع الأجناس الأدبية ولكنها في أحيان أخرى تمزج تلك الأجناس في عمل واحد، غريب، ترى فيه الكناية والاستعارة والرمز والوضوح، وفي أحيان أخرى نراها شاعرة لا تغلب على الشعر غير جنسه حيث تقول في “ذاكرة مبللة به”: المدى عاصف والسماء ملبدة بالحنين تمطر ينقبض حزني يهطل وجهك وأتلاشى. وتبدو صالحة عبيد في التقاطاتها الشعرية تلك أقرب إلى السرد الذي خبرته حتى وإن كان في نص صغير حيث تعتمد الفعل السردي داخل النص الشعري الذي جعلت فيه “المطر” محوراً عاشقاً، كونه “الهو” أو بديلاً للهو، “وحدك مطري”، ولهذا نراها تقول معبرة عن هذا الاتحاد بين الكاف في وحدك والياء في مطري كونهما ضميرين يعودان إلى عنصري الاتحاد “الهو والأنا”، وهذا الاستخدام يتكرر في أغلب التقاطات عند صالحة عبيد التي تمتلك نفساً شعرياً: سحابة ملغومة أمطرتك فاغرقتني حتى الوجع الأخير دون أن يشفع لي قوس قزح. وتقول في مناجاة هائمة: كم من الحزن يلزمني لأشقى منك؟ وكم من الانتظار أحتاج لتفني..؟ وكم مطراً ستقرضني السماء لأغتسل؟ في هذه الرسائل “شقائق الحلم” تكتب صالحة عبيد حكايات صغيرة عن فتى صغير، كان فتى صغيراً.. في سبع حكايات عنه تبتدئ جميعها بـ”أذكره جيداً”، وهي بذلك تقدم الآخر من خلال الذكرى، إلى النص الأول في تلك الحكايات السبع لم تقدمه صالحة عبيد بـ”أذكره جيداً” بل حكت: نهايات مايو قاتمة، تصيبني باكتئاب حاد، وغثيان مشاعر وذكريات، يومان قبل الخامس والعشرين من مايو أو يومان بعده لا أذكر يوم مولده، ولا أجرؤ ولكني أذكره جيداً”. وتبدأ في ستة نصوص أخرى تحكي ذكرياتها عنه في لازمة واحدة تتصدر تلك النصوص الستة. في “عتبة.. لواسيني ولكائن ترك العتبة” تخاطب صالحة عبيد الروائي “واسيني الأعرج” خطاباً شفافاً مليئاً بوجع الكتابة: “نعم نكتب لأننا لا نريد من الجرح أن يظل حياً ومفتوحاً، نكتب لأن الكائن الذي نحب ترك العتبة وخرج ونحن لم نقل له بعد ما كنا نشتهي قوله”. وتذهب صالحة عبيد إلى عالم “ماركيز” الروائي وتقرأ له الرسالة الأخيرة في صيف 1999، ويبقى تساؤل صالحة عبيد “لماذا نكتب؟” ملحاً، في أكثر من موضع في رسائلها الأدبية، وكأنه سؤالها الفلسفي الأعمق. وفي نصها “أنت.. الآخر” تتجلى هذه الشاعرة الساردة في المناجاة عبر أربعة مقاطع تبتدئ كل واحدة منها بهذه العبارة “الآخر دائماً هو أنت”. نصف العملة المخبأ.. ذلك هو الوصف الأدق للآخر.. الوجه الآخر من عملة الحياة، من الذات نفسها حيث يرى الشاعر أن الآخر هو الجانب اللامضيء من عتمة العملة. وفي قصيدة “إرادة” تقول: أريد منك وردة بيضاء ولا تقل شيئاً لا تكتب شيئاً لأنها ستخبرني. هذا هو اللامرئي الذي تريد أن تكتشفه صالحة عبيد في عالمها الشعري والسردي في الآخر.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©