الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أشباح ويلز

10 مايو 2011 20:22
توقفت الحافلة الصغيرة في استراحة على بعد ساعة جنوب غرب لندن لتناول الغداء في مقهى جانبي، يعتبر في منطقة نائية مقطوعة، غير أنه يطل على ضفاف جدول مائي يمر بموازاة هذا الطريق بتحفه من الحقول والمراعي الخضراء الممتدة، خصوصاً في مثل هذا الوقت من العام والمؤدي إلى العاصمة الويليزية كارديف.. ثمة جسر خشـبي يمر فوق الجدول يسـمح بمشــاهدة تدفق تـيار المـياه في الأســفل مشـكلاً منظراً طبيعياً خـلاباً، تمـنيت لو أن بقاءنا في هذا المكان يطول، لكن بعد أقل من نصف ساعة كان سائق الحافلة ينادي على بقية الركـاب للصـعود، فأمامنا طـريق طويل علينا أن نقطعه في أقل من ساعتين لنصل إلى وجهتنا في كارديف. اكتظت الحافلة مرة أخرى بركابها الذين وجدت نفسي أشاركهم هذه الرحلة الارتجالية، ثلاثة رجال وثلاث نساء وأنا عزول وحيد بينهم، لا يربطني بهم أي علاقة سوى مشاركتهم هذه الحافلة في هذه الرحلة التي تطفلت عليها بدعوة من أحدهم. وفيما كانت الحافلة تنهب الطريق الزراعي باتجاه مقاطعة ويلز كانت الخراف تشكل نقاط بيضاء فوق سجادة المراعي الخضراء، راسمة صورة طبيعية سـاحرة، فهذه المقاطعة التي تتخذ من التنين شعاراً لها تستند إلى إرثها الثري وطبيعتها الخلابة المتنوعة لتسحر زوارها، لدرجة أن تسلبهم الألباب بمناظـرها الخلابة التي تجمع بين السهول والجبال والأنهار والبحيرات والسواحل. بل ذهبت بي الظنون إلى أن للسحر تراثه هنا، خصوصاً ما ارتبط بالأساطير، فالتنين حيوان خرافي ارتبطت به المقاطعة في تراثها وحكاياتها وارتبــط بالتالي بالســحر والشـعوذة، وهو ما كان وقود حديثنا طوال تلك الليلة التي قضيناها في إحدى القرى النائية في نُزُل كان في يوم من الأيام دار عبادة للبروتستانت، الذين نكل بهم في عهد من العهــود فقُتل من قُتل، وهرب من هرب عبر أنفاق وسراديب سرية في الدار. وقد أصر مالكا الدار الجديدان اللذين حولاه إلى نزل مميز يستقبل عابري السبيل، ويعكس طابعاً مختلفاً تماماً عن البيئة المحلية حيث أصرا على استخدام أثاث ومسميات تعود لثقافات مختلفة من العالم. الواقع أن المالك وهو مهاجر هندي وزوجته الويلزية يشكلان فريقاً مثالياً لقصص الأشباح والجن والعفاريت، فشكلاهما يوحيان بأن لهما علاقة بالأمر، والإضاءة الخافتة في ممرات النزل وغرفه وحديقته، التي تعود إلى القرن السادس عشر، تضفي على المكان ذلك الغموض الذي يروّجون له على اعتباره تجربة لن تنسى، وأظن أنهم نجحوا مع بقية المسافرين فقد جافاهم النوم، أما أنا فقد نمت تلك الليلة نوماً عميقاً. rahaluae@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©