البيت الأبيض حلم يراود ماكين منذ أسره في فيتنام

عندما كان جون ماكين يقبع داخل زنزانة صغيرة في فيتنام الشمالية أواخر الستينيات من القرن الماضي، أبلغ رفاقه من أسرى الحرب أنه يوما ما سيصبح رئيس الولايات المتحدة وهو ما جعلهم ينفجرون في نوبة طويلة من الضحك· وبعد حوالي 40 عاما من هذه الواقعة، سيصبح ماكين إذا ما قدر له الفوز في سباق البيت الأبيض أكبر رئيس أميركي سنا على الاطلاق وهو في بداية ولايته· لكن ذلك تحد كبير لماكين (72 عاما) الذي واجه قدرة منافسه الديمقراطي باراك أوباما على جمع التبرعات الانتخابية متفوقا بشعبيته الكبيرة في وقت يحاول الأول النأي بنفسه عن الرئيس جورج بوش الذي يفتقر للشعبية· وكان سناتور أريزونا قد صعد نجمه على المسرح السياسي في البلاد من خلال طريقته وأسلوبه المتسم بالصراحة في الحديث وانتمائه إلى معسكر الصقور على صعيد السياسة الخارجية واشتهاره بالخروج على الخط العام لحزبه· لكن ماكين أغضب أيضا دوائر المحافظين في الحزب الجمهوري بتبنيه أراء معتدلة نسبيا فيما يتعلق بقضايا الهجرة والاصلاح المالي· وتمثلت إحدى أصعب مهامه في بعث طاقة جديدة في الحزب وتوحيد صفوفه قبيل الانتخابات· وفي محاولة لتعزيز موقفه، اختار ماكين حاكمة ولاية آلاسكا سارة بالين وهي من المحافظين، على تذكرته الانتخابية· وكان لهذا التحرك أبلغ الاثر على قاعدة الجمهوريين لكنه تسبب فيما بعد في ابتعاد الناخبين الجمهوريين ممن ينتمون إلى تيار الوسط أو المستقلين· ربما يفتقر ماكين إلى فصاحة وسحر أوباما لكنه يمتلك تاريخا مجيدا على صعيدي الارهاب والحرب· فعندما كان طيارا مقاتلا بالبحرية الأميركية نجا من الموت بأعجوبة في انفجار وقع على متن حاملة الطائرات ''فوريستال'' التابعة للبحرية في يوليو ·1967 كما أسقطت طائرته فوق فيتنام الشمالية في 26 أكتوبر 1967 ما أسفر عن إصابته بكسور في ذراعيه وأحد ساقيه· وقضى المرشح الجمهوري 5 سنوات ونصف السنة كأسير حرب في هانوي حيث حرم من العلاج الطبي وجرى تعذيبه وقضى معظم فترات أسره في الحبس الانفرادي· وكان والد ماكين وجده من كبار قادة البحرية الأميركية بل أن والده كان قائدا كبيرا في حرب فيتنام· وعندما علم سجانوه بهذه الحقيقة، وفروا له بعض الرعاية الطبية لكن ماكين رفض عروضا من فيتنام الشمالية بإطلاق سراحه قبل بقية زملائه مصرا على الانتظار حتى يتم الافراج عنهم جميعا· وخرج ماكين من هذه التجربة مصابا بعاهة دائمة حيث لا يستطيع تحريك يديه إلى أعلى كتفيه· وأثناء المؤتمرات الجماهيرية يلوح لانصاره ببسط ذراعيه أمام جسده بدلا من رفعها إلى أعلى رأسه· وتمنح هذه التجارب ماكين ميزة قوية بين الناخبين من كبار السن في مجتمع يتميز بسرعة زيادة أعداد المسنين والذين يساورهم القلق كون أوباما لم يمض عليه سوى 4 سنوات في مجلس الشيوخ علاوة على افتقاره للخبرة العسكرية·