الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بولندا··· وتداعيات الأزمة المالية

بولندا··· وتداعيات الأزمة المالية
29 أكتوبر 2008 02:22
صُدم البولنديون الأسبوع الماضي بعد أن اكتشفوا فجأة أنهم غير محصنين من عدوى تداعيات الأزمة المالية في العالم؛ حيث أثبت هبوط البورصة والتراجع القوي للعملة البولندية، على غرار ما حدث في كثير من بلدان العالم النامي ذات معدلات النمو السريعة، أنهم كانوا على خطأ· ففجأة، تحول جو الاطمئنان والتفاؤل الذي كان سائداً في بولندا إلى ترقب وحذر؛ حيث أوقف المطورون عبر البلاد مشاريع بناء آلاف الشقق بعد أن أصبحت البنوك أكثر شحاً وتردداً في منح القروض· وحل محل ازدهــــار الأعمال هنا القلق والتوتر على خلفيــــة تراجـــع قيمـــة الزولتي (العملة المحلية) مقابل الدولار واليورو· وقد لخصت صحيفة ''دزينيك'' المزاج العام يوم الجمعة في عنوان بارز على صدر صفحتها الأولى: ''مرحباً بالأوقات العصيبة''· والسؤال الذي يتردد على ألسنة الجميع في بلد كان يبدو أنه شق طريقه بثبات نحو عضوية كاملة في النادي الغربي هو ''لماذا نحن؟''· بدأت الأسواق النامية التي كانت تبدو في صحة جيدة، بل مزدهرة قبل شهر فقط، تجد نفسها ضحية ذعر عالمي· وقد فاجأ هذا التحول الكبير حتى المسؤولين الماليين المحليين والخبراء، بعد أن كانوا متمسكين بمؤشرات تفيد بعافية الاقتصاد، ونسوا أنه حين يصيب الذعر رؤوس الأموال، فإنها قلما تعمد إلى التمييز بين الأسواق المعتلة والأسواق الجيدة· فمن الكتلة الشيوعية الأوروبية السابقة إلى أميركا الجنوبية، اختلط الخوف وعدم التصديق بالإحباط من أن انهيار سوق الرهن العقاري بالولايات المتحدة - وهو انهيار تفاداه معظم المستثمرين والمؤسسات المالية في الأسواق النامية - بدأ يؤدي مرة أخرى إلى معاقبتهم على أيدي أسواق رؤوس الأموال التي لا تميز بين الأسواق· وفي هذا السياق يقول لوكاز تينك، 28 عاما، وهو مستشار متخصص في تكنولوجيا الإعلام في وارسو: ''كل شيء آخذ في الهبوط''· ويقول تينك إنه يمتلك أسهما في 10 شركات، وإنه تضرر كثيرًا جراء خمسة أيام متتالية من هبوط الأسهم في بورصة وارسو؛ حيث انخفض المؤشر الرئيسي بـ12,6 في المئة بالنسبة للأسبوع وبأكثر من 50 في المئة بالنسبة للعام، مضيفاً: ''ما يحدث هو أنه لا يوجد أساس منطقي لمثل هذه الخطوات··· إنه الذعر فقط''· ومما زاد من آلام ومتاعب المستثمرين في بولندا انخفاض ''الزولتي'' بنحو 17 في المئة مقابل الدولار على مدى الأسبوع الماضي، وأكثر من 10 في المئة مقابل اليورو· بينما تراجعت العملة بـ 30 في المئة مقابل الدولار في أكتوبر· ونتيجة لذلك، خفض الخبراء الاقتصاديون توقعاتهم بشأن النمو· والواقع أن بولندا مازالت تعتبر في وضع لا بأس به مقارنة مع المجر وأوكرانيا، اللتين تعدان من أكثر الدول تأثراً· وقد توصل هذان البلدان يوم الأحد الماضي إلى اتفاقين مع صندوق النقد الدولي بخصوص قروض ومساعدات أخرى تهدف إلى تفادي انهيار نظاميهما الماليين· وهكذا، ستحصل أوكرانيا على قرض بقيمة 16,5 مليار دولار على الأقل، بينما لم يتم تحديد قيمة حزمة الإنقاذ المالي في المجر· غير أن بولندا لم تسلم من تداعيات المخاوف بخصوص المجر وأوكرانيا· ويقول''مارك ماترازيك''، الشريك المؤسس والمدير التنفيذي لمؤسسة ''سي· إي· سي'' في وارسو، وهي شركة تقدم الاستشارات السياسية للمستثمرين الأجانب: ''قبل أسبوع من اليوم، كان الناس سيخبرونك بأن هذه واحة من الهدوء والاستقرار··· لم يكونوا يتوقعون حدوث شيء من هذا القبيل في أوروبا الشرقية''· والواقع أن النزيف امتد إلى مناطق أبعد بكثير· ففي جنوب أفريقيا، سقط سعر البلاتينوم، وهو أحد السلع الرئيسية الجالبة للعملة الأجنبية، من أكثر من 2000 دولار للأونصة في يونيو إلى أقل من 800 دولار اليوم، مما ساهم في تراجع حاد في عملة هذا البلد· كما انخفضت العملة البرازيلية بأكثر من 40 في المئة مقابل الدولار منذ أغسطس، والليرة التركية بأكثر من 30 في المئة مقابل الدولار خلال الأسابيع الأخيرة وبـ20 في المئة تقريباً مقابل اليورو· ''فؤاد كراتاس'' هو تقني مختبر أسنان في اسطنبول، يشتري بعض المواد المستوردة المسعرة باليورو، ولكنه لا يستطيع نقل ارتفاع الأسعار إلى فواتير زبائنه الذين يدفعون بالليرة· يقول كراتاس: ''الآن ونظراً للجنون الذي أصاب ''اليورو''، ليست لديّ أدنى فكرة عن كيف ستؤول الأمور بالنسبة لي''، مضيفاً ''كل ما أريده الآن هو أن أستطيع الإبقاء على مختبري مفتوحاً، وليس أكثر''· الأسواق النامية مختلفة وغير متشابهة، ولكنها تواجه تحولات من نفس النوع؛ ذلك أن حركة رؤوس أموال المستثمرين التي تسببت في هبوط بورصاتها والضغط على عملاتها حدثا في الوقت نفسه الذي بدأ فيه الطلب الخارجي على منتجاتها، سواء السلع مثل النفط أو منتجات مصنعة مثل السيارات، يتراجع· غير أن الأزمة لم تضرب الشوارع مباشرة، وهو ما قوى وعزز ثقة الكثيرين في البلدان المتأثرة ودفعهم إلى الاعتقاد بأن المشاكل مؤقتة فقط ويمكن الصمود في وجهها· بل إن البعض يجادل بأن تراجع قيمة العملات المحلية شيء جيد على اعتبار أنه سيساعد هذه البلدان على بيع مزيد من سلعها في الخارج· ويقول كريستوف إزيدورزيك، 52 عاما، مالك ''كوميكسبول''، شركة استيراد وتصدير للمنتجات الفولاذية ومقرها كاتوفيس: ''عندما كان الزولتي قويا جدا، كانت تجارتي مربحة· أما اليوم، فكل أملي هو أن تتحسن صادراتي''· نيكولاس كوليش- وارسو ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''نيويورك تايمز''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©