الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

آخر المبادرات!

29 أكتوبر 2008 22:13
الموفد الخاص من طرف رئيس الدولة الصينية والمكلف بملف دارفور، عاد إلى الخرطوم بعد جولة ''دبلوماسية'' شملت الولايات المتحدة وأوروبا، وكان أول حديث صحفي له أن بشر السودانيين بأن قضية دارفور ''تتحرك الآن'' في الاتجاه الصحيح، وأنه ''سيطلع'' المسؤولين السودانيين على محصلة مشاوراته التي أجراها في الولايات المتحدة وأوروبا حول القضية الدارفورية· النغمة السائدة في تصريحات المسؤول الصيني- بعد جولته الدبلوماسية الأميركية- الأوروبية- تبدو متفائلة برغم أن الصين تواجه اليوم مأزق اختطاف العمال الصينيين العاملين في حقول البترول على حدود كردفان- الجنوب ومقتل خمسة منهم· تصاعد وتيرة الاهتمام الصيني بالمسأله الدارفورية لا ينبع فقط من حقيقة أن الصين ظلت- ومنذ بداية الأزمة بين مجلس الأمن وحكومة السودان- تمثل السند القوي في المجلس، فللصين اليوم عدد مقدر من العسكريين ''الفنيين'' العاملين مع القوات الأممية، وذلك موقف لم يسبق للصين تجربته في أفريقيا· والسودان لا يمثل للصين الشريك التجاري، خاصة ما يتعلق بالبترول والسلاح وتوابعهما فحسب، بل هو في المنظور السياسي يمثل القاعدة التي أسست منها ''الصين الجديدة'' علاقتها المتطورة مع الدول الأفريقية، وهي قاعدة بنتها الصين الشعبية منذ فجر استقلال السودان عام ·1958 والمراقب لأحوال السودان هذه الأيام سيلحظ بوضوح أن نغمة التفاؤل التي سادت في حديث الموفد الرئاسي الصيني ليست قاصرة على الصينيين، فالبلد الذي أصبح خلال الفترة الأخيرة مركزاً لاستقطاب ''المبادرات'' من كل صنف وشكل يحاول أهله التمسك - على الأقل كثير منهم - بأن بادرة آمل تلوح لهم وتبشرهم بتحقيق سلام وحل لأزمة دارفور، التي تحيط بهم - حكومة ومعارضة - من كل جانب -· فالسودان انهكته حرب الجنوب وما بدا لأهله أنهم قد ينعمون بثمار سلام الجنوب سرعان ما تبدد، واندلعت نار دارفور، التي هي في بعض الحسابات أشد أواراً من نار الجنوب· وإذا كانت المبادرة القطرية وهي آخر المبادرات التي دخلت ساحات المبادرات متزامنة مع مبادرة الرئيس البشير مبادرة أهل السودان فإن - كثرة المبادرات أوشكت أن تزيد الساحة السودانية المرتبكة أصلاً ربكة، إلا أن التفاؤل بفرصة نجاح المبادرة القطرية يبدو أكثر مقارنة بما سبقتها من مبادرات· فالمبادرة القطرية - أياً كان الاتفاق أو الاختلاف حول منبعها - فإن أصحابها قد خطوا أولى خطواتهم على طريق النجاح، فهم أدركوا أن مفتاح النجاح لأي مبادرة لحل أزمة دارفور، يبدأ بالاعتراف العملي بأنه لن يكون هنالك حل سلمي من دون مشاركة الفصيلين المتمرديين الرئيسيين، واقناعهما بأن ''مكانتهما'' محفوظة باعتبار أنهما الأكبر والأوسع قاعدة شعبية بين فصائل دارفور المتمردة المتصالحة والمتحاربة مع السلطة - ولقد عبر القطريون الخط الأول وتوجهوا مباشرةً للتفاهم مع قادة الفصيلين· وإذا كان ''غياب الدور العربي '' المؤثر في أزمة دارفور كما يقول كثير من أهل السودان، فها هو الأمين العام لجامعة الدول العربية قد أعلن في الخرطوم عن دعم وتأييد الجامعة للمبادرة القطرية- وعندما ينظر المرء الي كيفية تصاعد وتطور '' أزمة دارفور'' حتى أصبحت ''أزمه عالمية '' فإنه لا يملك إلا أن يدعو الله أن تكون المبادرة القطرية آخر المبادرات، وأن تكلل بالنجاح من أجل توفير دماء وأرواح أطفال وشباب وشيوخ دارفور الذين اكتووا بنيران هذه المأساة الإنسانية وما يزالون ··· عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©