الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فنانون ونقاد من الشرق والغرب يناقشون الظاهرة

فنانون ونقاد من الشرق والغرب يناقشون الظاهرة
29 أكتوبر 2008 22:27
المسرح المستقل وتجلياته الفنية والفكرية ومعضلات استمراره كان موضوع الندوة الرئيسية للدورة العشرين لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي هذا العام· وشارك فيها مسرحيون من مختلف دول العالم لمدة ثلاثة أيام متتالية· وتنوعت الآراء بين من يرى المسرح المستقل مستقبل المسرح في العالم وبين من يراه الى زوال فكانت النتيجة حالة جدل وتنوع أثرى نقاشات الندوة التي كانت فرصة للاطلاع على تجارب المسرح المستقل في 14 دولة من قارات أوروبا وآسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية· أكد المخرج المسرحي المصري أحمد زكي الذي أدار الندوة أن المسرح المستقل هو موضوع الساعة للمهتمين بالمسرح في العالم مشيرا إلى أن المسرح القومي الجديد في بريطانيا تم بناؤه دون اعتماد على جهات خارجية وتحمل تكلفته فنانون ورجال اعمال وهو نموذج للمسرح المستقل الذي نال الشهرة· وتناول اندريس بوسكي، من شيلي، تجربة فرقته مسرح السيرك الخيالي وتجارب المسرح المستقل في أميركا اللاتينية التي عاشت بلادها ديكتاتورية من كل نوع· واشار الى تجربة انريكي بوينا بنتورا الكاتب والمخرج والممثل المسرحي الكولومبي عندما تولى منصب مدير مدرسة المسرح في كالي بكولومبيا وقدمت الفرقة مسرحية انتقدت حكم العسكر فقررت القوات الكولومبية نقلها لعرضها في بوجوتا ورفضت إعادتها وأقيل انريكي لينتهي زمن فرقة مسرحية مستقلة مهمة· وقال ان المسرح البديل أو المستقل كان بلا تنظيم ويبحث عن جمهوره من اجل البقاء على قيد الحياة بكرامة في مواجهة الاضطهاد الفكري والتدمير الاقتصادي وفقدان المساندة وفي كولومبيا حاول المسرحيون الوصول الى الفلاحين والعمال والطلبة وناقشوا قضايا الاستغلال وتحدثوا عن إضراب الموز ضد شركة الفواكه الأميركية الذي أخمده الجيش الكولومبي وبدأ المسرح المستقل ينادي بثقافة بديلة ومقاومة· وأضاف ان المسرح عاش تحت قهر الجيوش في كثير من الأحيان في شيلي وغيرها من دول أميركا اللاتينية وتعرض لكل وسائل القسوة وكان عليه أن يتحرر من التغريب وبذلك لم يكن يلبي رغبة المبهورين بالنموذج الغربي· ووجد لنفسه جمهوره الخاص من الطبقة العمالية ورفع المسرح المستقل في اميركا اللاتينية شعار الكرامة أهم من الخبز· وأشار الباحث الأسباني رفائيل رويث الباريث، أستاذ الأدب الفرنسي بجامعة غرناطة، الى أن المسرح المستقل يواجه خطر الانقراض لأنه الاقل ربحية في العالم ووسيلة ترفيه للمختلين عقليا ويواجه مشكلة نقص صالات العرض وفي أسبانيا هناك شبكة من المسارح المستقلة تصل الى 32 صالة عرض وتنظم أسبانيا مهرجانات متعددة للمسرح المستقل مثل المهرجان البديل للمسرح في بريمابيرا دي مدريد ومهرجان أورونيس دي كاسترو ومهرجان مدينة قادش كما تنظم مدريد مسابقة للمسرح البديل ورغم الصعوبات التي تواجه المسرح المستقل في أسبانيا الا ان الفرق المسرحية التي تتبناه في تزايد مستمر· خصائص ودعا د· مصطفى يوسف، أستاذ النقد بأكاديمية الفنون المصرية، الى توفير الدعم المادي والمعنوي للفرق المستقلة في مصر مع توسيع المسموح به وتقليل الممنوع خاصة أن المثقفين والشباب بصفة خاصة لم تعد تشبعهم عروض مسرحية من المؤسسات الثقافية التي لم تعد قادرة على تشكيل وجدانهم مع فشل المسرح التجاري في تحقيق ذلك وكان مركز الهناجر للفنون على وعي بتقديم الدعم لهذه التجارب· وأشار الى عدة خصائص للمسرح المستقل وهي أن يكون على رأس كل فرقة شخصية قيادية واعية ومثقفة ولها موقف محدد من الواقع المسرحي تسعى لتحقيقه وأن تتوفر البنية الاجتماعية لإبراز جهود هذه الفرق وقادتها والمناخ الديموقراطي الذي يوفر فرص الحوار للكيان المستقل مع النزعة التجريبية لأصحاب التجارب المستقلة والتوجه لجمهور محدد ليس بهدف الربح التجاري· وقالت الممثلة والمخرجة اليونانية ماريللي ماسترانتوني إن المشكلة الرئيسية التي تواجهها الفرق المسرحية المستقلة في اليونان هي التمويل حيث لا يوجد قطاع خاص يتحمس لتمويل أبحاث فنية مسرحية· وأشارت الى تجربة مسرح الفن وهي الفرقة الجماعية في أثينا وكانت تجربة متفردة بلغت ذروتها حتى أوائل السبعينات، وبعد أن انتهت الديكتاتورية العسكرية عام 1977 وتغير الموقف السياسي والاجتماعي في اليونان ازدهرت فرق المسرح المستقل لتصل الى ذروة نشاطها في منتصف التسعينيات وتوجد حاليا تجمعات متنوعة للمسرح المستقل منها مجموعة واحدة تتكون من 65 فرقة مستقلة· وقال الباحث المغربي يوسف الريحاني ان المسرح المستقل لا يزال في مرحلة التحول ويتغير باستمرار· وإن فن المسرح ينتهي دائما الى المؤسسة الرسمية ومن ثم الى السلطة وهو ما ينطبق على المسرح المستقل والمهم ألا يتم فرض وصاية طرف على آخر وهو ما اكدته التجربة الفرنسية مع هذا النوع من المسرح· ودعا الريحاني المسرح المستقل الى عدم التفكير في تدمير المسرح الرسمي ومعاداته لأن هذا لن يكون في صالح تطور المسرح لأن كل ضعف في جانب يؤثر على الآخر· وطالب المستقلين بإعادة النظر في علاقتهم بالمسرح الرسمي دون الانصهار والذوبان وأن يعتمدوا مبدأ التجاور مع المسرح الرسمي لا التجاوز· وقالت الأسبانية أنا إيسابيل فرنانديز إن كلمة مستقل لم تعد لها وجود في المشهد المسرحي الأسباني منذ ما يقرب من 15 عاما ولم يعد هناك مسرح يحمل هذا الاسم لأنه لا يوجد مسرح يعتمد على نفسه وكل الفرق المسرحية تبحث عن تمويل لعروضها وبالتالي تفقد استقلالها مشيرة الى ان وصول الحزب الاشتراكي الاسباني للحكم بعد مرحلة فرانكو أنهى مرحلة القمع التي عاشها في عهد الديكتاتورية وبدأت الفرق المستقلة تبحث عن تمويل رسمي من المال العام· وقال د· حسن عطية، عميد معهد الفنون المسرحية في مصر، ان كل دولة لها مسرحها المستقل فهو ابن مجتمعه والاستقلال ليس ماديا فقط فقد يكون فكريا أو سياسيا وهو يعني عدم التبعية، والفرق المستقلة في مصر ترتمي في أحضان المؤسسة الرسمية لكن المستقل يجب أن يبحث له عن جمهور خاص وهو عادة لديه جرأة في الطرح ويقدم صورة مرئية لم تكن موجودة وكان مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي فرصة مهمة للمستقلين في مصر وكانوا الأكثر استفادة منه وشاهدنا ديكورا وسينوغرافيا بروح جديدة· والمسرح المستقل أساسا يعارض المسرح الكلاسيكي· ويجب ألا يرتمي في أحضان المراكز الأجنبية او المؤسسة الرسمية· مشيرا الى أن ظهور الفرق المستقلة في مصر في ثمانينات القرن الماضي جاء بعد ان أصيب المسرح الرسمي بتكلس وتيبس· تجارب ورفضت الناقدة المسرحية د· نهاد صليحة إعفاء الدولة من مسؤوليتها عن دعم المسرح المستقل مشيرة الى تجارب مجلس الفنون في انجلترا والدعم الكبير الذي تقدمه فرنسا للفرق المستقلة حتى اميركا تدعم الفنون ولا يمكن تحقيق استقلال اقتصادي كامل للفرق المستقلة ولا بد من إرغام الدولة على تحمل المسؤولية دون تدخل وأن تتعامل مع الحركة المسرحية المستقلة بمنطق الشراكة وليس الوصاية· وقالت الكاتبة الصينية لي ينجنينج إن الفرق المسرحية التابعة للدولة في الصين وظفت فناني المسرح المستقل لذلك لم يعد في الصين مسرح مستقل· وأشارت الى انها شعرت بالملل من المسرح التجاري لقلة جمهوره لذلك قررت أن تتحول الى مسرح الدراما التعليمي وأسست مسرح دراما ''تاوي'' التعليمي للشباب· وقال د· محمد حسين حبيب، أستاذ الفن بجامعة بغداد، أن تكون مستقلا يعني أن تكون حرا والاستقلال المسرحي له عدة أشكال منها الانتاجي والسياسي والجمالي وهناك تجارب عربية حققت استقلالية فنية وفكرية في مجال التأليف والاخراج مثل توفيق الحكيم ويوسف ادريس وعبد الكريم برشيد وروجيه عساف وقاسم محمد واللبناني عبد الحليم كركلا الذي أسس أول تجربة مسرح عربي راقص والمخرج العراقي صلاح القصب في مسرح الصورة الشعري· وقال ميرتزا جيتزوليسكو، من رومانيا: لا يوجد نمط واضح للمسرح الحر أو المستقل والعروض التي يقدمها لا تعد تجربة فنية لكنها من الممكن ان تكون مغامرة اجتماعية والاستقلال في العمل الفني لا يعني قيمة فنية أكثر· وقالت البولندية مالجارزاتا سيميل إن حركة المسرح المستقل تعود الى منتصف الخمسينيات بعد رحيل ستالين وتراجع قوة الضغط السياسي والثقافي للحزب الشيوعي· وكانت الفرق المستقلة نواة حركة كبيرة للمسرح البديل وظهرت بعد مظاهرات العمال اوائل السبعينيات من القرن الماضي· وأكد المخرج المسرحي المصري أحمد عبد الحليم أن المسرح ولد مستقلا وفي مصر يختلف مع القطاع الخاص ويعاني مشاكل عديدة· وقالت الإيطالية روسيلا باتيستي إن فترة الثمانينات كانت أوج نشاط المسرح المستقل في ايطاليا وكانت الدولة تدعمه بقوة ثم زاد عدد الفرق وأصبح الدعم غير كاف للجميع وفي ايطاليا نعاني قلة المال وزيادة عدد الفرق المستقلة· وأكد الناقد اللبناني بول شاوول أن التمويل يظل عاملا ثانويا وأن مشكلة العولمة هي الخطر الأكبر بافكارها الهدامة التي تهدد الثقافة العربية وهناك جهات أجنبية مجهولة تمول السينما والمسرح في المجتمعات العربية وهو تمويل يهدف الى تشويه ثقافتنا واضعافها· وقال المكسيكي رودولفو أوبريجون إن قلة الامكانيات تعوق وجود المسرح البديل في بلاده ليتحول الفنان المستقل مرغما للمسرح الرسمي· وقالت الباحثة الأميركية مارجرت ليتفين إن الغرب اهتم أكثر بالاطلاع على الفنون العربية بعد 11 سبتمبر وكان نموذج مسرحية ''اللعب في الدماغ'' التي قدمتها فرقة الحركة المستقلة ونشرت عنها ''نيويورك تايمز'' تحقيقا مهما في محاولة للتواصل مع الفن المسرحي العربي المستقل
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©