الأربعاء 8 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بيتُ الدُّمى

بيتُ الدُّمى
29 أكتوبر 2008 22:32
بيتنا صغير، فيه حديقة ولدينا أرجوحة، أنا و''دانة'' نحب اللعب فيها· والدي يتعب كثيراً، منذ الصباح الباكر وحتى المساء في عمل شاق، أمي تحيك لنا ملابسنا، تطبخ، وترسم لي على لوحاتي أشياء أحبها: بطة تسبح في بركة، سمكة تغني مع صديقاتها· جميلة هذه السمكة، أحبها، وتلك الألوان المبعثرة على وجهها تضحكني، ها·· ها·· ها·· ها·· تمسك ''عبير'' القلم بين أسنانها الصغيرة، تنظر بعينين بريئتين إلى الكراسة التي بين يديها، تعود، تقلبها، تنظر إلى غلافها بحرية، ترمق وجه دبٍّ مقطب الجبين، جالسٍ على طاولة الطعام·· ـ أمي، ألم ينته إعداد الغداء بعد؟ أنا جائعة· ـ انتظري قليلاً يا ''عبير''، لم لا تلعبي مع شقيقتك ''دانة''؟ نصف وجه ''دانة'' يطل من خلف الباب، تلوح بيديها بمرح، ثم تندفع بين الأوراق المتناثرة على الأرض لتنام بجوار أختها، ترفع عيناً واحدة ناحية أوراق ''عبير''، تزيحها ''عبير'' بيديها، ابتعدي لن أجعلك تقرئين مذكراتي؟· تتقافز ملامح الغضب في وجهها، فتتكوم في طرف الغرفة، محملقة بين أكوام الورق على السرير ·· ـ حسنا، لن تذهبي معي إلى حفلة عيد ميلاد ''سارة''؟ تترك دفترها جانباً، ويقترب وجهها من وجه ''دانة''، مهلاً لم نتفق على ذلك؟ تخرج ''دانة'' من الغرفة غاضبة، أنا لا أحب فضولها، تريد أن تقرأ ما أكتبه· ''سارة'' فتاة ثرية وبها شيء من الغرور في سلوكها، لديها منزل كبير، وخادمة، وملابس جديدة، والدها ليس كوالدي، لديه أموال كثيرة، وسيارة كبيرة، وسائق·· ولكنني أحب والدي لأنه يتعب من أجلنا·· في حفلة عيد ميلاد ''سارة'' وقفت الأختان تنظران بدهشة إلى ما حولهما·· كانت حقاً حفلة كبيرة جداً، هناك الكثير من الكعك والبالونات والهدايا، ولكن كعك أمي أفضل كعك في العالم، وفستان ''سارة'' جميل جداً··· يرمقها الدُّب بنظرة بلهاء·· تلتف الصغيرات حول ''سارة''، وهن سعيدات بها، وفرحات بعيد ميلادها، يقدمن لها الهدايا··· أحسست بقدميّ ترتجفان وأنا أقدم الهدية أمام الجميع لها، لم يكن معي شيء أهديه لها، سوى دميتي التي أهدتني إياها خالتي في عيد ميلادي·· نظرة اللامبالاة التي ظهرت في عيني ''سارة'' لهديتي جلبت لي الإحباط، خاصة عندما دخلت الخادمة، وفي يديها صندوق كبير· وقفت ''سارة'' أمام صديقاتها، وقالت بلهجة آمرة أكثر ما فيها هو الثقة بوجودها الأكيد على الكرة الأرضية: ''سوف أريكم هدية والدي''· يبدو أنها غالية الثمن، ترى ما هي؟ دمية كبيرة تتحرك وتغني وترقص؟ ترتفع أصوات الانبهار من أفواه الصغيرات، والخادمة ترفع الصندوق، وملامح الهدية تتضح، إنه بيت، منزل صغير به مقاعد وغرف وصالة، جميل·· ''دانة'' تقف إلى جواري تحملق في بيت الدمى، بينما ''سارة '' والباقيات يضحكن وهن يتناولن الكعك·· ونظراتنا أنا وأختي ما تزال تتجه ناحية بيت الدمى·· يدي تحتضن يد شقيقتي ونحن نغادر منزل ''سارة''· ـ ما رأيك بييت الدمى يا دانة؟ ـ إنه رائع، جميل· هل رأيتِ ما رأيته؟ ـ نعم· وانطلقنا إلى المنزل فرحتين·· ـ أمي، هيا أنا جائعة؟ أريد أن آكل؟ تحتضن الدفتر، وتضع رأسها عليه، وطرف عينيها يتجه ناحية الدب على صورة الغلاف، وهو يلتهم الطعام بنهمٍ ووالدته تقف بجواره سعيدة به· ü قاصة إماراتية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©