الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«البيت» يعيد للشعر الشعبي مكانته وذائقته

«البيت» يعيد للشعر الشعبي مكانته وذائقته
20 مايو 2014 20:55
محمد وردي (دبي) تعرض الشعر الشعبي في العقود الثلاثة الأخيرة، لهجمة الحداثة، وغواية وسائط الاتصال، التي تتعدد وتتمدد على كل الفضاءات، ودُفع باتجاه الفردانية والانزواء، على حساب التلاقي الاجتماعي والتواصل الإنساني الحميمي، ما جعل بعض أهله يتوارون عن المشهد شعراً ونشراً وحضوراً. لأن الشعر بطبعه وروحه اجتماعي، تواصلي، مفتوح على الناس، ولا يمكن أن يعيش في العتمة، أو داخل الأسوار والجدران المغلقة. لذا لن يخلي «النبطي» مكانته الأثيرة في وجدان الناس، لمصلحة أي لون من ألوان المقول الأدبي، مهما تعددت أو تنوعت، هذا على الأقل في المدى المنظور. حيث تلقى الشعر الشعبي جرعات تتفجر من دوحة الشعر، بل من منابته الأصيلة، التي تسامقت وتعالت بصحبة القوافي، حتى صارت والقصيدة صنوين، أيهما حضر فهو للثاني عنوان، ولما لا؟ فسمو الشيخ حمدان بن محمد ولي عهد دبي، نما وسما، وزخَّ وهما، بظل فارس القصيد، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي «رعاه الله». لذلك فمن بداهة الأمور أن يعطي سمو الشيخ حمدان ويزيد، بل يفيض على الشعر وأهله بالتسديد والتجديد، فيجود من بنات أفكاره ببرنامج «البيت»، على قناة «سما دبي»، عبر عشر حلقات مدهشات بالمعاني، باذخات بالرموز والدلالات، أحيت من التراث ما كان رفات، فعاد موروث الأجداد بأبهى الصفات وأحلى السمات والقسمات. مخزون تراثي وعن برنامج «البيت» مقاصده ومراميه، وما حققه، وما الذي ينويه في المستقبل، كانت هذه الجولة مع أهله، حيث يقول عبدالله حمدان بن دلموك الرئيس التنفيذي في «مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث»، الذي يدعم ويُنتج برنامج «البيت»، إن سمو الشيخ حمدان بن محمد ولي عهد دبي، طلب قبل أربع سنوات فكرة، تضخ الدماء في عروق الشعر الشعبي، وتُعيد له نضارته ورونقه وبهاءه في الذاكرة الجمعية ليس للإمارات وحدها، ولا للخليج فقط، وإنما للناطقين بالعربية في ديار العرب والعجم، بعد أن بدا «النبطي» في الآونة الأخيرة، وكأنه منسي أو مهمل، وصار يذوي بركن قصي في مخيلة الناس، رغم أن الشعر الشعبي، هو أحد أهم مكونات هُويتنا الثقافية، فالشعر لا يرتقي بذائقة الناس ويهذب سلوكهم فقط، وإنما كذلك ينهض بعقولهم إلى ميادين الإبداع والتحدي بالمعنى الحضاري الشامل. مشدداً على أن المخزون التراثي والثقافي والارتباط بالبادية وجمالها جعلت من الإمارات أرضاً خصبة، وجعلت أهلها يتميزون بخيال واسع، وحساسية شعرية فطرية. وبالإضافة إلى الجاذبية السحرية التي يتمتع بها الشعر، وسطوتها على الروح والمخيلة الإنسانية، هناك الجوائز القيمة التي تتدرج من عشرين ألف درهم إماراتي للجمهور، ومائة ألف للفائز بالشطر، ومثلها للفائز بـ «بنبض الصورة» ومليون درهم لكل من الفائزين بـ «الشطر» و«نبض الصورة» في ختام كل مرحلة تستمر ثلاثة أشهر. دحض المقولات بدوره، يقول الشاعر ماجد عبد الرحمن المشرف الشعري على البرنامج: «الكثير من الناس كانوا يعتقدون أن البرامج الفضائية الحقيقية، أي البرامج الثقافية الجادة لا تستقطب المشاهدين، فجاء برنامج «البيت» ونجح نجاحاً باهراً باستقطاب الناس، وتمكن من دحض هذه المقولة، وغالط أصحابها، بجدارة لا يرقى إليها شك. ملاحظاً أن الإشكالية هي، أن هناك فجوة بخصوص مسألة العلاقة بين الشاعر والشاشة، بمعنى أن الشاعر لم يكن يثق بأن هذا المنتج سوف يصل إلى الناس كما يجب، أي بمعنى آخر أن هناك حسبة خاصة لدى الشاعر بشأن المكان والتوقيت والأسماء. وهذا ما جعل البعض يتشكك بنجاعة البرامج الثقافية من «العيار الثقيل». ولكن البرنامج حرص منذ انطلاقته على مراعاة مثل هذه الأمور قدر الإمكان، لذلك نجح بإقناع الشاعر الشعبي، في أن يحمل هاتفه، ويكتب شطراً أو أكثر، ويرسله للبرنامج، والدليل أن عدد المشاركات، في نصف الساعة الأولى من الحلقة الماضية، تجاوزت خمسة آلاف مشارك، ولم تصل الساعة إلى العاشرة حتى قفز العدد إلى ثلاثين ألف مشاركة. خدمة الشعر يقول الشاعر محمد العبد بالمر أحد أعضاء لجنة التحكيم: «في الحقيقة إن الشاعر وغير الشاعر في الإمارات يستقبل الشعر، وهو يعرف كيف يتذوقه ويُقيّمه ويكتبه في أحيان كثيرة، لذلك لن تفوت على الناس أي هفوة. وبالتالي سيعرفون أن هدف جميع العاملين بالبرنامج، هو خدمة الشعر، وإعطاء الفرصة للمواهب الجديدة، وإبرازها بطريقة سهلة وسلسة، بالإضافة إلى تعويد الناس على ذائقة الجمال». ويعلق بالمر على القصيدة الحديثة، مؤكداً أن الشعر يبقى هو الشعر، وأن دروبه ستبقى سالكة إلى قلوب الناس وعقولهم ومخيلتهم طالما ظل شعراً، وليس مهماً القالب، فالمهم المضمون والبناء. ذلك لأن الشاعر يمكن أن يبني القصيدة وزناً وإيقاعاً، ولكن معانيها مفككة، فحينها لن تصل إلى أحد، والعكس هو صحيح، وهناك من ينظم ويبني، ويصول ويجول مع الأفكار بطريقة لافتة، حتى وإن كان مباشراً، ويخاطب أحداثاً أو وقائع معينة، إلا أن شعره يبقى ويستمر، لأن حفظ الوقائع والأحداث والمواقف التاريخية يحافظ على موروثنا الشعبي، ولا يقلل من شعرية القصيدة. عبقرية الصورة الشاعر عوض الدرمكي عضو لجنة نبض الصورة، يقول: من أهم ما يميز البرنامج بعبقريته الفذة، التي تشحذ مخيلة قارضي الشعر أو هواته، بحك قريحة الإبداع الفارهة، القادرة على محاكاة الموضوع بأبعاده الجمالية والفنية والفلسفية، المحمولة على أكتاف المقول الشعري بكل شروطه، هي فكرة الصورة، التي تضع الشاعر بتحدٍ مع نفسه قبل أن يكون مع الآخرين، بشكل مكشوف أمام الجميع، سواء أكانوا شعراء، أو غير شعراء، فالصورة أمامهم والقول الشعري كذلك، ولا مجال للمداراة، وعلى السهم الشعري الأنفذ أن يصل للهدف، ولن يكون له ذلك، إلا بشرط أن يأتي بما لم تأت به الأوائل، لأن الفكرة تحلق عالياً، وتسمو بالإبداع الشعري إلى المراتب التي تليق بالقصيد على كل المستويات. نكهة القوافي من جهته، يقول مقدم البرنامج الدكتور بركات الوقيان، إن البرنامج توالفت فيه عوامل عدة. ربما يكون الانطباع الأول أنه برنامج مسابقات، ولكنه بالواقع هو برنامج شعري، يقوم بخدمة الشعر والشعراء على حد سواء، إلى جانب تقديم المواهب الجديدة على الساحة الشعرية. كما أن فكرة «نبض الصورة»، هي بحد ذاتها، حكاية جميلة ومتابعتها أجمل، فأنت ترى الإبداع بالتصوير، يعبر بقناة إبداعية، تحولها الى قصة فنية ممتعة، هذا بالإضافة إلى التشويق والإثارة بنكهة القوافي المميزة. وتوضح دعاء الحمادي زميلة الوقيان في التقديم، إن البرنامج ينير القلب والعقل، ذلك لأن الشعر هو الأداة الأكثر رهافة وشفافية للارتقاء بالإنسان، إلى مستوى يليق بإنسانيته. ويتميز البرنامج بأسلوب عصري متقن.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©