الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فاطمة المنهالي تتحدى الإعاقة بالرياضة والإبداع في عالم الأزياء

فاطمة المنهالي تتحدى الإعاقة بالرياضة والإبداع في عالم الأزياء
7 مايو 2012
مارست فاطمة المنهالي في صغرها الألعاب الشعبية وركضت في كل اتجاه، ولم تتخيل أنها ستصبح معاقة يوماً ما، وبسبب خطأ طبي لازمت الكرسي المتحرك طوال حياتها، لكنها استطاعت أن تجعل من إعاقتها نبراساً يضيء طريقها، فأطلقت العنان لإبداعاتها، وحررت مواهبها الكامنة في دواخلها، وانطلقت للعالمية، مدفوعة بدعم أسرتها وزوجها. وأجبرت الناس على الانحناء لها تقديراً واحتراماً بسبب مواهبها المتعددة، فهي رياضية من الدرجة الأولى، إذ إنها بطلة في رياضة الجلة ورمي القرص، والسباحة، وبعيداً عن الرياضة حازت لقب «المعاق المبدع»، كما كرمت كـ»أم مثالية» نظراً لتربيتها لأولادها بأحسن طريقة، كما كرمت بجائزة «التميز للأداء الحكومي»، بالإضافة إلى موهبتها في مجال تصميم الأزياء. قوة الضعف قالت المنهالي، الموظفة في خدمة العملاء بالإدارة العامة للمرور في دبي، «حياتي كانت عادية، حيث أذكر أنني كنت ألعب وأجري هنا وهناك، وفي سن الثامنة أصبت بحمى قوية أخذني أهلي إلى المستشفى، فأعطوني حقنة أصابتني بشلل نصفي، وسبب ذلك صدمة كبيرة لأهلي، فسعوا لعلاجي داخل الدولة وخارجها، لكن ذلك لم يقدم أي جديد، والدتي كفكفت دموعها، وبدأت تفكر في كيفية دمجي في المجتمع، وعاملتني كما تعامل إخوتي». ورجعت المنهالي بذاكرتها للوراء، وقالت «في بداية إعاقتي لم أستطع التأقلم، حيث كانت دموعي تسبقني، وأنا أرقب زميلاتي يركضن وأنا حبيسة الكرسي، لكني حاولت عازمة بمساعدة والدتي وبتحفيزها أن أجعل من ضعفي قوة، ونظرت داخلي لأجد العديد من المواهب التي تنتظر مني إشارة مرور للواقع». وأضافت «أكملت دراستي في الكويت، وهناك تعرفت إلى زوجي وعشنا قصة حب قوية دامت 8 سنوات، صدمتها العديد من العراقيل، لكن زوجي السليم المعافى كان مصراً على الزواج مني رغم رفض بعض أهله، في هذه الفترة بدأت أبحث عن قوتي، وبدعمه وتشجيعه استطعت أن أنجح في ممارسة الرياضة، ولولا زوجي لما وصلت إلى ما أنا عليه اليوم، فهو الذي مكنني من الوقوف أمام العالم لأقول إنني موجودة في كل المحافل، ويكفيني فخرا أن يدفع بي كرسي المتحرك، فهذا يشكل أكبر داعم لي، وشكل لي سنداً كبيراً في هذه الحياة، ونجحت بمساعدته، بعد أن واكب منذ البداية نجاحاتي ولايزال إلى اليوم يدعمني ويحفزني على العطاء والتألق». ملكة داخلية رغم الإعاقة الجسدية شعرت المنهالي أن لها ملكات داخلية تريد تحريرها، وما ساعدها بداية وقوف أهلها بجانبها، حيث حاولوا دمجها في المجتمع، فقد بدأت في العاشرة من عمرها ممارسة رياضة السباحة وألعاب القوى، ما جعلها تنجح في قهر إعاقتها ووجهت قوتها لهذه الرياضات. إلى ذلك، قالت «الرياضة تحرر طاقتي»، ما جعلها تستكشف طاقتها الداخلية وسعت تدريجياً للبحث عن سبل تطويرها، وبعد رجوعها إلى الإمارات بدأت ممارسة رياضة ألعاب القوى، ومنها رياضة رمي الرمح والقرص والجلة من خلال نادي دبي للرياضات الخاصة، فحازت الميدالية البرونزية في بطولة رمي الرمح في ألمانيا سنة 2005، بعد ذلك شاركت في العديد من البطولات على مستوى الدولة والخليج، وأضافت «شكل لي دعم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عندما شرفني باستقباله لي، أكبر حافز نحو التفوق، حيث شاركت بعدها في عدة بطولات على مستوى الدولة والخليج». وأكدت المنهالي أنها بعدما حازت العديد من الألقاب وأصبحت معروفة رجعت في فترة من الفترات لرياضة السباحة التي تعتبرها متنفساً كبيراً لها، إلى جانب باقي الرياضات. وأوضحت «لا أستطيع الاستغناء عن الرياضة أبداً ففيها أفرغ طاقتي، والرياضة تشكل لي مصدر قوة، فالقوة والإرادة والعزيمة هي التي تخلق الفرق في الحياة، وليس الجسد، فكثير من أصحاء لا يعرفون كيف يستغلون طاقاتهم الكبيرة». الرسم والأزياء شاركت المنهالي مؤخرا في المعرض الذي أقيم على هامش اليوم المفتوح الذي أقامه مكتب احترام ثقافة القانون في مقر أحداث المفرق، بمناسبة انطلاق فعاليات يوم الأصم العربي 37، وقالت كلمتها من خلال رسوماتها، كما تحدثت عن مسيرتها فكانت نموذجاً لمن هم أصحاء، لكن يطحنون إرادتهم وعزيمتهم بارتكاب بعض الحماقات التي تودي بهم خلف القضبان، كانت بمثابة رمز للقوة، حيث نقلت تجربتها مع مواهبها المتعددة التي تألقت فيها. في السياق ذاته، قالت إنها تشعر أحياناً بشيء قوي يتحرك داخلها، فتتجه صوب أوراقها وفراشيها وأقلامها الرصاصية لترسم لوحات عفوية، وتسكب فيها كل مخزونها النفسي. وتابعت «أرسم وأنا سعيدة، كما أفرغ غضبي في لوحاتي، وغالبا ما أرغب في الرسم حينما أريد الاختلاء بنفسي والجلوس قليلاً، أعطيها حقها نتحدث، ونقول كلامنا مرسوماً، وأرتاح بعد ذلك، كما أنني لا أرسم تحت الطلب أبدا». بالإضافة إلى الرسم درست المنهالي تصميم الأزياء في دورة مكثفة مدتها 6 أشهر، ما جعلها تشارك في عرض الأزياء العالمي الأول لذوي الاحتياجات الخاصة سنة 2009 الذي نظمته دائرة دبي للثقافة والفنون، حيث شاركت المنهالي بمجموعة من التصاميم الخاصة بها، وتأمل في إقامة معارض خاصة بها. وفي هذا الصدد فازت المنهالي بلقب «المعاق المبدع»، كما تم تكريمها على أدائها المتميز في عملها، حيث أكدت أنها تحب عملها لهذا تتفانى في العطاء، مؤكدة أنها لا تكل ولا تمل، واعتبرت ذلك واجباً عليها. وقالت إنها يومياً تكون أول من يدخلون العمل مستوفية كل ساعات عملها، ما جعلها تفوز بتكريم عن «الأداء الحكومي المتميز»، حيث قالت المنهالي الفائزة بجائزة فئة «الجنود المجهولون» إن «الفوز يمنحني دوافع قوية لمواصلة حياتي، والتطلع إلى الفوز بجوائز عالمية، خاصة أنني حاصلة سابقا على بطولة الإمارات في ألعاب القوى». تربية صالحة لم تكن المنهالي متألقة في الرياضات فحسب، بل فجرت طاقات أخرى في تربية أولادها، وصبت فيهم رحيق كل ما تعلمته من صبر، ورغم الصعوبات التي صادفتها في البداية. قالت «تزوجت بعد حصولي على الثانوية العامة مباشرة، أنجبت ابنتي بشاير (23 سنة) وتدرس في كلية الطيران، وبعدها أنجبت علي (21 سنة)، ثم سليمان آخر العنقود والمدلل الذي يبلغ عمره 11 سنة». وتضيف «واجهت عدة صعوبات في البداية، لكني حاولت التأقلم مع الوضع، وبعد أن اشتد عودهم كنت لا أستطيع الركض خلفهم لأعاقبهم، وليس هناك طفل يأتي لأمه لكي تعاقبه، ولكن أولادي كانوا يقومون بذلك، حيث أعاملهم معاملة خاصة جدا، علمتهم مساعدة بعضهم بعضاً، والاعتماد على النفس، يعرفون مشاعري تجاههم، لهذا هم يقدرون جدا غضبي، ولا يرغبون أبدا في إزعاجي، لا يفوتون أبدا وقت الصلاة، قويت لديهم الوازع الديني وجعلت منهم متميزين، حفرت في دواخلهم للبحث عن نقاط القوة، أعتمد على مخاطبتهم والحديث معهم، تعاملت معهم منذ البداية على أنهم كبار، ويفهمون ويستوعبون، نتحدث عن أي شيء وفي كل شيء، نسيت إعاقتي بسببهم، هم قوتي، هم عافيتي، ولهذه الأسباب مجتمعة حصلت على لقب الأم المثالية سنة 2006، وأقول إنني أعيش حياة أسرية سعيدة بتضامننا، علمت أولادي مهارات عدة، حيث ابنتي ماهرة في الطبخ، أما أنا فإنني تعلمت الطبخ على يد منال العالم، وحصلت على شهادة منها، لهذا فإنني أقوم بتجهيز الأكل بنفسي، ولا ينحصر ذلك على صنف واحد، بل أستطيع أن أجهز ما يكفي لبوفيه مفتوح». وعن كيفية التوفيق بين أسرتها وبيتها وعملها والرياضات المتعددة التي تمارسها، قالت «هناك دائما وقت للقيام بأي شيء، أمارس الرياضة، وأرسم وأصمم أزياء، وأعمل بجدية في وظيفتي، بحيث لم أتخل يوما عن دوامي الصباحي، وأوفي عملي حقا كاملا، كما أجلس مع أولادي، وأخاطبهم، وهم في المرتبة الأولى عندي».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©