السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

نقص التمويل يقلص نشاط القطاع الصناعي في مصر

نقص التمويل يقلص نشاط القطاع الصناعي في مصر
7 مايو 2012
محمود عبدالعظيم (القاهرة) - يواجه مشروع المطور الصناعي الذي كانت مصر قد أطلقته قبل عدة سنوات الجمود والشلل، مما يهدد استثمارات تتجاوز 5 مليارات جنيه موزعة على عدة مشروعات للتطوير الصناعي. وتتمثل أبرز المشكلات التي تواجهها هذه المشروعات التي يعود معظمها الى مجموعات استثمارية عربية بارزة إلى عدم قدرة هذه الشركات على الحصول على تمويل جديد، يسهم في سرعة إنجاز المشروعات أو تسليم الأراضي المخصصة للمشترين على خلفية سياسات الحذر الائتمانية التي تطبقها البنوك المصرية منذ اندلاع ثورة 25 يناير. بالإضافة إلى عجز المطورين عن بيع مساحات جديدة من الأراضي المخصصة للمصانع في اطار مشروعاتهم الاستثمارية، نظرا لحالة الركود الراهنة في الاقتصاد المصري وارتفاع نسبة الاستردادات بين حاجزي أراضي المصانع، بسبب غموض المستقبل الاقتصادي للبلاد في الفترة الحالية وتفضيل كثير من أصحاب المشروعات الصناعية متوسطة الحجم التي يخدمها المطورون الانتظار لحين اتضاح الرؤية للنشاط الاقتصادي. وقد تراجعت قدرة هذه المشروعات على تحصيل سيولة مالية من العملاء، مما اثر على جداول تنفيذ المشروعات وقدرتها على الالتزام بتسليم المشروعات في التوقيتات المحددة. كما تواجه هذه المشروعات ارتفاع تكلفة التنفيذ بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء وأجور العمالة وفترات التوقف الطويلة التي عانت منها هذه المشروعات، في أعقاب الثورة نتيجة الانفلات الأمني الذي شهدته البلاد ولا تزال تداعياته تلقي بآثارها السلبية على حركة الاقتصاد بصفة عامة. ويسعى أصحاب مشروعات التطوير الصناعي الى التوصل الى حلول للخروج من المأزق الذي تعانيه مشروعاتهم سواء عبر طلب دعم حكومي يتمثل في تأجيل سداد الأقساط المستحقة على الأراضي، أو عبر التفاوض مع بنوك ومؤسسات مالية للحصول على سيولة مناسبة تساعدهم على اعادة تدوير حركة النشاط في مشروعاتهم بدلا عن حالة التوقف الراهنة. ورغم عدم توصل معظم المشروعات الى حلول للأزمة التي تواجهها، هناك تصميم من جانب الشركات المالكة على انهاء تنفيذ هذه المشروعات رهانا على المستقبل الجيد للاقتصاد المصري على المدى الطويل، حسب اجماع دراسات دولية وخبراء حيث يؤكد أصحاب مشروعات التطوير الصناعي قدرتهم على الصمود وتحمل المعاناة الحالية، لاسيما أن المشروعات مملوكة لمجموعات استثمارية عربية تتمتع مراكزها الرئيسية بقوة مالية كبيرة، تمكنها من طلب المساندة المرحلية لاجتياز الصعوبات. وكان مشروع المطور الصناعي قد أطلقته الحكومة المصرية قبل أربع سنوات وتقوم فكرته على تخصيص مساحات واسعة من الأراضي للمستثمرين الراغبين في تطوير هذه المساحات، عبر إمدادها بالبنية التحتية ثم تأهيلها ليصبح كل مشروع بمثابة مجمع ضخم لعشرات المصانع المتخصصة في نشاط صناعي معين، وبيع هذه المساحات المطورة لأصحاب هذه المصانع التي تتميز بأنها متوسطة الحجم وقابلة للنمو السريع ويتراوح رأسمالها بين 50 و100 مليون جنيه. نقص الأراضي وأقدمت الحكومة المصرية على هذه الخطوة بهدف سد الفجوة التي كان يعانيها القطاع الصناعي والمتمثلة في نقص الأراضي اللازمة لإقامة المشروعات الصناعية، أي تلك الأراضي المرفقة والتي تقع على محاور طرق رئيسية تساعد على سرعة نقل البضائع الى موانئ التصدير أو سرعة وصول المواد الخام اللازمة لعمليات التصنيع. ونظرا لقلة الأراضي المتاحة للتصنيع والمرفقة في ذلك الوقت، حيث كان حجم الطلب على الأراضي في حدود عشرة ملايين متر مربع سنويا، بينما قدرة الحكومة على توفير أراض لا تزيد على ثلاثة ملايين متر مربع سنويا، أسندت الحكومة مساحات كبيرة بلا مرافق لعدد من المطورين الصناعيين الذين يقومون بتطوير هذه الأراضي وامدادها بالمرافق والبنية التحتية وضخ استثمارات كبيرة لهذا الغرض، بما يعني تحقيق قيمة مضافة لهذه الأراضي ثم اعادة تخصيصها بالبيع أو الايجار طويل المدى للمستثمرين الصناعيين الراغبين في إقامة مشروعات جديدة أو التوسع في مشروعات قائمة، وبناء على هذه الخطة تم تخصيص نحو 25 مليون متر مربع لثلاثة مشروعات تطوير كبرى أحدها على طريق العاشر من رمضان لشركة التجمعات الصناعية الأردنية، والثاني لمجموعة مواد الإعمار القابضة السعودية بمدينة السادس من أكتوبر وثالث لمجموعة استثمارية تركية في مدينة العبور، ومشروع رابع لمجموعة استثمارية عراقية لايزال رهن الحصول على الموافقات والتراخيص اللازمة بمنطقة شرق بورسعيد. وعلى ضوء ذلك، جرى ضخ أكثر من خمسة مليارات جنيه في مشروعات التطوير الصناعي خاصة مشروعي التجمعات الأردنية ومواد الاعمار السعودية اللذين أوشكا على الانتهاء، حيث نجحت الشركتان في تسويق مساحات واسعة من الأراضي المرفقة في مشروعاتها، بل إن بعض المصانع بدأ العمل بالفعل في كل منهما إلا أن التطورات السلبية التي شهدها الاقتصاد المصري حالت دون المضي قدما في تنفيذ خطط المطورين، وإضافة المساحات المطلوبة للخريطة الصناعية المصرية. ويرى خبراء اقتصاديون ضرورة مساندة مشروعات المطور الصناعي وعدم السماح بتعثرها، حيث تم ضخ استثمارات كبيرة في هذه المشروعات في الأعوام الثلاثة الماضية، وليس من المنطقي إهدار هذه الاستثمارات أو تعريضها للتجميد، ودفع المشروعات للتوقف نتيجة عجزها عن الحصول على القروض لاستكمالها. كما أن البلاد تحتاج لمثل هذه المشروعات سواء في الوقت الراهن أو في المستقبل، لأن الصناعة سوف تقود النمو في الاقتصاد المصري في السنوات المقبلة، لاسيما الصناعات التي توجه إنتاجها للتصدير، والطلب على الأراضي الصناعية سوف يزيد في السنوات القادمة بعد انجاز التحول الديموقراطي وإعادة إطلاق الاقتصاد المصري على أسس جديدة، تشمل الشفافية والعدالة وتكافؤ الفرص بين المستثمرين. واعتبر الخبراء أن الحصار الذي تعانيه مشروعات المطور الصناعي حاليا يعود الى احجام البنوك عن التمويل، لأن توقف البيع أو عدم سداد الأقساط من جانب العملاء كان متوقعا في ظل الوضع الحالي للاقتصاد المصري، ومن ثم كان يجب على البنوك عدم زيادة الأزمة عبر التوقف عن توفير التمويل لاستكمال هذه المشروعات. وأكد جانسيت كشت المدير التنفيذي لمشـروع شـركـة التجمـعات الصنـاعية الأردنية أن فكرة المطور الصناعي كانت جديدة على السوق المصرية، عند انطلاقها الا أن الفكرة لقيت استجابة ومساندة من الحكومة المصرية في ذلك الحين مما أتاح للشركات المطورة الحصول على التمويل من البنوك، ونجحت الشركات في بيع وتأجير مساحات كبيرة من مشروعاتها لأصحاب المصانع، وبالتالي كانت المشروعات تمضي في طريقها المرسوم. وأضاف أنه من الطبيعي أن تتعرض المشروعات في هذه الفترة لأزمات تمويلية أو تسويقية نتيجة الظروف الاقتصادية العامة بالبلاد، ومن ثم يجب ألا تكون هذه الأزمات سببا في تعثر المشروعات أو توقف البرامج الزمنية للتنفيذ، مما يقتضي ضرورة مساندة البنوك لهذه المشروعات في المرحلة الراهنة، خاصة أن كافة الدراسات تشير الى نجاح المشروعات وأن السوق في حاجة الى مزيد من الأراضي الصناعية المرفقة، وبالتالي فإن بيع المساحات في المستقبل مضمون وذو عائد استثماري كبير. وأكد جلال الزوربا رئيس اتحاد الصناعات المصرية أن مشروعات التطوير الصناعي قيمة مضافة للاقتصاد المصري، وساهمت على نحو إيجابي في سد ثغرة نقص الأراضي المرفقة، لاسيما في مرحلة الفورة الصناعية السابقة ومساندة هذه المشروعات في المرحلة الحالية مطلوبة. وأضاف أن حالة الركود والاضطراب الاقتصادي الراهنة لن تدوم طويلا وبالتالي سوف تعود المشروعات بقوة على أساس جدواها الاقتصادية التي تم تنفيذ المشروعات بناء عليها، وهذه الجدوى تؤكد حاجة البلاد في السنوات القادمة إلى مزيد من الأراضي المرفقة في ظل انتعاش متوقع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©