الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مدرسة العطارين في فاس آية الدهر

مدرسة العطارين في فاس آية الدهر
31 أكتوبر 2008 01:45
تقع مدرسة العطارين في مدينة فاس القديمة بجوار جامع القرويين، وقد قام بتشييدها السلطان أبو سعيد بن يعقوب بن عبدالحق المريني في عام 723هـ ''1324م''، ونظراً لفخامة وجمال بنيانها فقد عرفت باسم ''المدرسة العظمى''· قال عنها أحد المؤرخين المغاربة إن عمارتها ''آية الدهر ولم يبن مثلها ملك من قبل· وطبقاً لرواية المؤرخ ابن أبي ذرع، فإنه قد صدر الأمر بإنشاء المدرسة في مستهل شعبان عام 723هـ أمام جامع القرويين، فبنيت على يد الشيخ المبارك عبدالله بن قاسم المزوار، ووقف أمير المسلمين على تأسيسها ومعه الفقهاء والعلماء· وبمدرسة العطارين لوح حجري نقشت عليه أسماء الجهات التي أوقف الأمير ريعها للإنفاق على المدرسة، ويحمل هذا النقش تاريخ انتهاء تشييدها في عام 725هـ· واجتهد عريف البناء عبدالله بن قاسم المزوار في تأمين المياه اللازمة لمدرسة العطارين، فمد إليها الماء من عين غزيرة خاصة بها حتى لا تنقطع عنها المياه· ورتب الأمير المريني الفقهاء لتدريس العلم، وأسكن الطلاب بالمدرسة، وعيّـن فيها عدداً من أصحاب الوظائف من مؤذنين وإمام وخدم، وكانت الدراسة تتوقف يوم الجمعة من كل أسبوع ليذهب الطلاب والمدرسون لإقامة الصلاة في جامع القرويين· ويمتاز التخطيط المعماري لمدرسة العطارين بالبساطة، ومحوره صحن مكشوف، يتقدمه من الجهة الجنوبية ايوان القبلة، ويكتنفه من الجانبين بائكتان تحملان الخلاوي الخاصة بإقامة الطلاب· وللمدرسة كتلة دخول واحدة في الجهة الشمالية، بينما تقع الميضأة في الركن الشمالي الشرقي للمدرسة· وتحتل كتلة الدخول وسط الواجهة الشمالية، حيث يوجد الباب في دخلة عميقة تزدان من أعلى بتكسيات من بلاطات خزفية ''الزليج''، بها كتابات كوفية تحتوي على آيات من القرآن الكريم، وقد زخرفت هذه البلاطات برسوم لاوراق نباتية بالوان الأزرق والأخضر والبني· ويوجد بالمدخل نقوش كتابية محفورة في الواح من المرمر ويفضي باب الدخول إلى ''ردهة'' مستطيلة الشكل تحتوي على ثلاثة مداخل، الشرقي منها يؤدي الى الميضأة والغربي يوصل عبر سلم صاعد إلى حجرات الطلاب، أما المدخل الواقع بصدر الردهة فهو يؤدي إلى صحن المدرسة المستطيل الأبعاد الذي يمتد ضلعه الطولي من الشمال الى الجنوب وتتوسطه فوارة ماء رخامية مربعة الشكل· ويتقدم الصحن من الجهة الجنوبية ايوان القبلة ومن الجانبين الشرقي والغربي تشرف عليه بوائك كتل الخلاوي وجاءت أرضية الصحن أقل ارتفاعاً من أرضية ايوان القبلة وكتلة الخلاوي وأرضية الصحن مفروشة ببلاطات الزليج الملون باللونين الأحمر والأخضر· والملاحظ ان مهندس المدرسة ماثل بين واجهات كتل الخلاوي المشرفة على الصحن من الداخل من حيث الارتفاع وارتفاع واجهات الخلاوي كما ربط بينهما برفرف خشبي مغطى من أعلاه بالقرميد ويرتكز هذا الرفرف من اسفل على كوابيل خشبية· أما إيوان القبلة فهو مستطيل وقسم بواسطة بائكة من ثلاثة عقود محمولة على أربعة أعمدة الى قسمين غير متساويين اكبرهما القسم الذي يتوسط جداره الجنوبي المحراب· وأرضية إيوان القبلة مفروشة ببلاطات الزليج ويغطي الإيوان من الداخل سقف خشبي مزخرف· ويوجد بصدر الإيوان ست نوافذ مغشاة بحجاب من الجص المعشق بالزجاج الملون، واحتفظت اربع منها بزخارفها الأصلية والتي يغلب عليها الوان الأزرق والأصفر والأخضر· ويشرف ايوان القبلة على صحن المدرسة بفتحة صغيرة اتساعها 1,85 متر وارتفاعها 2,11 متر، حجبت بواسطة سياج من الخشب الخرط ''المفرغ'' تتوسطه فتحة باب صغيرة تغلق عليها ضلفتا باب، أما باقي واجهة الايوان فقد سدت بالكامل على غرار ما كان متبعاً في تصميم المدارس المغربية· ونظم مهندس المدرسة عبدالله بن قاسم فتحة باب إيوان القبلة المتصلة بالصحن داخل تقسيم معماري وزخرفي مؤلف من ثلاثة أقسام رأسية الاوسط منها أكثر اتساعاً وارتفاعاً، وهو الذي يضم باب الدخول وتوج من أعلى بعقد قوسي من الخشب· ويوجد بأعلى فتحة الباب ثلاث نوافذ حجبت فتحاتها بالزجاج الملون المعشق في الجص باشكال زخرفية ويكتنف فتحة الباب الوسطى من الجانبين دخلتان معقودتان غير نافذتين تعلوهما زخرفة شبكية نفذت في الجص· وتقع كتلة الخلاوي على امتداد صحن المدرسة من الجهتين الشرقية والغربية وشيدت حجرات خلاوي الطلاب في كل جانب على بائكة ثلاثية وماثل المعماري بين واجهتي كتلة الخلاوي المشرفة على الصحن من الناحيتين المعمارية والزخرفية· وتتكون كل واحدة من كتل الخلاوي السكنية من مستويين، الأرضي منهما عبارة عن بائكة ثلاثية مكونة من ثلاثة عقود قوسية ملبسة في الخشب وله حافة مسننة محمولة أرجلها على دعامتين مربعتين في المنتصف وعمودين صغيرين في الركنين· ووضع المعماري فتحات النوافذ الثلاث في المستوى العلوي على سمت الجدار الخارجي مباشرة ليوفر اتساعاً داخلياً أكبر لحجرات الخلاوي ويفصل بين النوافذ الثلاث اربع دعامات وضعت على امتداد روافع المستوى الاول نفسه· وكسيت جميع واجهات كتل الخلاوي من اسفل بالزليج ومن أعلى بالجص ولبست العقود بالأخشاب المزخرفة بنقوش محفورة غاية في الدقة· ويوجد خارج المدرسة وبالتحديد في الجهة الشرقية للمدخل الرئيسي الميضأة ويمكن الوصول اليها عن طريق الردهة التي تلي كتلة الدخول مباشرة· ويتخذ تخطيط الميضأة المعماري شكل المستطيل ويتوسطه حوض صغير تحف به من ثلاث جهات حجرات صغيرة ''مطاهر'' وقد تم تجديد هذه الميضأة بكاملها في السنوات الاولى من القرن العشرين· وتبقى مدرسة العطارين رغم بساطة تصميمها المعماري، بفضل فخامة زخارفها المنفذة بالزليج والجص والاخشاب، عنواناً على روعة الفن الإسلامي في بلاد المغرب·
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©