الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دنيا ودين

31 أكتوبر 2008 01:46
يحترم الإسلام التعددية الدينية ويقبل بالاختلاف الثقافي، تلك الحقيقة ليست مجرد نصوص دينية وإنما أيضا تطبيق عملي يشهد به تاريخ الإسلام وواقع المسلمين المعاش· فقد احترم الإسلام غير المسلمين الذين يعيشون فى المجتمع المسلم، وقدر خصوصياتهم فى العبادة والعادات وكفل لهم الحقوق كما طالبهم بالواجبات، ويوضح الدكتور عبد الرحمن عباد الأمين العام لهيئة العلماء والدعاة فى بيت المقدس أن قضية التعددية الدينية واضحة في الإسلام من خلال قوله تعالى (لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى)· وأضاف: سمح المسلمون لأصحاب الديانات الأخرى الذين يعيشون بين ظهرانيهم، بممارسة شعائرهم الدينية دون تدخل، وكانوا ولايزالون يحترمون عقائدهم وشعائرهم ويحافظون على معابدهم ؛ حتى وإن لم يعترف المسلمون بصحة هذه العقائد، وهذا باب من أبواب احترام الاختلاف، وقبول التعددية الموجودة على الأرض التي يسيطر عليها المسلمون، ويعد هذا سبقاً لم يقم به أحد من قبل، وما زال العالم المتحضر يرفض اعتبار المسلمين الذين يعيشون فى بعض الدول الغربية مواطنين كاملى الحقوق· ويوكد أن الإسلام لم يفرق بين مواطن وآخر ، فحقوق المواطنة مضمونة، وهى لا تتعارض مع الانتماء الدينى أو المذهبى أو القومى، والأصل أن يقوم المواطن بأداء واجباته، بعد أن تكون الدولة قد وفرت له حقوقه، فلا وجود فى الإسلام لمواطنين من الدرجة الأولى، وآخرين من الدرجة الثانية· ويدلل على ذلك بأمثلة من التاريخ الإسلامى توضح تساوى الخصوم، ومنها ما ذكره عمر بن الخطاب في رسالته لأبي موسى الأشعري: (آس الناس- أي ساو بينهم - في مجلسك وفي وجهك وقضائك؛ حتى لا يطمع شريف في حيفك ولا ييأس ضعيف من عدلك )· والناس هم كل مخلوقات الله من البشر، يستوي في ذلك مؤمنهم وغيره، فالمساواة واجبة بين العموم، ، فما كان المجتمع الإسلامي في أي يوم من الأيام مجتمعا ذا لون واحد، فقد كان من قوميات متعددة، ومواطن متعددة، لكنهم جميعاً كانوا يغدون ويروحون في كل أطراف الدول الإسلامية بكامل الحرية، يتعلمون ويرتزقون ويسكنون· وقد سمح الإسلام للطوائف المتعددة بالعيش في المجتمع الإسلامي، وسمح لأفكار هذه الطوائف بالتداول، فلم يحجر عليهم ولم يلاحقهم، ولا فتح لهم السجون ؛ بل أطلق العنان للمفكرين من علماء وفقهاء بمناقشتهم ومحاورتهم، حتى في مجالس الخلفاء والأمراء والولاة ، مع منحهم الحرية الكاملة في التعبير عن أفكارهم· ويشير الى أنه في العصر الحديث وجدنا كثيرين من العلماء المسلمين ينادون بتغيير كلمات يرى فيها الآخرون من غير المسلمين أنها تسيء إليهم مثل كلمة (رعايا) فقد كتب المرحوم خالد محمد خالد كتابا سماه (مواطنون لا رعايا) وسار على هديه المفكر الإسلامي (فهمي هويدي) الذي سمى كتابه (مواطنون لا ذميون) لأن أهل الكتاب لا يحبذون أن نطلق عليهم هذه التسمية· ويقول الدكتور عبد الرحمن : نحن في فلسطين لا نستخدم كلمة (أقلية) في وصف المواطنين المسيحيين سكان الأرض المقدسة، لأنهم مواطنون أصليون عرب، شأنهم في هذا الشأن شأن المسلمين العرب الفلسطينيين، الذين يتقاسمون معهم رغيف الخبز، ويشاطرونهم الأمل والألم ومقاومة المحتل الصهيوني الغاصب، فكذلك الإخوة في سوريا والأردن ومصر، وباقي الدول العربية عموماً· ويضيف: وجدنا في الدول العربية والإسلامية رجالا ونساء يعتلون المناصب العالية، لكننا لم نشهد حتى يومنا هذا رجلا مسلماً أو امرأه تصل إلى مرتبة وزير في أي دولة أوروبية، مع أن عدد المسلمين في أوروبا يزيد على ثلاثين مليوناً، ولا وجدنا أقل من ذلك، ففي فرنسا على سبيل المثال، ـ هناك ما يزيد على تسعة ملايين مسلم، أي ما يساوي سدس عدد السكان تقريبا، ومع ذلك فإنهم يعدون أقليات، ويحرمون من أدنى الحقوق الإنسانية، وتفرض عليهم الدولة قوانينها العلمانية، ولا تسمح لهم بممارسة شعائرهم الدينية وأخصها حرية اختيار اللباس الشرعي، مع أن المسلمين أعطوا هذه الحريات لغير المسلمين قبل أربعة عشر قرناً ونيف· ويؤكد أن الإسلام يكفل للإنسانية الأمان على الحياة ولقمة العيش، والمسكن، والحرية، كون الإنسان مكرما عند خالقه، يستوي في ذلك المسلم وغير المسلم، وفي هذا يقول سبحانه في خاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته السمحاء (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )، رحمة للناس، وليس للعرب أو المسلمين، ، وبهذا تزول الفوارق وتزول اللغات ولا يبقى إلا هذه الرحمة·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©