الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«فولوس» اليونانية... نظام جديد للمقايضة

7 مايو 2012
في الوقت الذي تواصل فيه اليونان بحثها عن حلول لأزمتها الاقتصادية الطاحنة، تبنت بلدة "فولوس" الساحلية فيها، نظاماً قديماً للمقايضة لمساعدة أبنائها على تدبر أمورهم. فبعض سكان البلدة، التي تعاني مثل غيرها من المدن والبلدات اليونانية من الركود منذ خمس سنوات، والتي تبلغ فيها نسبة البطالة 21 في المئة، والذين كانوا يعانون من نقص "اليورو"، وتتوافر لديهم في الوقت نفسه موارد أخرى، نجحوا في خلق عملة محلية يطلق عليها الـ"تم" TEM باللغة اليونانية، يتم تداولها بناء على مساهمات غير نقدية في نظام على شبكة الإنترنت. فكل ما يفعله هؤلاء هو فتح حساب على شبكة الـ"تم"، مع بيان نوعية الخدمات التي يمكن أن يقدموها للسكان الذين يقطنون في نفس منطقتهم، والذين يحتاجون لمثل هذه الخدمات، ثم البدء بعد ذلك في مراكمة النقاط الائتمانية التي يمكن تبادلها مقابل أشياء يحتاجون هم إليها. ويمكن لعملة الـ"تم" أن تستخدم لكل شيء من المخابز وجليسات الأطفال، والمدرسين، والفنيين. (نظرياً تساوي قيمة الـ"تم" يورو واحداً). يقول"بيرناردت كوبولد" أحد المشاركين في النظام، ويعمل أخصائياً للعلاج بالإبر الصينية:"إنه نظام أسهل من غيره، وأكثر مباشرة من تبادل السلع والخدمات. وهو أيضاً طريقة لإظهار التضامن عملياً وبناء علاقات بين الناس". وأعربت"ماريا شوبيس" المؤسسة المشاركة لشبكة الـ"تم" عن مشاعر مماثلة بخصوص أنظمة العملة النقدية البديلة، وضمن هذا الإطار قالت:"إنها عبارة عن بنيات اجتماعية بقدر ما هي بنيات اقتصادية، فهي تعزز التقارب بين الناس ومشاعر التكافل والتضامن". وقد شجع" بانوس سكوتنيوتيس" عمدة البلدة في حديث له لشبكة NPR الإعلامية البلديات في مختلف أنحاء العالم على النظر في برامج مناسبة تتماشى مع ظروفها، كي تقدم يد العون في المجالات والنواحي التي تخفق فيها الحكومات والأسواق التقليدية في تقديم الخدمات الكافية للمواطنين. وهو يوضح ما يقصده بقوله:"هذا النظام يعد بديلاً لنظام دولة الرفاه، وهذا هو السبب الذي يدعو بلديتنا لتشجيعه والسعي من أجل تنميته وتطويره". من جانبه أبدى البرلمان اليوناني استعداداً جيداً للغاية لدعم هذا المشروع، حيث وافق على قانون يهدف تشجيع الأشكال غير التقليدية المتنوعة لـ"ريادة الأعمال والتطوير المحلي". من حسن الحظ أن الحكومات الأخرى تستمع لمثل هذه النصيحة. ففي ألمانيا على سبيـل المثـال انضـم المزيـد من الألمان إلى أنظمة عملات بديلة، منذ أن تم اعتماد "اليورو"، حيث يوجد هناك ما يقرب من 30 نظاماً من هذه الأنظمة في الوقت الراهن. "كريستيان جيليري" المدير العام لأحد أنظمة العملة المحلية هناك يتحدث بحماس عن ذلك ويقول:"نحن نريد من الناس أن يفكروا في ذلك أكثر مما يفعلون حالياً... والمشاركون في أنظمة العملات البديلة يريدون أن يغيروا النظام المالي. نحن نريد ترويج المؤسسات الخيرية المحلية وأن نصل ما بين المشروعات المحلية... هذا هو الهدف الذي نسعى إليه". والولايات المتحدة أيضاً أدلت بدلوها في نظام العملات البديلة، ولها عدة تجارب في ذلك. هناك مثلاً تجارب "تشيرز" في ولاية ديترويت، و"بيرك شيرز" في "ويست ماساشوستس" و"باي إيريا كوميونيتي إكستشينج تايم بانك" في نورثرن كاليفورنيا، و"إيثاكا هاورز" في نيويورك وغير ذلك. كما قامت ولاية سان فرانسيسكو أيضا بإنشاء مجموعة عمل لاستكشاف الكيفية التي يمكن بها لاقتصاد المشاركة تقديم المنفعة للمواطنين كما سيتم تبني نظام" العملة الخلاقة"(كرييتيف كارانسي) في أواخر الشهر الحالي. وإذا ما عدنا لليونان مرة أخرى فسنجد أن نظام الـ"تم" ليس سوى نظام واحد من بين ما يزيد عن عشرة أنظمة مطبقة في أجزاء أخرى في اليونان. وفي الوقت الذي يترسخ فيه التفكير الجديد، والعملات الجديدة أكثر، فإن الفرص الجديدة ستنمو بدورها. ففي "فولوس" تسمح الأسواق اليومية للناس بالمقايضة والتبادل والتعارف في نفس الوقت. ويقول "شوبيس" عن ذلك: إنها مناسبات سعيدة حقاً. فعدم استخدام النقود يجعل الناس يشعرون أنهم أكثر تحرراً". ونظراً لعدم وضع سعر محدد على السلع، فإن كل شيء يغدو ممكناً. ويحكي"شوبيس" عن سيدة وصلت إلى السوق المحلي في البلدة، وهي تحمل ثلاثة أطباق مليئة بالكعك الذي أعدته في منزلها. وكـان السعـر الذي طلبتـه لكـل كعكـة هـو وحـدة واحدة من نظام ائتمان"تم"، وتقول "شوبيس" إنها رأت أن ذلك السعر قد يكون أقل مما يجب فسألت تلك السيدة: هل تظنين أن هذا السعر كاف لتغطية تكلفة المكونات والكهرباء... وما إلى ذلك؟". فكان ردها:"انتظري حتى ينتهي السوق"، وفي نهاية السوق كان لديها ثلاثة أنواع من الفواكه، وزجاجتان من زيت الزيتون سعة لتر، وصابون، وفول، واثنتا عشرة بيضة وكمية كبيرة من الزبادي. ساعتها قالت لي:" لو أنني اشتريت كل تلك الأشياء من أحد متاجر التجزئة، لكانت قد كلفتي مبلغاً أكبر كثيراً مما كلفتني صواني الكعك... أليس كذلك؟". كيلي ماكارتني اليونان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©