الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«سوريا الصغيرة» في نيويورك

7 مايو 2012
في الوقت الذي يوصف فيه العالم العربي بأنه عكس الغرب بشكل عام، والولايات المتحدة بشكل خاص، فمن الأهمية بمكان أن نتذكر أن الأميركيين العرب لديهم تاريخ طويل وغني في الولايات المتحدة. ومثل العديد من الجاليات المهاجرة الأخرى، فإن رحلتهم إلى وطنهم الجديد ساهمت في جعل الولايات المتحدة المكان الذي هي عليه اليوم. وحسب استطلاع المجتمع الأميركي لعام 2008، هناك ما يزيد على 1,5 مليون أميركي عربي، يشكّلون حوالي 0,5 في المئة من مجموع سكان الولايات المتحدة. وتعود أصولهم إلى دول عربية مختلفة ويعتبرون أنفسهم مجموعة متنوعة ذات ثقافات غنية. خذ بالاعتبار، على سبيل المثال بعض الأميركيين من أصول عربية ساهموا بشكل واسع في بناء الولايات المتحدة المعاصرة: ستيفن جوبز المؤسس المشارك في شركة "أبل"، وملكة جمال الولايات المتحدة لعام 2010 ريما الفقيه، والمرشح السابق لانتخابات الرئاسة الأميركية رالف نادر، والفكاهي الشهير جيري ساينفيلد. وتحارب مجموعة من النيويوركيين للحفاظ على إرث المهاجرين العرب الأوائل من خلال نشر الوعي حول الماضي النابض بالحياة لشارع واشنطن، حيث تجد ما كان يسمى "سوريا الصغيرة". كانت المنطقة في السابق مركز الحياة الأميركية العربية في الولايات المتحدة، والمكان الذي عاشت فيه الجالية الأميركية العربية المكونة معاً من المسيحيين والمسلمين واليهود. كانت المنطقة، والتي تعرف كذلك باسم "المستعمرة الأم"، تضم العديد من الكنائس والمتاجر التي تبيع بضائع شرق أوسطية، ومطاعم لبنانية وسورية. ولو أنك زرت المنطقة في ذروة القرن التاسع عشر، لشممت رائحة القهوة العربية القوية ورأيت العديد من الرجال يلبسون الطربوش الأحمر. كانت تلك المنطقة مركزاً للبائعين الجائلين ورجال الأعمال الموسرين، ومركزاً للحياة الفكرية والثقافية، حيث كان بإمكانك رؤية كتّاب أميركيين عرب، مثل أمين الريحاني وجبران خليل جبران وميخائيل نعيمة. وبينما انتشرت أجيال لاحقة عبر الولايات المتحدة وانخرطت في المجتمع، تم نسيان سوريا الصغيرة تدريجياً. ومع حلول نهاية القرن العشرين، شكّل بناء نفق "بروكلين باتِري"، ومبنى التجارة العالمية، حافزاً لهدم معظم المباني المتعلقة بالموجة الأولى من المهاجرين العرب. لم تبقَ سوى ثلاثة مبانٍ من تاريخ الشارع المفعم بالنشاط، وهي 103 شارع واشنطن التي كانت سابقاً كنيسة القديس جورج للملكيين الكاثوليك، و107 شارع واشنطن التي كانت في السابق مركزاً مجتمعياً افتتحه عمدة نيويورك لخدمة حي سوريا الصغيرة، و109 شارع واشنطن، وهي عمارة سكنية ما زالت تضم بعض الشقق المأهولة. "أنقذوا شارع واشنطن"، هي مبادرة للحفاظ على هذه المعالم ونشر الوعي حول ماضي الشارع عبر تكريم عشرات الآلاف من الأشخاص المهاجرين الذين مروا من هناك. ثمة شخصان وراء المبادرة وبشكل فردي، وهما كارل أنطون، الأميركي من أصول لبنانية، الذي قضت أسرته بعض الوقت في ذلك الشارع وأدارت عملاً تجارياً ناجحاً هناك، وتود فاين، وهو خريج جامعة هارفرد عمل خلال السنوات السبع الماضية على نشر الوعي بالمؤلف اللبناني أمين الريحاني ومساهمته الهامة في العلاقات العربية الأميركية المبكرة. الهدف الحالي للمنظمين هو الاستمرار في نشر الوعي بالمشروع والحصول على وضع "معلَم تراثي" للمباني. كذلك يبحث أنطون وفاين عن مشترٍ لتملّك المباني، وفي نهاية المطاف تحويلها إلى متحف. كما أن هناك خططاً لوضع تمثال تذكاري لأمين الريحاني في مانهاتن السفلى، ووضع لوحة على موقع منزله السابق على شارع واشنطن. حصلت مبادرة "أنقذوا شارع واشنطن" على الدعم من السياسيين المحليين وأناس من كافة أنحاء العالم ممن يقدّرون الثقافة العربية. "تواجدنا هنا منذ تواجدت المجموعات العرقية الأخرى"، يشرح أنطون. "مدينة نيويورك هي أهم مدينة في العالم لهذه الأمور، فكمية الثقافات والقصص واللغات الموجودة هنا مثيرة للإعجاب. يستحق المهاجرون العرب الأوائل أن نتذكرهم ونكرمهم تماماً مثل أية مجموعة عرقية أخرى". ندى عقل كاتبة صحفية لبنانية ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©