السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الرسم يضبط السلوك وينمي شخصيتـه

الرسم يضبط السلوك وينمي شخصيتـه
1 نوفمبر 2008 01:27
جلست منى ذات الأعوام الخمسة بهدوء ممسكة بأناملها الصغيرة أقلاماً ملونة تخط بها أشكالاً وخطوطاً مبعثرة، فيما بدأت ملامح السعادة والفرح تغزو وجهها بعد أن أشرفت على الانتهاء، وهي تنظر إلى لوحتها بكل رضا وإعجاب· ويعد الرسم بابا للتنفيس عما يحمله المرء في نفسه من ضغوط، وتكون هي بمثابة العلاج النفسي للتخفيف من وطأة الأمر عليه، وهذا الأمر لا ينطبق على الكبار فقط وإنما نجد الأطفال مولعين كثيراً بالألوان الزاهية والعبث بها، فسرعان ما يهدأ الطفل ويستكين لحظة مسكه الفرشاة أو الأقلام، ويشرع بالتعبير عما يختزنه في نفسه من أحاسيس· ووجدت أم أحمد أن الرسم والتلوين علاج شقاوة ابنها وحركته المفرطة· وتقول: ''للرسم دور بارز في ضبط سلوك ابني، وجعله يركن بين أحضان أدوات الرسم، ما دفعني لإلحاقه بأحد مراكز الفنون، حيث كون صداقات مع آخرين، ونمى بعض المهارات الذاتية''· وتقول دلال: ''بحثت عن وسائل عديدة كي أخرج ابنتي من العزلة التي وضعت نفسها فيها ونوبات التوتر والصراخ التي تعتريها بين الفينة والأخرى من جراء الأجواء التي كانت تحيط بها والنزاعات المستمر مع أب لا يرحم، فقد معاني الأبوة، فهو يتلذذ عندما يصفع ويركل ويشتم، مما خلف ضغوطاً نفسية حادة على ابنتي''، مشيرة إلى أنها شرعت بإخراجها من الأجواء المشحونة إلى أخرى أكثر هدوءاً من خلال إصرارها على الطلاق واحتواء ابنتها· وتضيف دلال أنها وبعد أن حصلت على الطلاق أخذت صغيرتها إلى عيادة نفسية، حيث بدأت تظهر عليها بوادر تحسن لم يدم طويلاً، ثم قرأت عن العلاج بالرسم فجربته ولاحظت مدى تجاوب ابنتها التي أصبحت تستفسر وتسأل بعد أن كانت تلوذ بالصمت لساعات، مبينة أنها ألحقتها بمعهد للفنون حتى تخرجها من الشرنقة التي وضعت فيها رغماً عنها فتحتك بالآخرين وتكسر قيود العزلة· وتوضح الاختصاصية النفسية عايدة أحمد أن الأطفال يميلون إلى رسم كل ما يثير انفعالاتهم والتي قد تتفاوت من طفل لآخر وفقاً لخبرتهم ومستويات انفعالاتهم· وتبين أن الأطفال يختلفون أيضاً في اختيار الألوان، حيث يميل البعض منهم إلى الألوان الحارة القوية كالأحمر والأصفر والبرتقالي، في حين يميل البعض الآخر إلى الألوان الباردة كالأزرق والأخضر والبني· وهناك من يدمج النمطين، معتبرة أنه مؤشر على أن الشخصية تتمتع بالتوازن· وتقول إنه ومن خلال ملاحظة رسم الطفل قد نصل إلى تشخيص حول طبيعة الطفل ومدلولاته النفسية، فالفن أداة يعبر من خلالها الطفل عما يعتريه من حزن أو فرح، وهو يستخدمها للتعبير عن نفسه وتجسيد الصورة أو الفكرة التي في ذهنه من خلال الأدوات الفنية التي بين يديه ليشكل بها جانباً من شخصيته· وتشير معلمة التربية الفنية آمنة سعيد إلى أن رسوم الأطفال هي أحد أشكال بناء النفس في المجال المعرفي والعقلي والمزاجي والوجداني، فهي ليست مجرد خطوط عديمة المعنى، فهو يستنطق من خلالها كل ما يعتريه من مواقف ومشاهد تبقى عالقة في ذهنه ويحولها إلى خطوط ودوائر وأشكال على صفحته البيضاء التي تعد نافذة نطل من خلالها على بواطن الطفل· وتضيف: ''عندما نطرح فكرة موضوع معين نجد أن لكل طفل طريقته في التعبير عن الفكرة والتصور الذي يرسمه له عقله فالرسم أيضاً وسيلة لإطلاق العنان لفكره''، لافتة إلى أن رسوم الأطفال الذين يعانون من الانطواء والخوف والخجل تتضمن رموزاً تحاكي مفاهيم العنف والاضطهاد، عدى عن الألوان القاتمة التي كسيت بها صفحاتهم البيضاء''· وتخلص إلى أن ''الرسم لغة يعبر بها الصغير عندما يعجز اللسان عن البوح عما يخالج نفسه''· ويؤكد الأخصائي النفسي التربوي روحي عبدات أن الرسم يحقق فوائد جمة للأطفال، وهو ليس مجرد شخبطات أو مضيعة للوقت، كما يعتقد الكثير من أولياء الأمور، فعندما تريد الأم أن تتخلص من طفلها وإزعاجه تستنجد بالرسم كإحدى الوسائل لإلهائه عنها، مبيناً أنه من أهم وسائل التواصل خصوصاً أن قدرات الطفل اللغوية لم تتطور بدرجة كافية للحديث عما يجول في خاطره من مشاعر الخوف والحب والقلق والرغبة· ويقول: ''الرسم وسيلة للتعبير عن الانفعالات، وإيصال الكثير من الرسائل الضمنية للراشدين حول ميوله واهتماماته ورغباته واحتياجاته، فتأتي كثير من الرسومات وكأنها مطالب يريدها الطفل من الكبار، أو كأنها وسيلة للدفاع عن حقوق منتهكة؛ فالطفل ينشأ حراً طليقاً وما تلبث أن تلتف عليه الضغوط من البيئة المحيطة كتعرضه للضرب أو الرفض والحرمان أو السخرية''· ويعتبر عبدات أن الرسم وسيلة لتفريغ الشحنات الانفعالية التي يتعرض لها الطفل في حياته اليومية، فتهدأ نفسه بمجرد شخبطته بالألوان وحواره مع الورق الذي يرسم عليه، إذ ينسج لنفسه عالماً خاصاً على الورق يلونه كيفما يشاء ويغيره كما يحلو له ويتحكم في الطبيعة والبيئة المحيطة به حسبما يرغب، وعن طريق الرسم يحقق الكثير من السلوكيات العدوانية التي لولا الرسم لمارسها على أرض الواقع· ويمكن، وفقه، للكبار أن يفهموا شخصية الصغار عن طريق الرسم الذي يعرف بالكثير من الحاجات عندهم، ويمكن أن يستخدم الرسم أيضاً كوسيلة للتعزيز عند ظهور السلوك المرغوب فيه، أو حرمان الطفل منه كطريقة لكبح السلوكيات غير المرغوب فيها، فما دام الطفل يحب الرسم فلا بأس من إقرانه بالسلوكيات المرغوب فيها التي تريد الأسرة أن تنميها عند الطفل
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©