الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«زوّان».. الواقع حين يتستر بالخرافات

«زوّان».. الواقع حين يتستر بالخرافات
21 مايو 2014 00:28
عصام أبو القاسم (الشارقة) تواصلت مساء أمس الأول بمسرح قصر الثقافة في الشارقة عروض مهرجان المسرح الخليجي في دورته الثالثة عشرة حيث شاهد الجمهور عرضاً لمسرحية «زوّان» لفرقة النورس السعودية، تأليف وإخراج ياسر الحسن، وقدمت في إطار المسابقة الرسمية في المهرجان الذي يضم فرقاً أهلية من دول مجلس التعاون، وتنظمه وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع في الفترة من السابع عشر وحتى الرابع والعشرين من الشهر الجاري بالشارقة. فكرة النص واستلهم ياسر الحسن عمله من الخزين الحكائي للذاكرة الشعبية السعودية بخاصة ما تعلق منها بأخبار وقصص «الراعيات/ الجنيات» الرابضات في عيون الماء المنتشرة بين فجاج وشعاب المملكة. كان المخرج السعودي الشاب الذي تعرض لحادثة غرق في عين مائية في صغره سمع كثيراً عن «الراعية» التي تسحب الناس وتغرقهم في العين وشاء في عرضه الجديد أن يقدم مقاربة تأليفية وإخراجية هي مزيج لما استقر في قلبه وعقله من تلك القصص الخرافية ولما قرأه وعاشه في واقعه الراهن من قصص الخبث والدهاء في علاقات الناس في زماننا هذا. العرض ويقوم بناء العرض على مستويين، يتأسس الأول على صراع بين قبيلتين «الحنابلة والمباريك» وثمة غريب/ جابر (قام بالدور حسين يوسف) يعمل على التقريب بين القبيلتين في العلن ويضمر في نفسه نية تفريقهما. وفي المستوى الثاني نتابع قصة حب طفولية تجمع الفتاة «زوان» (قامت بالدور منار الغانم) وهي من قبيلة المباريك و«سالم الصغير» (قام بالدور علي السبع) من قبيلة الحنابلة، وفي خلفية لعب هذين الطفلين وأمامهما دائما هناك تلك «العين» و«راعيتها» المرعبة. لا يقدم العرض، الذي طغت على صورته الحيل الشكلية، ما يكفي من معلومات لنعرف الصلة بين مستوييه ولكن يمكن لنا أن نرجح أن مخرج العمل ومؤلفه شاء باستعراضه العلاقة بين الطفلين وموقفهما من «راعية العين»، في أزمنة مختلفة من العرض، أن يضيء لنا المكانة الواسعة التي تشغلها تلك «الراعية» الخرافية الخارقة في ذاكرة القبيلتين، إذ إننا سنرى كيف أن المكائد والدسائس التي يفلح رجال القبيلتين في نسجها تنسب كلها إلى «الراعية» فتسكت الشكوك والأسئلة، وهو ما حصل حين قتل مبروك «كبير قبيلة المباريك» خصمه «حنظل» كبير قبيلة الحنابلة « فلقد استعان الأول بـ «جابر» ليدله على كذبة تحميه من غضبة المباريك فما كان من الأخير إلا أن دله على الادعاء بأن «الراعية» التي سحبته وقضت عليه! ومع تقدم العرض يجد «جابر»، وهو الغريب بالنسبة للقبيلتين، الفرصة سانحة بموت كبيري القبيلتين «حنظل ومبروك» فيأتي بالطفل (حيان) ويوهمه بأن حنظل ومبروك أوصياه قبل رحيلهما أن يقف على أن يكون كبير القبيلتين الابن «حيان» وان عليه توحيدهما، وفي الوقت نفسه مضى «جابر» إلى تحريض الطفل على إصدار قرار ببيع أراضي القبيلتين له، لأن هذه الأراضي «منحوسة» ترعى في وديانها «الراعية» وتفتك بسحرها الجميع وتنشر الفتنة والصراع والاقتتال بينهم! استعان الحسن بفرقة موسيقية صاحبت العرض بصفة حية وهو عمد إلى رسم تكوينات خشبته اعتماداً على أجساد الممثلين كما استعان بالإضاءة الخافتة لإضفاء طابع حلمي أو كابوسي على أجواء العرض إلا أن ذلك حرم المشاهدين من رؤية الحركات التعبيرية والإشارية للممثلين، وبالتالي غيّب جزءاً مهماً من جماليات ودلالات العرض. الندوة التطبيقية في بداية الندوة التطبيقية للعمل تحدث المخرج ياسر الحسن عن أزمة في نظام الإدارة الإضاءة وأيضا في نظام الصوت مما اثر بشكل أو بآخر على العرض معللاً ذلك بظروف خارجة عن إرادة المخرج، فيما أشاد الحضور بوجود فتاة على المسرح لعمل سعودي متكامل، هي منار الغانم التي قدمت أداء لفت نظر الجميع وتلقت إشادة من كافة النقاد الذين تحدثوا عن مسرحية «زوان» مثمنين قيمة النص وفكرة العرض التي تحمل سمات عمل مميز يمكن أن تتعدد فيه القراءات، وأكد البعض أنهم أمام نص سياسي بامتياز يحمل إسقاطات مدهشة على واقعنا العربي المعاصر، وهو الرأي الذي أكد مخرج العمل على أنه قدم قصة لمأثور شعبي برؤية مسرحية وللجميع كامل الحرية في قراءة النص بالصورة التي تحلو لهم، ولكن هذا لم يمنع المداخلات من الحديث حول إشكالية في الإضاءة والموسيقى والإخراج. فيما أشار الكاتب المسرحي عبد الكريم الهاجري إلى أن وجود عزف موسيقي حي بالعمل حمل سمة التكرارية وفي بعض الأحيان اثر على تلقي الجمهور للحوار القائم بين شخصيات العمل، وكان يمكن الاستعاضة عن هذا العزف بموسيقى مسجلة ترافق العرض ويمكن التحكم بها بشكل أسهل، بحيث تخدم العمل وتضيف إليه، مشيداً في الوقت نفسه بالعمل الذي يراه متطورا للغاية ويحمل سمات مخرج جيد. وقال المخرج على شنشل إنه شاهد عملاً جيداً، وإن عانى بشكل كبير من أزمة في الإضاءة، والتي ليس للمشاهد علاقة بالأزمة التي تحدث عنها مخرج العمل بأنها خارجة على إرادته، ولكنه توقف أمام طاقات الممثلين المشاركين في العمل والتي يرى أنها طاقات ضخمة كان على المخرج توظيفها بصورة اكبر، معبراً عن تقديره للممثلة منار الغانم كممثلة رائعة ينتظرها مستقبل واعد. وأشادت كاملة العياد مدير إدارة المسرح بالكويت بالعمل الذي رأته متناغما ويدل على قدرات ضخمة يمتلكها الشباب المشارك في العمل وإيمان كبير بقيمته وهدفه وفكرته. من جانبه أكد حكم الهاشمي وكيل وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع المساعد ورئيس اللجنة العليا المشرفة على الدورة الثالثة عشرة من مهرجان المسرح الخليجي أن وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع تضع كافة إمكاناتها لإنجاح هذا الحدث الفني والثقافي الكبير، مشيراً إلى أن المهرجان يمثل فرصة كبيرة للمسرحيين للاحتكاك وتبادل التجارب، وهناك فرصة كبيرة للاستفادة بالجلسات النقدية موضحاً إلى ضرورة استمراره، حيث أنه أظهر أجيالاً من الشباب والنجوم، على مستوى الخليج معتبراً الأمر مؤشراً على تصاعد مسيرة المهرجان ونجاحه. تكريم من جانب آخر نظمت اللجنة العليا المشرفة على مهرجان المسرح الخليجي في دورته الثالثة عشرة ندوة فكرية للمكرمين الستة من دول مجلس التعاون الخليجي أدارها الفنان أحمد الجسمي وشارك فيها المكرمون وهم الفنان محمد فراشة من الإمارات، والفنان عبدالله وليد من البحرين والفنان علي ابراهيم من السعودية والفنان محمد نور من سلطنة عمان والفنان ابراهيم محمد من قطر والفنان جاسم النبهان من الكويت.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©