الثلاثاء 14 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السودان والأزمة المالية

1 نوفمبر 2008 03:15
تراجعت نبرة الطمأنينة التي أبداها الدكتور عوض الجاز وزير المالية والاقتصاد في الأسبوع الماضي، حين أكّد أن السودان لن يتأثر كثيراً بالأزمة المالية العالمية، لأن المقاطعة الاقتصادية الأميركية المفروضة عليه نأت به عن ذلك، وقال: ''رب ضارة نافعة''· وفي هذا الأسبوع وبعد أن اتضحت تداعيات الزلزال المالي العالمي، اعترف الوزير بأن السودان لن يسلم من آثار تلك الأزمة لاسيما فيما يتعلق بصادراته، وأولها وأهمها النفط الذي يمثل الركن الأساسي للدخل القومي من العملات الأجنبية· لقد بلغت حصيلة السودان من بيع النفط في يوليو الماضي نحو 863 مليون دولار، تقسم بين الشمال والجنوب، ويكون نصيب الشمال هو 481 مليون ونصيب الجنوب (381 مليون دولار)، وتدنت هذه الحصيلة في الشهر التالي (أغسطس) فكانت 778 مليون دولار، منها 407 ملايين للشمال و370 مليوناً للجنوب، ومع الانخفاض المتوالي في أسعار النفط العالمية فإن هذا المبلغ مرشح للانخفاض إلى النصف أو ما يقارب ذلك· إن السودان كله سيتأثر تأثراً مباشراً بانخفاض أسعار النفط، لكن الجنوب سيكون هو الخاسر الأول، لأنه ما زال يعتمد على نصيبه من النفط لتغطية ميزانيته السنوية بنسبة 97%· واستشعاراً لأبعاد الأزمة وآثارها، فقد دعا مجلس الوزراء السوداني لندوة شارك فيها كبار الاقتصاديين والعاملين في شؤون المال، وذلك في محاولة لبلورة خطة لاستغلال الموارد المتاحة لمواجهة التدهور في سعر البترول· وفي هذه الندوة تحدث وزير المالية السوداني فقال: إن الأزمة العالمية ضربت مفاصل الاقتصاد الربوي، مبيناً أن السودان له حماية لأنه يعتمد على النظرية الإسلامية، وعاد فقال إلا أن الأزمة ستؤثر على كل العالم، والسودان جزء منه· أمّا عن الحلول التي يراها الوزير فهي أن يبدل السودان الاستيراد بالصادرات والاجتهاد في جذب رؤوس الأموال للسودان· وأكد مشاركون آخرون ضرورة إعادة النظر في هيكلة النظام المالي، كذلك نادى آخرون بأهمية السعي لإنهاء المقاطعة الاقتصادية الأميركية الأوروبية ومعالجة أمر ديون السودان الخارجية التي تقدر الآن بأكثر من 31 مليار دولار· كذلك أوضح بعض المشاركين في هذه الندوة أن العون الأجنبي للسودان انخفض خلال الحكم الحالي بنسبة 90%، وذكروا أن المملكة العربية السعودية تأتي في مقدمة الدول الأكثر عوناً للسودان في مجال القروض والمنح· وإذا عدنا للواقع، بعيداً عن ما تقوله أو تروج له الحكومة، فإننا نجد أن الاعتماد على صادرات البترول أصبح شبه كلي، وأن مصادر الدخل الأخرى في السودان، مثل إنتاج القطن وتصديره أو إنتاج السمسم وتصديره، وكذلك الصمغ والحبوب الزيتية مثل الفول السوداني وغيره··· كل هذه واجهت -وما زالت تواجه- إهمالاً واضحاً حتى تدنت حصيلة صادراتها إلى مستوى لم يعرفه السودان من قبل· ومن يراجع ميزانيات الحكومة خلال السنوات العشر الأخيرة يجد بوضوح أنه بدل الإنفاق على الزراعة وتطويرها لتكون عوناً للبترول وقاعدة حماية للاقتصاد السوداني، فإن الإنفاق يتجه بنسبة عالية على شؤون الأمن المدني والعسكري، أي أن حماية النظام السياسي القائم تجيء في المقدمة بدل دعم الاقتصاد وحمايته من الأخطار التي تضاعفت الآن بانخفاض سعر البترول· محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©