الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علماء الدين: الطاعنون في السُّنة النبوية جنود جيش الباطل

علماء الدين: الطاعنون في السُّنة النبوية جنود جيش الباطل
22 يوليو 2010 21:36
كتاب جديد يطالب بإلغاء كتب الأحاديث والتفاسير القديمة ويتهمها بالترويج للإسرائيليات ومخالفة القرآن الكريم، ودعوى قضائية تطالب الأزهر بالإسراع في تنقية صحيح البخاري من الأحاديث الضعيفة والموضوعة ويدعي صاحبها أن علماء الدين يقدسون كتب الحديث كما قدس بنو إسرائيل العجل. وعلماء الأزهر ردوا على هؤلاء، مؤكدين على أن صحيح البخاري هو أصح كتاب بعد كتاب الله، وأعلن مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر تأسيس مركز جديد للدفاع عن السنة النبوية، محذرا من تعرض السنة المطهرة والأحاديث النبوية الشريف لهجمة تستهدف التشكيك بها تحت ذريعة الاجتهاد وتنقيح وتنقية كتب الأحاديث النبوية، متهمين شخصيات ووسائل إعلامية مغرضة بفتح المجال أمام المشككين في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم. البداية كانت بدعوى قضائية أقامها أحد المحامين يطالب فيها الأزهر بتنقيح صحيح البخاري وتنقيته من الأحاديث غير الصحيحة، التي وصفها بأنها تطعن في القرآن الكريم، زاعما أن لديه الدليل على أن صحيح البخاري يحتوي على أحاديث غير منطقية وأرقامها مسجلة، ومنها أن سورتي المعوذتين ليستا من القرآن. ويصف صاحب الدعوى القضائية، رد علماء الأزهر على طعنه في صحيح البخاري بأنه نوع من المغالطات ومحاولة للدفاع عن النفس بالباطل، وهذا من سمات الذين يدافعون بالتعميم واستغلال بساطة الشعوب. وقال إن الادعاء أن “البخاري” أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى ولا يوجد به حديث واحد ضعيف، جانبه الصواب وأنه يريد تصحيح عقيدة المسلمين من سفه بعض تراث الأقدمين وليس كل التراث، مؤكدا أنه مستعد لمناظرة أي من علماء الأزهر حول هذا الموضوع. “أحاديث التي لا تلزم” وإذا كانت هذه المبادرة قد واجهت هجوما شديدا من علماء الأزهر، فإنها تلقى قبولا بين عدد من المفكرين من أبرزهم المفكر الإسلامي جمال البنا صاحب الكتاب المثير للجدل “تجريد البخاري ومسلم من الأحاديث التي لا تلزم”، والذي أثار ضجة كبيرة فور صدوره بعدما شكك في صحة 653 حديثا في الصحيحين اللذين يعدان أصح كتابين عند المسلمين بعد القرآن الكريم، حيث أعلن البنا تضامنه مع تلك الدعوة التي تطالب “بتنقيح صحيح البخاري وتنقيته من الأحاديث غير الصحيحة”. ويقول جمال البنا: الإحجام عن القيام بأي تنقية خاصة إذا مست الصحيحين “البخاري ومسلم” لا يعود إلى العجز ولكن إلى الخوف، والأحاديث المذكورة غير ملزمة لأحد، ولا يمكن للأحاديث تفسير القرآن أو تحديد أسباب نزول أو ادعاء النسخ، لأن القرآن قطعي الثبوت ولا يمكن لأحاديث حتى لو كانت صحيحة أن تدعي أن هذه الآية منسوخة أو أن تبين سبب نزولها، لأن الحديث أقل في درجة ثبوته من القرآن، ودرجة منزلته أقل من القرآن، ويجب على عقلاء الأمة الإسلامية إلغاء كتب الأحاديث والتفاسير القديمة لا غربلتها من الإسرائيليات والموضوعات والأحاديث المدسوسة، ففي تنقية تلك الأحاديث والتفاسير مضيعة للوقت والجهد، والله تعالى أعطانا العقل وأمرنا بإعماله‏، فعلينا إذن أن نفسر القرآن بما يهتدي إليه عقلنا وما يطمئن إليه قلبنا وما علينا بعد هذا من حرج‏، وكل مسلم قلبه سليم وعقله رشيد يمكن أن يفسر القرآن ومن لا يفهم فهو ليس مكلفا بأن يكون مفسرا لكل ما جاء في القرآن من الفاتحة حتى قل أعوذ برب الناس. رد الأزهر ورد الأزهر على تلك الدعوات بسرعة، حيث قرر مجمع البحوث الإسلامية إنشاء مركز متخصص للسنة والسيرة النبوية، والذي سبق أن صدر له القرار الجمهوري منذ 17 عاما، ولم يتم إنشاؤه، على أن يكون الأزهر هو المسؤول الأوحد عن الحديث والسيرة النبوية. وأوضح الشيخ علي عبدالباقي -أمين عام المجمع- أن من مهام المركز بحث كل الأمور السائدة في الفضائيات ووسائل الإعلام المختلفة من المشككين في السنة والسيرة والرد عليهم ردا علميا، وقال إن الأزهر يولي أهمية كبيرة لهذا المركز في الرد على الشبهات والطعون الموجهة إلى السنة النبوية المصدر الثاني للتشريع الإسلامي ويعد أي تشكيك فيها تشكيكا في الإسلام وعلى رأس أولويات هذا المركز تفنيد الحملات المغرضة التي تطعن في السنة النبوية التي يثيرها القرآنيون المشككون في السنة والسيرة عبر وسائل الإعلام والفضائيات. إثارة الشكوك أما الداعية الإسلامي الشيخ خالد الجندي، فيتهم المطالبين بتنقية البخاري، بأنهم يسعون إلى إثارة الشكوك حول الأحاديث النبوية. وقال: هؤلاء لا علم لهم ولا دراية بعلم الحديث، ونحن الآن بصدد تحريك دعوة قضائية ضد المحامي صاحب مطلب تنقية البخاري. ووصف الجندي ما ذكره هذا المحامي من “أن الناس يقدسون البخاري كأنهم يقدسون عجل بني إسرائيل”، بأنه إهانة كبيرة لا يمكن السكوت عليها. أما الدكتور أحمد عمر هاشم - أستاذ علم الحديث ورئيس اللجنة الدينية بالبرلمان المصري- فقد وصف هذه الدعوى ورأي جمال البنا بـالشطحات. ويرى أن البخاري أصح كتاب بعد كتاب الله ولا يوجد به حديث واحد ضعيف، ومن يقول غير ذلك فهو لم يفهم معنى الحديث، وكتاب البخاري تلقته الأمة سلفا وخلفا بالقبول، وشُرح عدة شروح ولا يمكن لأحد أن يطعن على السنة النبوية بدليل قوله تعالى: “ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا”، ولذلك كانت السنة الشريفة المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعد القرآن الذي يحث على الأخذ بسنة الرسول، والقرآن نفسه يدحض هذا الكلام الذي يشكك في الأحاديث، فما آتانا به الرسول هو سنته المطهرة، ولا يُقبل إسلام من أنكرها وجحدها، بل إن موقفنا من السنة هو الذي يحدد موقفنا من الإسلام نفسه، فإذا قبلنا تعاليم الإسلام كما بسطها القرآن الكريم، وكما أوردها الرسول صلى الله عليه وسلم فيجب علينا أن نقبلها تامة غير منقوصة، ولا يجوز لنا أن نتردد في إتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم والاهتداء بهدية وسنته بعد أمر الله لنا في قرآنه الكريم حين قال تعالى:”إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون”، وقوله تعالى:”فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما” وقوله تعالى: “قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم، قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين”. وأكد أن المبررات التي استند عليها المشككون في صحة كتب الأحاديث وتحريم النبي صلى الله عليه وسلم لتدوين الأحاديث النبوية بأن التحريم كان بالنسبة لعامة الناس في الوقت الذي كان يوجد خاصة من الصحابة، اختصهم الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأذن لهم بأن يكتبوا سنته، ومنهم عبدالله بن عمر وعبدالله بن عمرو بن العاص وكانوا مختصين بكتابة الحديث، لدرجة أن عبدالله بن عمرو كان يكتب كل ما يسمع عن الرسول صلى الله عليه سلم، وعندما أخبر عبدالله النبي قائلاً: “أكتب كل ما أسمع؟ لقد نهاني الناس، وقالوا لي: أتكتب كل ما تسمع من رسول الله في الرضا والغضب، ورسول الله بشر” شجعه الرسول قائلا “اكتب يا عبد الله، فو الذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق” وأشار إلى فمه الشريف. وأضاف أن القول بأن السنة لم تكتب في عهد الرسول، ادعاء باطل لا أساس له من الصحة لا شكلا ولا موضوعا ولا سند من التاريخ، فقد كان يوجد كُتّاب اختصهم الرسول وطلب منهم أن يكتبوا الحديث، وما كتبوه يوازي الصحيح من الحديث الذي دون في العصر الذهبي لتدوين الحديث، ولدينا ما يثبت من وثائق تاريخية موجودة حتى الآن بأن السنة كتبت في عهد الرسول كتابة خاصة، وتزامن تدوين السنة وكتابتها في العهد النبوي مع حفظها في الصدور، ثم كان التدوين الرسمي حين أذن للعامة أن يدونوها بعد المئة الأولى في عهد الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز، حيث بداية التدوين الرسمي العام، وبعدها كانت كتابة السنة على مراحل متعددة في عهد الإمام مالك، ثم في عهد الإمام أحمد بن حنبل الذي جمع 40 ألف حديث، ثم البخاري الذي دون الحديث الصحيح فقط، وقال: اخترت هذه الأحاديث من 600 ألف حديث، وما وضعت حديثا إلا بعد أن استخرت الله وتيقنت صحته وجعلته حجة بيني وبين الله. ولعل أهم كتب الحديث عندنا موطأ مالك، وصحيح البخاري وصحيح مسلم، وقد جعل العلماء أعلى المراتب الحديث الصحيح، ونصيحتنا لكل من يتكلم هكذا أن يعلم أن هذا العلم له قواعده وأسسه، وأنه لا يجوز لأحد أن يقول هذا حديث صحيح، أو ضعيف، لمجرد خيال، أو شبهة عقلية ذاتية. ثابت الأركان ويؤكد الدكتور أحمد عمر هاشم أن السنة النبوية بمثابة كيان قوي ثابت الأركان غير قابل للتشكيك ورغم تعدد أوجه الطعن فيها على مدى التاريخ الإسلامي الطويل، إلا أن هذا لم ينل من مكانتها ومنزلتها في نفوس المسلمين باعتبارها المصدر الثاني للتشريع الإسلامي وقد ساهمت بشكل كبير في صياغة الفقه الإسلامي فيما يتعلق بالكثير من مسائل العبادات والمعاملات، والتي تمثل محور حياة الإنسان في كل زمان ومكان، وكانت دائما موضوعا جوهريا لمئات وعشرات الأبحاث والدراسات التي ساهمت في تنقيتها وتصحيحها وبيان الضعيف منها والقوي الدلالة حتى وصلت إلينا في صورة علم متكامل الأجزاء والأركان يصل إلى درجة اليقين، ومن ثم فإن الأساس الذي يستند إليه هؤلاء المغرضون الذين يتمسحون بالقرآن وهو بريء منهم باطل ومردود عليه ولا صحة له على الإطلاق. السنة وحي من الله بلفظ محمد أكد الدكتور نصر فريد واصل -مفتي مصر الأسبق وأستاذ أصول الفقه بجامعة الأزهر- أن هؤلاء غير متخصصين في أمور الدين، فكيف نعتد بما يقولون؟ وأضاف: الرسول صلى الله عليه وسلم قال حدثوا عني ولو حرفا، والآيات القرآنية جاءت إجمالاً وتفصيلا، فجاءت الأحاديث الشريفة توضيحا وشرحا، والرسول ما نطق عن الهوى، فالسنة هي وحي من الله ولكن بلفظ محمد، أما القول بأن المحدثين أقحموا المئات من الأحاديث عن إسرائيليات لا أصل لها، فذلك معروف منذ القدم، وأصحاب تلك الدعاوى المغرضة لم يأتوا بجديد، ونستطيع بواسطة قواعد علم الحديث التفرقة بين الأحاديث الصحيحة والإسرائيليات. وأشار إلى أنه قد سبق أن جرت محاولات مشبوهة من بعض المتآمرين على الإسلام في عهوده الأولى للطعن في السنة وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء المنكرين للسنة فقال: “يوشك أن يتكئ رجل شبعان على أريكته يقول بيننا وبينكم كتاب الله، إلا إني أوتيت القرآن ومثله معه”، ومن هنا فإن دعوة الذين يزعمون كذبا وبهتانا أنهم قرآنيون ليست بالجديدة فهي قديمة ودائما وأبدا يقف وراءها أعداء الإسلام الذين يروجون لأفكار تنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة وتشكك فيما هو ثابت دينيا وتاريخيا، وكثيرا ما استغلتها المنظمات المعادية لضرب الإسلام والتشكيك في سماويته وقرآنه وسنة رسوله لنشر هذا الفكر الضال، ولكننا لا نخاف على السنة، فإن لها ربا يحميها ويحافظ عليها وقد تعهد بهذا في قوله عز وجل: “إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون”، فهذا الوعد الإلهي يشمل القرآن والسنة النبوية الشريفة الشارحة والمكملة له.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©