السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العنف الطائفي: تحدي اللحظة في مصر

11 مايو 2011 23:15
تشير الصدامات التي وقعت في حي إمبابة في القاهرة بين مسلمين ومسيحيين، والتي أسفرت عن مصرع 12 شخصاً على الأقل وإصابة العشرات، إلى أن الاحتقان الطائفي قد استمر في التفاقم منذ الانتفاضة الناجحة التي أطاحت بنظام مبارك من السلطة. والعنف في هذا الحي الشعبي الشهير الذي كان قد أُعلن في تسعينيات القرن الماضي، عن "تحريره" من الدولة المصرية من قبل المتطرفين الإسلاميين، يكشف عن الدور المتزايد الذي يلعبه السلفيون وهم فئة إسلامية صغيرة ومتشددة في إذكاء فتيل التوترات الطائفية. والتيار السلفي كان قد تم قمعه تحت حكم مبارك بيد أنه يمارس دوره الآن مستفيداً من المناخ الجديد الأكثر انفتاحاً السائد في البلاد منذ سقوط النظام السابق. وفي صبيحة يوم الأحد استمعت إلى قصص مختلفة عما دار في اليوم السابق، وذلك عندما قمت بجولة في شوارع الحي الضيقة الملتوية. ومن المعروف أن حي إمبابة الفقير يقع على الضفة الغربية للنيل، وأن غالبية سكانه من المسلمين، ولكن يوجد فيه عدد لا بأس به من المسيحيين الذين يشكلون 10 في المئة من إجمالي السكان. وعقب الأحداث التي وقعت هناك يوم السبت الماضي، وصلت قوات كبيرة من الجيش والشرطة إلى الحي وفرضت حظر التجول، ومنعت الدخول إلى المنطقة التي بدأ عندها العنف. ويقول سكان المنطقة من المسيحيين إن الأحداث قد بدأت عندما تجمع عشرات من السلفيين الغاضبين المسلحين بالبنادق وزجاجات "المولوتوف" أمام الكنيسة احتجاجاً على ما يقولون إنه اختطاف من قبل الكنيسة لفتاة مسيحية كانت قد تحولت إلى الإسلام، قبل أن يقوموا بعد ذلك بإضرام النار في كنيسة العذراء ماري في المنطقة، وبناية يسكنها مسيحيون، ومحل يمتلكه مسيحي كذلك. ولكن المسلمين في المنطقة يقولون إن المسيحيين كانوا هم أيضاً مسلحين، وأنهم هم الذين بدأوا الهجوم عليهم. وقال ضابط جيش كان يشرف على حراسة المنطقة إنه عندما وصل مع قواته إلى المنطقة يوم السبت الماضي لم يكن هناك سلفيون وإنما مجموعتان من السكان تتقاتلان، وإن هناك أسلحة نارية أطلقت من داخل الكنيسة، وإن المعارك بين الطرفين قد استمرت مشتعلة من الساعة الثامنة والنصف مساء وحتى وقت مبكر من صباح اليوم التالي. وقال "حسام بهجت" الذي يدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وهي مجموعة قامت بتوثيق الهجمات الطائفية لسنوات عديدة، إن المحاولة التي قام بها السلفيون لاقتحام الكنيسة لتحرير الفتاة الأسيرة -كما ادعوا- كانت "غير مسبوقة". وقال حسام أيضاً إن الشيء المزعج هو أن المسيحيين من جانبهم قد لجأوا إلى استخدام العنف استجابة للهجوم، وإن ذلك يأتي في إطار الشعور السائد حاليّاً في أوساط المسيحيين بضرورة استخدام القوة لحماية أنفسهم من الهجمات التي تقع عليهم طالما أن الدولة ما زالت غير قادرة على حمايتهم. وأضاف "بهجت": "ولعل ذلك هو سر الاستجابة القوية هذه المرة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومجلس الوزراء على حد سواء... فعلى ما يبدو أنهما قد أدركا أخيراً أن الأولوية القصوى فيما يتعلق بالعنف الطائفي هي حماية الأفراد، والمجتمعات وأماكن العبادة". وأكد بيان صادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون الحكم في مصر أنه قد تم القبض على 190 شخصاً من المشاركين في الأحداث التي وقعت، وسيقدمون إلى محاكم عسكرية "حتى يكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه العبث بمقدرات الوطن وأمنه" كما جاء في البيان. وفي غضون ذلك، أجل رئيس الوزراء عصام شرف رحلة كان مقرراً أن يقوم بها لدولتين من دول الخليج وعُقد اجتماع طارئ لمجلس الوزراء، لبحث تداعيات الموقف. كما أعلن وزير العدل المصري أن مصر "ستضرب بيد من حديد هؤلاء الذين يحاولون العبث بأمن الوطن". ومن المعروف أن قضايا تحول الفتيات من المسيحية إلى الإسلام والادعاء باختطافهن من قبل الكنيسة كانت سبباً من أسباب تأجيج التوتر الطائفي في مصر لسنوات عديدة. ففي العام الماضي، كانت هناك قضية "كاميليا شحاتة" وهي زوجة كاهن قبطي اختفت لعدة أيام، كما يقال، وادعى المسلمون أن الكنيسة قد اختطفتها، عندما حاولت التحول للإسلام. وحتى ما قبل وقوع الأحداث الأخيرة دأب السلفيون على تنظيم احتجاجات مطالبين بالإفراج عنها. وقد انتقل التوتر الذي أثارته هذه القصة إلى العراق، حيث شنت مجموعة مرتبطة بتنظيم "القاعدة" هجوماً على كنيسة عراقية مما أسفر عن مصرع العشرات من المصلين. ولم تكتف تلك المجموعة بذلك بل طالبت بشن هجوم على كنائس المسيحيين في مصر، وهو ما تم فعلاً عندما شن هجوم على كنيسة في الإسكندرية في الأول من يناير الماضي، وذلك من خلال قيام انتحاري -على ما يفترض- بتفجير نفسه في الكنيسة مما أسفر عن مصرع ما يزيد عن 20 مسيحيّاً. ولم تدع مجموعة معينة مسؤوليتها عن شن هذا الهجوم، كما لم يُعرف ما إذا كان مرتبطاً بقضية "كاميليا شحاتة" أم لا. يشار إلى أن نظام مبارك قد ظل يرفض إضفاء بعد طائفي على الصدامات التي كانت تقع بين المسلمين والمسيحيين وكان يعمد دائماً إلى آلية الصلح المفروض لحلها بدلاً من تحويل المسؤولين عنها إلى العدالة. كريستين شيك - القاهرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©