الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نيجيريا بين النمو الاقتصادي والانفلات الأمني

نيجيريا بين النمو الاقتصادي والانفلات الأمني
21 مايو 2014 23:17
لورن بون وتشيكا أودوا تشيبوك، نيجيريا الطريق إلى «تشيبوك» يخيم عليه صمت رهيب وتتخلله نقاط تفتيش يشرف عليها مدنيون، العديد منهم مراهقون يحملون بنادق صدئة ويسعون لتوفير أمن إضافي لمنطقة تمتلك القليل أو لا شيء. في هذه البلدة الواقعة شمال شرق نيجيريا، حيث خُطفت أكثر من 300 تلميذة مراهقة من قبل مجموعة «بوكو حرام» الانفصالية الإسلامية المتطرفة في الرابع عشر من أبريل، ما زالت عائلات الفتيات المصدومة تنتظر عودتهن. «لوان زانا» مازال ينتظر ابنته عائشة البالغة 18 عاماً، إذ يقول «كيف أستطيع أن أنام؟ إن الغضب يقض مضجعي». ويقول إنه بعد اختطاف الفتيات بحث رفقة آباء آخرين في غابة سامبيسا المجاورة عن أطفالهم، ولكنه عاد خاوي الوفاض. وبينما كان يتحدث، كانت أخت عائشة، هاوا، تقف صامتة. كانت الفتاتان تتقاسمان غرفة نوم صغيرة وكل شيء آخر تقريباً. أكثر من 750 شخصاً ماتوا هذا العام وحده في هجمات «بوكو حرام»؛ وفي فبراير الماضي، قُتل 29 فتى على الأقل في غارة على مدرستهم. ولكن هذه المرة أثار فشل الحكومة في إنقاذ الفتيات، وفي معالجة هذه المشكلة، حفيظة النيجيريين، وكذلك كثير من الناس عبر العالم. خلال هذه الأزمة، استضاف المنتدى الاقتصادي العالمي حول أفريقيا اجتماع قمة على مدى ثلاثة أيام، من السابع إلى التاسع من مايو، حيث قدم نحو ألف مندوب من مختلف بلدان العالم ومن النخبة النيجيرية إلى العاصمة النيجيرية أبوجا قصد مناقشة النمو والتنمية الاقتصادية. وبينما كانت الوفود تتباحث داخل الأجنحة الفندقية المكيفة بعيداً عن الواقع الساخن لشوارع أبوجا، قامت الحكومة بنشر 6 آلاف ضابط أمن من أجل هذا الحدث – الأمر الذي أثار سخرية وحسرة العديد من النيجيريين الذين قالوا إن الحكومة ما كانت لتفعل ذلك أبداً من أجل حماية النيجيريين العاديين أو استعادة تلميذات «تشيبوك». كانت المدينة هادئة ساكنة وكان ضباط شرطة ببذلاتهم الزرقاء متحلقين حول أجهزة راديو وضعت على المقاعد الخشبية ورفع مستوى صوتها إلى حده الأقصى، يستمعون إلى أصوات تلعن مجموعة «بوكو حرام» وتسبها. «إننا لا نعرف من هم هؤلاء الأشخاص أو ما يريدونه بالضبط»، يقول متصل على محطة الأخبار النيجيرية، «يقولون إنهم يرغبون في فرض الشريعة الإسلامية، ولكن نيجيريا ليست دولة إسلامية! ليعاقبهم الله!». وقال رجل من ضباط الأمن وهو يحمل في يده حبة مانجو: «أجل، ليعاقبهم الله!»، فأومأ من حوله رؤوسهم تأييدا واتفاقا. المواطنون النيجيريون يكافحون من أجل العيش في هذه الدولة السريالية التي تكثر فيها التناقضات، وتغرق في الفساد، وتتعرض للهجمات على أيدي حركة تمرد إسلامية، ولكنها تحفل في الوقت نفسه بالإمكانيات ويُشاد بها باعتبارها محركاً اقتصادياً للقارة الأفريقية. فبعدد سكان يناهز 170 مليون نسمة، تعتبر نيجيريا أكبر بلد في أفريقيا من حيث عدد السكان وأكبر منتج للنفط فيه. وقد تجاوز اقتصادها اقتصاد جنوب أفريقيا باعتباره الأكبر في القارة. ولكن النمو لم يزد التفاوت الاقتصادي إلا قوة وتفاقما، والنشاط الاقتصادي تباطأ كثيراً في المناطق التي أرغم فيها إرهاب «بوكو حرام» المزارعين على التخلي عن حقولهم، بينما غادر الشباب الذين وجدوا الآفاق الاقتصادية مسدودة في وجوههم إلى المدن. وعدد الفقراء في نيجيريا اليوم أكبر مما كان عليه إبان استقلال البلاد في 1960، حيث يعيش أكثر من 60 في المئة من السكان دون خط الفقر. خلال الثلاثة أسابيع الماضية، سافرنا عبر البلاد لإعداد تقارير صحفية حول بطالة الشباب، وهو موضوع تتجاهله الحكومة باستمرار وتستغله «بوكو حرام». وقال «تايو أولوفووا»، وهو مقاول عمره 23 عاماً من موشن، الذي يعد أحد أفقر أحياء لاجوس: «إن عملية الاختطاف ليست سوى قمة جبل الجليد». «أولوفووا» أنشأ شركة للبحث عن الوظائف عبر الإنترنت؛ وعندما كنا نقوم بتصويره قبل أسبوعين وهو يمشي في الشوارع القديمة التي عاش فيها طفولته من أجل تقرير صحفي أوقفنا رجال شرطة بزي مدني لأربع ساعات، وصادروا أوراق اعتمادنا ومعداتنا، ثم أخبرونا بأنهم يريدون حمايتنا من «بوكو حرام» وتهديدات أمنية أخرى، ولكنهم سعوا جاهدين لاستخلاص رشوة، من سائقنا. وقال «أولوفووا» بعد ذلك وقد أخذ منه الغضب مأخذاً: «إننا بلد ينام وإحدى عينيه مفتوحة». وهي عبارة كثيراً ما يستعملها النيجيريون المحبَطون وغير المتفاجئين من إجراءات وتقارير متضاربة من حكومة أصبحوا لا يثقون فيها. ففي مارس الماضي، لقي 16 شخصاً على الأقل حتفهم في تدافع عندما تقدم قرابة نصف مليون شخص بطلبات لشغل أقل من 5 آلاف وظيفة حكومية. فريديريك كوسومبوا، 30 عاماً، انضم بغير قليل من الحماس إلى آلاف الباحثين عن وظيفة في الملعب الوطني في أبوجا، وهو أحد المواقع التي خصصت لتقديم الطلبات، فقط ليرى الناس يتسلقون بعضهم بعضا محاولين الظفر باستمارة التسجيل. ويقول: «سألتُ نفسي ببساطة: ما الذي حل ببلدي؟». أما وزير الداخلية، الذي أشرف مكتبه على عملية التوظيف، فقال إن الموتى «إنما فقدوا أرواحهم بسبب عدم صبرهم». في لاجوس، العاصمة الاقتصادية للبلاد، كان سائق سيارة الأجرة الأربعيني «أوييباجو أديكونل» يتصبب عرقاً بينما كان يقود سيارته خلال أوقات الذروة. وقال «أديكونل»، الذي تخرج من الجامعة، وفي حوزته شهادة في إدارة الأعمال، إنه لم يكن يخطر بباله أبدا أنه سيعمل سائقاً لسيارة أجرة يقود الناس إلى وجهاتهم، ويكد ويكافح من أجل جني ما يكفي من المال لإعالة أسرته المؤلفة من ستة أفراد. قاد سيارته قريباً من مجموعة من الأشخاص – واحدة من احتجاجات «أعيدوا لنا بناتنا» اليومية التي تنظم هنا، وعبر البلاد منذ أسابيع، وقال وهو يمسح العرق عن جبينه: «كنتُ أود أن أخرج وأقف مع المحتجات ولكن علي أن أعمل». وتابع يقول: «يبدو كما لو أن الحكومة تتعمد تعقيد الأمور وجعلها صعبة حتى نتعب جداً، ولا نفعل شيئاً بخصوص مثل هذه الأمور». قام بخفض زجاج سيارته حتى يصافح إحدى المتظاهرات، ثم انطلق مسرعاً للبحث عن زبون آخر. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©