السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تغيير المسار في العالم الإسلامي

2 نوفمبر 2008 01:41
صُدِمْت لدى تغطيتي تطورات الأسابيع الأخيرة في باكستان بعدد الباكستانيين الذين يلقون باللائمة على الولايات المتحدة للتحول المزعج الذي يعاني منه بلدهم· أثناء وقوفهم داخل فندق الماريوت إسلام أباد المدمر في أواخر سبتمبر الماضي، احتفظ بعض الشهود بأكثر ملاحظاتهم مرارة ليس للمفجّرين الانتحاريين وإنما لواشنطن· وقلّة هم الذين يصدقون نظرية المؤامرة الخيالية بأن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية كانت وراء عملية التفجير، حتى تبرر المزيد من الغارات داخل باكستان، حسب ادعائهم، إلا أن عدداً أكبر رأى التفجير على أنه رد من ''طالبان'' على هذه الغارات· لذا وحسب هذا المنطق، فقد دفع الباكستانيون مرة أخرى ثمن الأعمال الأميركية التي لا علاقة لها بمصالحهم· وكانوا غاضبين بينما يزداد النزاع العسكري في المناطق القبلية بشدة، وهم يشاهدون بلدهم ينحدر إلى هاوية حرب يعتقدون أنها من صنع أميركا· ويُظهِر الوضع في باكستان الجبل الذي يتوجب على الرئيس الأميركي القادم تسلقه في العالم الإسلامي، ففي انتظاره مهمة لا تقتصر على محاربة الإرهابيين وإنما تتطلب كذلك استعادة جزء أكبر بكثير من السكان الذين ينظرون إلى الولايات المتحدة على أنها تهديد أكثر خطراً ربما حتى من الإرهابيين· وليس سراً أن هنالك من المسلمين من يعتقدون وجود مؤامرة غريبة كبيرة ضد الإسلام، تقودها أميركا، تعكف على معاقبة المسلمين على هجمات الحادي عشر من سبتمبر ·2001 ويعتبر هؤلاء حربي العراق وأفغانستان أبرز مثالين على ذلك· وتذكر أيضاً ممارسات أبو غريب وغوانتانامو وسواها إثباتاً على ذلك· وبالنسبة للعديد من المسلمين فإن السياسة الأميركية تثير الغضب· وهكذا أسمع عن هذا الغضب حتى من أناس نتوقع منهم أن يكونوا حلفاء لنا· ففي العراق بعد خمس سنوات من جمع أشلاء ضحايا الحرب، أصبح رجل الشارع العادي يلوم أميركا الآن على فشلها في تحقيق الدولة التي كان يصبو إليها والتي وعدته بها· وهو يصل أحياناً مرحلة الشك بأن الولايات المتحدة خططت للعنف بهدف تبرير وجود عسكري طويل الأمد· وبالنسبة له، فإن موت عشرات الألوف من العراقيين شكّل ثمناً باهظاً دفعه أبناء وطنه· ولكن هناك تناقضاً في جذور معظم هذا الاستياء· فلدى المسلمين إعجاب بالنظام الأميركي· وتظهر الاستطلاعات وبشكل متواصل أن أولويات المسلمين تطابق أولوياتنا: الأسرة والفرص الاقتصادية وقيام نظام سياسي يستطيعون المشاركة فيه· إلا أن مكمن المفارقة هو أنهم يروننا اليوم على أننا نقف في طريق هذه القيم بدلاً من تشجيعها· وربما يحسن التذكير في هذا المقام بحدث وقع في أواخر الشهر الماضي حيث وقّع 34 زعيماً أميركياً، من الحكومة والأعمال والمؤسسات الأكاديمية، تقريراً ينادي بنوع جديد من الشراكة مع العالم الإسلامي· ويوصي التقرير، وعنوانه ''تغيير المسار'' بالمزيد من المشاركة الدبلوماسية، حتى مع الدول المناوئة، وبالاستثمار الاقتصادي في الدول الإسلامية، بهدف إيجاد فرص عمل للشباب المهمّشين وشجب التعذيب وإبداء التزام جديد بسلام إسرائيلي/ فلسطيني· والأهم من ذلك كله، يوصي التقرير بالدبلوماسية، وليس القوة العسكرية، كأداة أولية للتعامل مع العالم الإسلامي· ويعكس ذلك وعياً بجذور التذمر الأساسي الذي سمعته من المسلمين أكثر من مرة، بأنهم يعرفون أميركا، في معظم الحالات، عبر فوهة البندقية· ولأن من أهم أهدافنا في المنطقة، إبعاد الشباب المسلمين عن الانضمام إلى المجموعات المتطرفة وتشجيع الإصلاح السياسي ومحاربة ''طالبان'' في الباكستان، وكلها أهداف مستحيلة التحقيق في غياب الدعم الداخلي· وعلى رغم وجود البعض في العالم الإسلامي، الذين لن يكونوا أصدقاء لنا في يوم من الأيام، والذين تعتبر القوة العسكرية ضرورية معهم، مثل زعماء ''القاعدة''، إلا أن غالبية المسلمين ليسوا من الأصوليين، وإن كانوا مازالوا مقتنعين بنوايا أميركا السيئة· ويستطيع هؤلاء أن يصبحوا أصدقاء لنا، ولكنهم يروننا الآن بمناظير غائمة يسيجها الشعور العميق بالتهديد المحدق وخيبة الأمل المريرة· جيم سكيتو مراسل شبكة ABC News ومؤلف كتاب: ضدنا: الوجه الجديد لأعداء أميركا في العالم الإسلامي ينشر بترتيب خاص مع خدمة كومون جراوند الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©